* الجزيرة - م. خالد السليمان:
تمكنت الخطوط الجوية السعودية منذ تأسيسها قبل ستين عاماً من تحقيق معدلات عالية في الأداء نتيجة للتطور الواضح في خدماتها وعملياتها التشغيلية عاماً بعد عام حتى أضحت أكثر ناقل جوي في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي.
ففي إحصائية 2005م للخطوط الجوية السعودية استطاعت من نقل 16 مليون مسافر داخلياً وخارجياً هذا الرقم الذي يعتبر الأعلى منذ تأسيسها بزيادة على العام الذي يسبقه بما يزيد على مليون مسافر.
ومنذ ما يقارب من عشر سنوات بدأت الخطوط الجوية السعودية بمشروع تخصيصها انطلاقاً من توجيهات خادم الحرمين الشريفين بتخصيص المؤسسات الوطنية واتخذت على إثر ذلك العديد من الإجراءات.
(الجزيرة) تطرح موضوع خصخصة الخطوط الجوية السعودية على عدد من المختصين والمهتمين من خلال عدد من الجوانب من أهمها جدوى خصخصة الخطوط الجوية السعودية وشكل الخصخصة والآلية المتوقعة وكذلك شركات الطيران وأثرها على القطاع وغير ذلك وبدون إطالة نترككم مع نص الاستطلاع.
بداية تحدث المهندس أسامة كردي عضو مجلس إدارة الخطوط الجوية السعودية حيث قال:
أعتقد أن توفر وسيلة نقل منخفضة التكاليف وتخدم قطاعات معنية هي مهمة جداً لقطاع النقل، مرت الولايات المتحدة الأمريكية في مرحلة إعادة تنظيم قطاع الطيران الجوي فيها منذ أكثر من عشرين سنة وأدى هذا إلى زيادة عدد المسافرين بمعنى أنه ليس بالضرورة أن تكون شركة الخطوط في دولة ما تخدم كل المدن بطائرات كبيرة ولكن يمكن أن يكون هناك شركات طيران صغيرة تخدم عدة مدن صغيرة بطائرات صغيرة وميزة هذه الخدمة أنها توفر سفراً رخيص التكاليف ولكن الأهم من ذلك تحدث سوقاً للشركات الأخرى إذا أصبح هناك منافسة على خط معين بين مدينتين فسيزيد عدد المسافرين ويفتح مجال أكبر لخطوط أخرى.
وعن خطوط الطيران الصغيرة علق المهندس كردي بقوله: أعتقد أن خطوط الطيران الصغيرة مهمة وضرورية وأثرها على القطاع هو زيادة حجم وعدد المسافرين باعتبار توفر وسيلة نقل عملية ومنخفضة التكاليف وأعتقد أن مكاتب السفر والسياحة لن تتأثر مباشرة في تخصيص الخطوط السعودية أو أي خطوط أخرى لكن أعتقد أن ما سيؤثر على وكالات السفر هو التوجه العالمي نحو بيع الخدمات المتعلقة بالنقل الجوي بواسطة الإنترنت ويتزايد اعتماد الخطوط الجوية العالمية على المبيعات على الإنترنت وإصدار بطاقات الصعود إلى الطائرات آلياً وتقديم مجموعة أخرى من الخدمات عن طريق الحاسب الآلي وبالتالي أعتقد أنها ستؤثر سلبياً بطبيعة الحال على وكالات السفر أما التخصيص في حد ذاته فأنا لا أتصور بأن يكون له تأثير سلبي على الوكالات السياحية.
كما توقع المهندس أسامة كردي بأن يزيد حجم مبيعات الوكالات عند تخصيص الخطوط السعودية لأنه عندما يتم تخصيص الخطوط السعودية أتوقع أن يكون هناك قفزة في عدد الركاب المسافرين وهذا تأثير إيجابي على الوكالات وأتوقع أن يتم الاعتماد بشكل أكبر على الوكالات مما يزيد نسبة المسافرين عن طريق الوكالات عن النسبة الحالية.
أما الأستاذ راشد بن عبدالله المقيط رئيس مجلس إدارة شركة الموسم للسفر والسياحة فعلق على موضوع خصخصة الخطوط الجوية حيث قال: قاربت مدة العشر سنوات منذ أن أعلن عن مشروع خصخصة الخطوط السعودية ودعيت إليها شركات وبنوك دولية كبرى للدخول في منافسة المساعدة في خصخصة هذه المنشأة المؤثرة في اقتصاد المملكة العربية السعودية وحتى هذا اليوم لم يعلن عما تم في هذا المجال بالفعل بالتفاصيل التي يتطلع إليها كل من له اهتمامات محدودة في حملة الخصخصة وإستراتيجيتها في المملكة بشكل عام وبخصخصة الخطوط السعودية بشكل خاص.
وقال المقيط: لا ينكر أحداً حجم الدور الذي لعبته وتلعبه الخطوط السعودية في حياة كل فرد منا وكل منشأة ولقد أنشأت الدولة هذه المرافق الضخمة في يوم لم يكن القطاع الخاص مهيئاً لإنشائها أو لإدارتها وظلت هذه الصروح تقدم هذه الخدمات بنسب متفاوتة في درجات الخدمة وتكلفة تشغيل غير مربوطة بربحية حيث لم يكن هذا الهدف من إنشائها وبالمقابل أعطيت لتلك المرافق الكثير من الامتيازات والحقوق الحصرية التي تحد كثيراً من المنافسة وتلغيها في أحيان كثيرة.
ومضى المقيط في حديثه إلى القول بأن وضع الخطوط السعودية النقل الداخلي حصري بالكامل والدولي مربوط باتفاقيات ثنائية صيغت بطريقة لا يمكن اختراقها، وفي حال عدم توفر الخدمة من قبل الخطوط السعودية تدفع شركات الطيران الأجنبية التي تستثمر في هذه الوجهة مبلغاً يُتفق عليه ويعتبر من ضمن مداخيل الخطوط السعودية وعادة ما تكون على شكل مبلغ يحصل من كل راكب ومنذ بداية الطفرة الاقتصادية الأولى وتحديداً بإعلان تنفيذ الخطة الخمسية الأولى في نهاية السبعينات وتوافد العمالة الأجنبية على البلاد للمساهمة في بناء البنية التحتية والطلب على السعة المقعدية لحركة الطيران في جميع الاتجاهات في تنام مطرد وفي المواسم وأيام الذروة خلال الأسبوع فإن الحالة تصل إلى حد الاختناق أدت هذه الظروف مجتمعة إلى ترهل الجهد التسويقي لدى المنشأة وكذلك يمكن أن يقاس عليها مستوى الخدمة كذلك ولا يحتاج المرء كثيراً من البحث للوصول إلى هذه الحقيقة.
وقال: ولقد كان الجمهور في حالة من الاستسلام حيث لا يوجد البديل إلا أنه وبمجرد أن بدأت قصص نجاح في المنطقة وبأوقات قياسية كما الحال في الخطوط الإماراتية وتبعها كل من القطرية والاتحاد حتى بدأ الناس بالمقارنة كيف يمكن لهذه الشركات أن تصل إلى ما وصلت إليه بدون كثافة سكانية تُذكر وبدون الإمكانيات المتاحة لشركة الخطوط السعودية أن تحقق كل هذا الإنجاز. هل الخصخصة هي الحل؟؟
وأشار بقوله: بالمقارنة بما ذكرنا فيجب أن نعلم أن الشركات الثلاث آنفاً ليست شركات خاصة وإنما هي مملوكة بالكامل للدولة، إن الخصخصة والأجواء المفتوحة لا يمكن معالجتها أو تطبيقها بشكل منفصل عن إستراتيجية متكاملة للدولة وأولوياتها ففي حالة دبي على سبيل المثال فالخطوط الإماراتية استخدمت لتغيير سياسات الأجواء airoplitiecs حتى تكون الداعمة لتشغيل أكبر مشروع عقاري في تاريخ البشرية ولقد ساهمت كل من حكومة دبي وناقلها الوطني ضمن خطة تسويقية لم يسبق لها مثيل من بيع المدينة للعالم بأسره أدى إلى تنامي الحركة بشكل مطرد في كل من حقلي الركاب والشحن ولو نظرنا إلى حالة أخرى وهي الحالة الأردنية فلقد كانت شركة عالية تُدار بنفس الطريقة التي تُدار بها الآن الخطوط السعودية مع فارق الحجم وعندما اتخذ القرار الإستراتيجي بخصخصتها أنشأت (الملكية للاستثمار) وانضوى تحتها كل الأنشطة الإضافية كالصيانة والخدمات الأرضية والتدريب والأسواق الحرة وتم التركيز في الشركة الجديدة على إدارة حركة الركاب والشحن فقط مما أدى إلى مزيد من الكفاءة وتحسن الأداء والربح للمرة الأولى في تاريخ الشركة تمهيداً لدفعها إلى السوق.
واختتم المقيط حديثه بالقول: وبذكر التجربة الأردنية لا يفوتنا أن ننوه ما أنجزته المملكة الأردنية الهاشمية في مجال الخصخصة فقد تفادت الأدرن عند وضع إستراتيجية التخصيص أن تترك لأي قطاع خصخصة نفسه حيث من البديهي أن تنشأ مقاومة داخلية من أية جهة لها مصلحة بإعاقة الخصخصة، وعليه فقد أنشأت له حقيبة وزارية للتخصيص على أن يكون دور العاملين في القطاع المستهدف على مستوى استشاري فقط عليه تمكنت الأردن من تخصيص العديد من مرافقها بيسر وسهولة ويسجل لها أنها كانت تضع بالحسبان الأثر الاجتماعي لتخصيص أي من المرافق ولذلك فإن عوائد بيع الأصول الحكومية تدار ضمن لوائح محددة ويصرف نسبة منها على تطوير الموارد البشرية وقد استطاعت الأردن أن توطن معرفة التخصيص وأن تعرض المساعدة أيضاً عمن يحتاجها من دول المنطقة.
أما الدكتور خليل بن عبدالفتاح كردي فيقول حول هذا الموضوع:
لست من الذين يرون أن هناك ضرورة ملحة للمضي في برنامج خصخصة (السعودية) بنسبة 100% ولا يعني ذلك عدم الموافقة أو المعارضة للفكرة.. وإنما أقول إننا نشغل البال كثيراً بموضوع تتجاذبه عدة عوامل ينبغي أخذها في الحسبان وتملي علينا التوجه بحذر نحو الهدف النهائي. فالفاعلية والكفاءة في الإدارة هي أهم المحددات - الأسباب التي تدعو إلى التخصيص (تخصيص أي شركة حكومية) الرفع من أدائها الإداري وبالتالي تقديم خدمات ومنتجات أفضل وربما بتكلفة أقل.
وهذا العامل أو المحدد لا خلاف عليه فكل الدراسات والتجارب تؤكد هذا، الأمر الآخر هو الاحتكار فيدعي المنادون أيضاً بالتخصيص أنها تؤدي إلى كسر احتكار الدولة لهذا القطاع.
وأشار الدكتور كردي بقوله: وفي رأيي أن نقل ملكية (السعودية) بالكامل للقطاع الأهلي لا يحقق هذا الغرض، فتملك ألف أو ألفين أو مائة ألف مساهم هذه الشركة لا يعني كسر الاحتكار ولا يؤدي إليه ما دام أن هذه (الشركة) تتمتع بحق امتياز وهي اللاعب الوحيد في ساحة النقل الجوي لا تتنافس معها فيه أي شركة أخرى.
وما الفرق عند طالب الخدمة (المستهلك) سواء ملكت هذه المؤسسة الدولة أو عدد من المستثمرين.. فهمُّه ينبغي أن ينصرف إلى حسن الخدمة بغض النظر عن نوعية الملكية وإنما الحل النهائي والسديد لمسألة الاحتكار هذا هي في فتح قطاع النقل الجوي للمنافسة وذلك بمنح الترخيص اللازم لمن أراد أن يستثمر في هذا القطاع. ولنتصور أن تكون في السوق السعودية مثلاً 5 شركات طيران تنافس (السعودية) بهذا نكون قد كسرنا الاحتكار وقدمنا لطالب الخدمة بدائل لوسيطة واحدة.
فهل يهتم عندها المستهلك بمن يملك أو يدير السعودية؟
الأمر الآخر الذي يراه الدكتور كردي هو قوله: ثم من يضمن أن بيع (السعودية) بالكامل في سوق المال لا يؤدي في النهاية إلى احتكار عدد قليل من المستثمرين لشريحة ضخمة من رأسمال (الشركة) تسيطر عليها وتديرها وفق معاييرها؟ ونكون بذلك استبدلنا احتكاراً عاماً باحتكار خاص!
وأضاف: إنه يمكن تحقيق مستوى متقدم من الكفاءة الإنتاجية في إدارة السعودية (وهذا من أهداف التخصيص) بعدة وسائل منها: بيع جزء قد يصل إلى 40% من رأس المال في سوق المال لشريحة واسعة وكبيرة من المستثمرين. وبهذا تجد الإدارة نفسها ملزمة باتباع سياسات تجارية في الإدارة.
كذلك إشراك عدد لا يقل عن 50% من المستثمرين أو أصحاب الفكر والدراية والمعرفة في مجلس الإدارة إضافة لخفض التكاليف خاصة تلك المتعلقة بالرواتب والأجور إذا علمنا أن هذه المؤسسة تنوء بحمل أعداد كبيرة من الموظفين الزائدين على الحاجة، كما تؤكد هذا بعض الدراسات. والصحيح أن هذه شبه معضلة فتسريح الآلاف من الموظفين ليس بالأمر السهل تنفيذه أبداً.
ومن ناحية بنود التكاليف الأخرى فإنه ينبغي معالجتها بطرق عدة ليس هنا مجال بحثها.
وكذلك استقطاب الكفاءات الإدارية القيادية واتباع سياسة تدويرها وإعطائها الصلاحيات الكافية لإدارة تتمتع بشيء كثير من الاستقلالية.
واختتم الدكتور كردي بقوله: في اعتقادي أننا لو أخذنا بمجموعة الحلول المتقدمة وأهمها وفي مقدمتها فتح قطاع النقل الجوي للمنافسة، نحقق خطوات متقدمة جيدة على طريق تحرير قطاع النقل الجوي وتقديم خدمات مريحة وبتكلفة معقولة، تحددها قوى السوق.. وفي نفس الوقت تنطلق (السعودية) متحررة من كثير من القيود التي تثقل كاهلها حالياً فتستريح وتريح.
|