قبل عقدين من الزمن - أي في القرن العشرين الماضي أقام مركز الدراسات الأوروبية المقارنة في مدينة أمستردام فرزاً تاريخياً لأهم (100) شخصية أثرت في مسيرة البشرية، وكان الأول على تلك القائمة نبينا المصطفى محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم تلاه عظماء التاريخ من الرسل والأنبياء والقادة والعباقرة والمخترعين، وبالطبع حينها لم يحتج المسيحيون بأن عيسى - عليه السلام - أهم من محمد باعتباره نبياً لهم، وكذلك لم يحتج اليهود بأن موسى - عليه السلام - أكثر تأثيراً، ولا كذلك فعل البوذيون اتباع (سدهارتا - بوذا)، ولا الكنفوشيسيون فعلوا ذلك من أجل كنفوشيوس، بل انكب العالم كله حتى الذي لم يسمع بمحمد - عليه الصلاة والسلام - بدراسة حياة ذلك الرسول العظيم الذي كان أكثر الرسل والأنبياء والفلاسفة والمفكرين تأثيراً في مسيرة البشر، وذلك حسب تفسيري لأن العالم كان عقلانياً أكثر، بل وكان أكثر تسامحاً بين الأديان لدرجة أن العديد من المؤرخين والمفكرين الأوروبيين قد اعتنقوا الإسلام، بل وأنجزوا الدراسات الموسومة عن هذا الدين الحنيف أمثال روجيه جارودي، وارنولد توينبي، وفلاديمير شاغال، وكذلك كتب العديد من (الآباء) المسيحيين العرب العديد من الدراسات الرائعة التي تخص هذا الدين.
* * *
وبالطبع كان هذا قبل أن يلوح منظِّر السياسة الأمريكية (هننغتون) بنظريته العتيدة (صراع الحضارات)، ويعقبه زميله الآخر (فوكوياما) بنظريته الأخرى (نهاية التاريخ) التي تدعو إلى التسيُّد الأمريكي ل(سنام) الكرة الأرضية، وأيضاً حدث هذا في وجود قيادة سياسية أمريكية لا تؤمن بالمعاهدات والمواثيق الدولية، بل تؤمن فقط ب(مسدس الكابوي) الذي تشهره في وجه العالم كله؛ بغرض الترهيب والتركيع والغزو.
* *
وفي ظل هكذا سيادة عنجهية لا نستغرب أن تتطاول الدول الغربية ممثلة في صحافتها التي تدعّي الحرية - جزافاً - على سائر الأديان ولاسيما ديننا الإسلامي الحنيف وتنشر كاريكاتيرات مسيئة إلى نبي البشرية سيدنا محمد - عليه الصلاة والسلام - تماماً كما حدث في إحدى الصحف النرويجية التي حاولت تشويه الرسول، وأبرزت هذه الفعلة الشنعاء مفردة (الإسلاموفوبيا) كما جاء على لسان البرفيسور أكمل الدين إحسان الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي الذي قال: (إن مثل هذه الأعمال المعادية للإسلام والمسلمين تعد مخالفة صريحة لحرية التعبير وأدبيات الصحافة وانتهاك المبادئ والقيم الدولية التي نصت عليها قرارات الأمم المتحدة).
* * *
بالطبع كل ما قاله البرفيسور أكمل صحيح مائة بالمائة ولكن من يستمع اليوم لقرارات الأمم المتحدة؟ ما دامت الولايات المتحدة تتحكم بهذه الأمم، فهل سمعتم بأن ولاية تتحكم بأمة؟! ذلك هو العجب!!
فهذه هذه أمم أم (غُمم)؟؟
|