دائماً ما ننادي بأهمية احتواء هموم الشباب وتوفير كل ما من شأنه أن يرفههم ويثقفهم ويلبي حاجاتهم ويتجاوب مع طاقاتهم وفق أطر نظامية ومظلة مؤسسية. ذلك أن ترك الشباب للفراغ هو مظنة احتوائهم من قبل اصوات ناشزة أو قنوات فاسدة أو سلوكيات خاطئة.
ودون فلسفة زائدة، فإن أوقات الشباب إذا لم تملأ بما يعزز انتماءها لوطنها ولثقافته فإن المتوقع أن يحدث العكس فإننا اليوم نعيش عالماً دون شبابيك يمكن أن يُطل الشاب من خلالها على كل شيء أو أن تُطل عليه من كل جهة فلا مكان للانغلاق اليوم.
وهذا يؤكد أن كل فعالية وجهد ومشروع يوجه للشباب فهو في تقديري من اهم ما نقوم به اليوم.
ومن هذا الباب الاجتماعي أتقدم لكل من ساهم ويساهم في شغل فراغ شبابنا بما يفيدهم ويرفههم بكل تقدير واحترام في ارجاء مملكتنا الحبيبة.
ومن الفعاليات التي لاقت استحساناً في مدينة بريدة في متنزه الطرفية الشرقية، حيث كان الجميع ينتظر هذا التنظيم الرائد الذي جذب اعداداً كبيرة من الرجال والشباب والأطفال ويقف خلفه أمين المنطقة ونائبه والمشرف التنفيذي على مهرجان الربيع وجميع العاملين فيه، بارك الله في جهود الجميع.
أنا لست بصدد الحديث عن جمال وروعة وتنوع هذه الفعاليات، لكن الأهم في تقديري هو أن نواصل الاهتمام بشؤون الشباب ونهيئ لهم ما يعزز السلوكيات الايجابية لديهم.
دعوني أذكر لكم حدثاً يؤكد أهمية وأبعاد ما أشير إليه، فذات يوم خرجت بعد العشاء للمشي في حاراتنا وإذا بي أصادف زميلين من الجيران قد رفعا صوتيهما، فقلت: ما الأمر، قال: ألا ترى هؤلاء الشباب الذين أزعجونا في الجلوس على الرصيف في الحي، فقلت مستفهماً، وما الحل؟ قال أحدهم ننادي الشرطة لتطردهم!! فقلت حسنا!!، وأين يذهبون فقال بغضب (إلى قريح) وهذا مكان لا أدري أين هو!!
نحن بهذا التصرف لا نجني على الشباب فقط بأننا نهرناهم ولم نوجد لهم ما يستغلون به وقتهم بل خلقنا بينهم وبين الشرطة هوة وكرها حيث نريد من الشرطة أن تقوم بسلوك (لا معنى له)، لأن هذا المنع الذي يطلب منهم أن يمارسوه في غير محله، وإذا افترضنا أن هذا صحيح!.. فأين يذهب المطرودون من رحمة الخلق!!
إننا دائماً ما نجيد (المنع) ولا نجيد (العطاء)!! أين تلك البيئة المناسبة التي وفرناها للشباب حتى يتجهوا لها!!؟ إننا أحياناً نبرر تكاسلنا عن القيام بالمسؤولية بالزعل والغضب وذلك لا يمس الحقيقة بشيء!!
إن القاعدة الاجتماعية العلمية التي يجب أن نتأملها ونتذكرها دائماً في طبيعة السلوك الاجتماعي أن الناس يختارون أفضل خيار لهم حسب البيئة المتاحة لهم، وهؤلاء الشباب كمثال لم يجدوا إلا الرصيف ليكون مقراً لهم.
والسؤال والجواب معاً هنا هو أين البيئة التي تجعل الشباب يختارون أفضل الخيارات!!، إذا لم يكن موجوداً لديهم أو بالقرب منهم ما يعينهم على الاختيار الجيد، فماذا علهم يختارون!!؟
الشباب لديهم إمكانات وقدرات وطموحات وطاقات فأين يمارسونها وأين يفرغونها؟ سؤال لكل مسؤول.. وكلنا أنا وأنت كذلك!
لا أريد أن أطيل في تفريعات هذه القضية بالغة الأهمية، ولكن فعاليات الربيع في مدينة بريدة وفي محافظات القصيم عموماً وفي أرجاء المملكة تجعل الإنسان يسعد حينما يرى أن لدينا الكثير لتقديمه من شبابنا ولشبابنا فكثيراً ما نتحدث عنهم وقليلاً ما نتحدث لهم.. وبالله التوفيق.
(*)عميد خدمة المجتمع بجامعة القصيم |