في وقت تهيأت فيه الجموع استعدادا لموسم الحج حيث تتراص الصفوف في بلادنا الغالية لخدمة حجاج بيت الله الحرام، تصر يد الإرهاب الغادرة اليائسة أن تضرب من جديد، هذه المرة تمارس ضلالها واجرامها على قارعة الطريق تغتال جنودا مخلصين نذروا أنفسهم لخدمة الدين والوطن، يؤدون واجبهم بإخلاص وتفان.
جاءت هذه الحادثة المؤلمة ونحن نرفل فرحين بوحدة وتماسك وصلابة جبهتنا الداخلية محققين الانجاز تلو الانجاز حيث دشّنا ميزانية جديدة لبلادنا هي الأضخم والأكبر في تاريخ المملكة، وأكملنا انجاز عضويتنا كاملة غير منقوصة في منظمة التجارة العالمية إيذاناً بعزمنا على خوض غمار التحديات والمنافسة والانفتاح على العالم مؤكدين على رصيدنا الثر من القيم والتقاليد والمبادئ الراسخات والقدرات والامكانات الكبيرة القادرة على مواجهة التحديات والمتغيرات الإقليمية والدولية بإرادة سياسية متوازنة ورشيدة وقوة اقتصادية هادرة، جاءت هذه الحادثة الموجعة لتعلن من جديد أن يد الإرهاب الآثمة الملطخة بدماء الأبرياء تحاول أن تهز لنا شعرة، وأن تعكر صفو امننا واستقرارنا، لكن هيهات، هيهات لهؤلاء البقايا الظلامية اليائسة من فلول الإرهاب اللعين، فالمسيرة المؤمنة الظافرة التي تسير فيها بلادنا الغالية ماضية إلى الله ثم الوطن والتقدم والازدهار عشقا يوازي شفافية المطر ويعادل رفاهية السنابل تألقا، وذلك بفضل تعاضد وتماسك ووحدة مجتمعنا قيادة وشعبا في رحاب مملكة الإنسانية.
إن هذه الحادثة الإرهابية الجبانة كشفت عن مدى الخيبة والبؤس واليأس الذي أصاب البقايا من فلول الفئة الضالة، وانعكس في سلوكها الهمجي الدموي العنيف، وكأنها تعلن صراحة عن قرب موعد قطع دابرها في أرضنا أرض الحرمين الشريفين - نعم فإني أرى قرب انتهاء هذه الظاهرة واجتثاثها فكرا ووجودا من وطننا بفضل الله اولا ثم وحدة وتماسك كل أفراد مجتمعنا في مكافحة ومجابهة هذه الظاهرة وعناصرها الضالة الباغية.
وفيما تذهب الكثير من الدلائل والتحليلات إلى التأكيد بأن بقايا الفلول من الفئة قد اصبحوا افرادا منبوذين، معزولين، مشتتين هنا وهناك يلاحقهم الجميع حتى الأسر والعوائل والأهل والجيران والمقيمين، بل حتى طوب الأرض وحشاشها. تبدو صدمة الحادثة ومراراتها امرا مؤلما جعل القصيم تبدو اليوم وهي عازمة على غسل شوارعها ومرافقها من بقايا هذه الفئة الضالة.
ورغم ألم الحادثة التي عبرت إلى كل بيت في القصيم وسكنت بوجع كل عيون أبنائها دموعا حارة ودعوات طيبة وعطرة في الفؤاد، تبدو القصيم اليوم أكثر مضيا وتماسكا في رصد أوكار الضلال ومنابع الفتنة ملاحقة لفلولهم الغادرة وبقاياهم القاتلة المدمرة، وفيما ترفع الأيدي والأكف لله وتلهج الألسن بالدعاء في هذه الأيام المباركات نسأل الله أن يتقبل شهداءنا الذين كانوا قد تهيأوا لخدمة حجاج بيت الله الحرام.
إن فلول الفئة الضالة تعلم أن إجرامها من بعد اليوم سيرتد عليها قتلا ودمارا ووبالا، وأنهم دون أن يدروا يعززون من وحدة وتماسك مجتمعنا في مواجهتهم ومكافحتهم، وليعلموا أن أرضنا الطاهرة تنجب عند سقوط كل شهيد ألف شهيد يتمترس خلف دينه ثم وطنه ليحارب بغيهم وعدوانهم وضلالهم في الأرض، وليعلموا أننا جميعا صف واحد مرصوص بقيم الدين ثم الوطن ضد العنف والقتل والدمار والإرهاب، وإن كنا قد تألمنا وحزنا على فراق اخوتنا الشهداء من جنودنا البواسل فنحن على يقين بأن بركة وفضل دعاء اليتامى والأرامل والحزانى ستزيد منعتنا وقوتنا وصلابتنا وضراوتنا في مكافحة الإرهاب وفلوله المجرمة القاتلة.
وأخيرا الحمد لله على نعمة الأمن والأمان والاستقرار والرخاء والتماسك والوحدة والكبرياء، والقوة والشموخ والإباء، والتحية لجنودنا البواسل على امتداد ربوع وطننا الغالي، يذودون عنه ويدافعون عن حياضه بالغالي والنفيس.. والحمد لله على خير بلادنا الغالية التي يفيض الله عليها ببركاته ونعمائه محققة إنجازات واستحقاقات ضخمة على جميع المستويات والأصعدة لم ولن يوقفها كيد وحقد وإجرام الإرهابيين، فهل يتعظون؟؟
|