كنت أزمع الكتابة عن موضوع آخر هذا الأسبوع.. إلا أن أحد أبنائي - جزاه الله خيراً - أخبرني أنه قرأ مقالاً يتضمن فكرة إنسانية رائعة، هي إشراك (الأيتام في اكتتاب الشركات السعودية المساهمة) ليكون لهم رصيداً في المستقبل يعينهم على نوائب الحياة.
قال لي حبذا لو أيدت الفكرة الإنسانية هذه.. ولو بسطور قليلة.
قلت إنني لم أطلع على المقال الذي تشير إليه.. فذكر لي أنه نشر في (الاقتصادية) منذ أيام قليلة.. وسعى إلى إحضار المقال ووضعه بين يدي.
كاتب المقال وصاحب الفكرة الإنسانية؛ هو الأخ الفاضل الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الزامل، عضو مجلس الشورى، ورجل الأعمال المعروف.
أعجبت بهذه الفكرة (الرائدة) التي طرحها الدكتور عبدالرحمن في مقاله المنشور (بالجريدة الاقتصادية) يوم الأحد 17 ذي القعدة 1426هـ الموافق 18-12- 2005م.
***
كان باعثه على طرح هذه الفكرة الجميلة حضور الحفل السنوي لجمعية (إنسان) (دار الأيتام بالرياض) وحاجة هذه الجمعية إلى سند مالي مستمر لتستطيع محاربة الفقر ومساعدة الأيتام. وأنه لا يمكن الاعتماد فقط على الحفلات السنوية لجمع التبرعات لهذه الجمعية وغيرها من الجمعيات الخيرية.
يقول الأخ عبدالرحمن الزامل: (أتقدم بهذا الاقتراح ليطبق على مستوى المملكة بعد أن بدأ في مجموعة الزامل التجربة الأولى بالتعاون مع جمعية (إنسان) بالرياض بعدد محدود لاكتتاب نحو 65 يتيماً في شركة الاتصالات.. وكانت التجربة ناجحة، ثم اتخذت مجموعة الزامل الخطوة الثانية وبالتنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية وذلك لتعميم التجربة على عدد أكبر من الأيتام ولتغطي أكبر عدد من الجمعيات الخيرية على مستوى المملكة، وبالاتصال والتعاون مع مجموعة خيِّرة من رجال الأعمال الذين ساندوا المشروع منذ البداية).
***
هكذا ولدت فكرة د. عبدالرحمن الزامل، وهكذا تبدأ سُحُب الخير تتجمع في سماء الرحمة الانسانية لتهطل غدقاً مِدراراً على حياة الأيتام شيئاً فشيئاً.. بقدر ما ينبت لهم الزرع ويدر لهم الضرع بقدر ما يؤسس لهم من حياة إنسانية تحفظ كرامتهم وانسانيتهم.. وتخلق في نفوسهم المحبة والطمأنينة لمجتمعهم الذي اعتنى بهم ولو بقدر ضئيل.. لكنه قادر مع نمو هذا العطاء عبر السنين أن يكون مؤسساً أو رافداً لتأسيس حياة كل يتيم يفتح له كوة ضوء يستنير بها لمستقبله.. بإذن الله.
لقد أورد الدكتور عبدالرحمن الزامل أنه تم الاكتتاب من مجموعة الزامل ومجموعات أخرى في بنك البلاد لعدد (8611) يتيماً.. على مستوى المملكة.. كل يتيم حصل على أربعة أسهم وبمجموع 34333 سهماً قيمتها (1.722.200) وأصبحت قيمتها السوقية اليوم نحو (30.384.705) ريال لهؤلاء الأيتام. سعر السهم (885) ريالاً.
ويقول: تصوروا قيمتها بعد (15) سنة لصالح هؤلاء الأيتام لن تقل عن 100 مليون ريال بإذن الله والرجاء أن تكون صدقة جارية.
***
وإني إذ أؤيد هذه الفكرة وأتفاعل معها بهذا التعليق الموجز أود أولاً:
1- أن أشكر أخي الكريم الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الزامل على طرح هذه الفكرة الإنسانية النيرة وتبنيه خروجها إلى عالم الوجود والواقع.. فجزاه الله خيراً.
***
2- أود أن أضيف - لتفعيل هذا العمل الإنساني - بما يلي:
أ- أن تدخل الحكومة طرفاً فاعلاً في هذا الشأن بالتعاون والتنسيق مع الشركات التي تريد طرح نفسها للمساهمة فيها بصفة شمولية للمجتمع السعودي.
ب- أن تصدر الحكومة قراراً ملزماً لهذه الشركات بتخصيص (5%) أو على الأقل (3%) تكون هذه النسبة خاصة لاكتتاب الأيتام بها.. وبالتساوي في عدد ما يخصص لكل يتيم مكتتب.
ج- على الجميع أن يتذكروا في هذا الشأن قول نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم: (أنا وكافل اليتيم كهاتين وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى) متعانقتين. ولتطمئن نفوسهم بأن البذل في منفعة الأيتام ومن في مستواهم من ذوي الحاجات كالفقراء والأرامل - هو أحد أنواع الأرصدة الأساسية الباقية في سجلات المؤمنين إلى يوم القيامة.
|