Thursday 9th February,200612187العددالخميس 10 ,محرم 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الرأي"

فرسان الزمان!! فرسان الزمان!!
نادر بن سالم الكلباني

نسمع عن قصص بعض الفرسان في زمن لم نعيشه.. وتُقرأ لنا أبياتهم الشعرية التي تنم عن بطولاتهم وشدة بأسهم.. فيغرينا هذا أن نطلع على ما كان يفعله هؤلاء الفرسان ونكتشف أن ظروف زمانهم قد فرضت عليهم أن يكون البقاء فيها للقوي بسيفه وبذراعه أو بمجموعته وأن حياتهم وفروسيتهم كانت تتمحور على غزوات وحروب يشنونها على بعضهم البعض فيسلبون بها حلال قوم آخرين ويتغنون بسرقتهم له في مسلك لا يختلف عما يفعله قطاع الطرق في زماننا الحاضر.. لكننا نفهم ظروف وقتهم وما كان يسود عالمهم آنذاك من حاجة تتطلب لشح الموارد ما كانوا يفعلونه، فالبقاء في زمن مضى كان يفترض هذه الثقافة والسلوك المترتب عليها ويقوم أساساً على الغزو والسلب وقوة الذراع وأنه لكي يكبر مقامهم لا بد أن يصغر مقام غيرهم.
رغم تبدل الحال واختلاف الظروف والمسببات لا تزال ثقافة فرسان زمان تغلب على سلوك الكثيرين ممن يرون أن أخذ الأمور بقوة الذراع أو قوة المركز هي المقياس الحقيقي لرجولة هذا أو ذاك وأن غزو الآخرين مع تطور أساليب الغزو وتنوعها لسلب ما يملكونه أياً كان سمة الفرسان الذين لا يهابون ما يواجههم ويفعلون كل ما يتطلب لفرض هيبتهم.. هذه مشكلتنا في تمسك البعض بما ورد من مكارم السابقين ولمعرفة ما كنا فيه وما أصبحنا ولله الحمد عليه فيزداد تمسكهم بما أنعم الله علينا به من نعم.. غزوات كثيرة يشنها فرسان زماننا في سلب حقوق الآخرين الفكرية والمعنوية وفي سلب راحة الناس وخصوصياتهم وفي سرقة المحلات والتعدي بقوة السلاح على الآمنين وفي إثارة الفوضى والقلق في الحارات وفي الطرقات وفي الأسواق والمتنزهات وفي كل مكان تراهم دون خيولهم أو أفراسهم يتحينون الفرصة للقيام بغزواتهم متباهين بجراءة غبية غير مسؤولة فيسلبون من هذا طمأنينته ومن ذاك حريته ومن آخر حقه في لحظات أمان وينتهكون كل الأعراف ليخدعوا هذا في ماله أو في عمله وجهده وعطائه فينسبون ما ليس لهم إليهم ويكبرون في مقاماتهم على حساب ضعيف وقع ضحية غزواتهم أو تراهم إن صغر مقامهم يتسكعون في الطرقات فيكفي أن يترك الرجل سيارته لدقائق ليأتي أحد فرسان زماننا ويكسر نافذة السيارة ويستولي على الخفيف الثمين فيها.
فرسان زماننا لا يتصفون بما اتصف به فرسان الزمن الماضي من رجولة وصدق ومحافظة على العهود ومن ترفعهم عما يعيب في أعرافهم السائدة آنذاك وهم فئات ودرجات فيهم الكبير الذي تفسح له المجالس دون أن يعرف الناس أن ما أوصله لما هو فيه حملات مستعرة شنها على غيره فسلب منهم ما أراد حتى وصل لما هو فيه ولكن بتغير في الصورة من مظهر فارس ممتطي لصهوة جواده إلى فارس يمتطي صهوة نفاقه وتبليسه للحقائق والمفاهيم أو تحويره للمبادئ أو فارس ممتطي صهوة صلاحياته وحجم علاقاته وقربه من هذا أو ذاك، ومنهم الصغير الذي يعيش على متابعة البيوت وخلوها من أهلها ليشن حملاته ولكن وإن تباينت أدواتهم وطموحاتهم وما يسميهم الآخرون به إلا أنهم يتفقون على أن يكون السلب والغزو هو أساس حياتهم ومصدر رفعتهم ووسيلتهم لتحقيق غاياتهم حتى إذا سأل المستفيدون عنهم وعن أحوالهم تباهوا بهم وبأنه لا خوف عليهم فهم فرسان يستطيعون تدبر أمورهم.. الفرق أن فرسان الزمن الحالي لا يقولون شعراً يتغنون فيه بغزواتهم وحملاتهم المتكررة.. والله المستعان.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved