Sunday 22nd January,200612169العددالأحد 22 ,ذو الحجة 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"وَرّاق الجزيرة"

المصادر الفرنسية تبوح بأسرارها المصادر الفرنسية تبوح بأسرارها
من مؤلف كيف كان ظهور شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب؟
أ.د. محمد خير محمود البقاعي

ما تزال المصادر الأصيلة تكشف كل يوم معلومات جديدة عن تاريخ الدولة السعودية الأولى وخصوصاً ما كان منها بعيداً عن أعين الباحثين الذين اكتفوا لسبب أو لآخر بالإشارة إلى بعض تلك المصادر دون أن يطلعوا عليها فجاءت معلوماتهم عنها مجتزأة أو خاطئة في بعض الأحيان.
وكتاب جان - باتيست - لويس - جاك روسو Jean-Baptiste - Louis - Jacques Rousseau: التذكرة في الطوائف الثلاث المشهورة في الإسلام: الوهابيون والنصيريون والإسماعيليون.
Mémoire sur les trois plus fameuse sectes du Musulmanisme, les Wahabis, les Nosairis et les Ismaélis, par M.
R***, Correspondant de l'Institut Royal et Associé de l' Académie des Science, Belles-Lettres et Arts de Marseille, A Paris chez A.
Nepveu, Libraire, passage des Panoramas N.
o 26.
Et à Marseille Chez MASVERT, libraire, sur le Port,1818.
لم أجد من استشهد به أو اقتبس منه إلا الدكتور منير العجلاني رحمه الله في كتابه (تاريخ البلاد العربية السعودية) فذكره بعنوان (أشهر المذاهب الإسلامية الثلاثة)، وقال: (إن الكتاب من أوائل الكتب الفرنسية التي تحدثت عن الوهابية، وقارنتها بالإسماعيلية والنصيرية لتظهر اختلافها عنهما، خلافاً لمزاعم بعض المؤلفين العثمانيين، كتاب ألفه الكاتب الفرنسي روسو ونشر عام 1818م)، ثم لخص العجلاني بعض ما جاء في الكتاب عن دعوة الشيخ، ونشر صورة فوتوغرافية للغلاف.
وبحثت عن الكتاب في مكتبات المملكة فلم أجد نسخة منه، ولما وصلتني صورة منه بمساعدة كريمة من سمو الأمير تركي بن فهد بن عبد الله بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود اتضحت لي جوانب مهمة في تاريخ الدولة السعودية الأولى ودعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب الإصلاحية أحببت أن أنشرها بين الناس.
وكان (ميشو) في كتابه (التراجم الكونية)، و(إدوارد درييو) في تقديمه لكتاب جان ريمون (التذكرة في تاريخ الوهابيين ودولتهم) الذي ترجمناه وعلق عليه شيخنا الشيخ أبو عبد الرحمن ابن عقيل الظاهري، ونشرته دارة الملك عبد العزيز (كتاب الدارة الخامس، 1424هـ) قد تعرضا لقضية شغلت أوساط المستشرقين الفرنسيين في القرن التاسع عشر عندما بدأت الأخبار ترد في تقارير الدبلوماسيين الفرنسيين عن الدولة السعودية الأولى وظروف ظهورها وتنازع أولوية هذه المعلومات القنصلان الفرنسيان في حلب وبغداد لويس ألكسندر أوليفيه دو كورانسيه (1770-1832م) الذي نشر نبذة في مجلة المونيتور عام 1804م، ثم أصدر عام 1810م كتاباً بعنوان (تاريخ الوهابيين من النشأة حتى عام 1809م) (ترجمته بالاشتراك مع الدكتور إبراهيم البلوي بتكليف من دارة الملك عبد العزيز ولم ينشر بعد) وجان باتيست - لويس - جاك روسو (1780-1831م)، يقول ميشو: (إن روسو أرخ في هذا الكتاب للدعوة الوهابية حتى عام 1813م.
وجاء فيها في ترجمة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، إن نشر النبذة في تالي كتاب وصف ولاية بغداد، عام 1809م، (ترجمناه بتكليف كريم من دارة الملك عبد العزيز وأمينها العام الدكتور فهد السماري، ولم ينشر بعد) والتذكرة في أشهر ثلاث طوائف في الإسلام: الوهابيون، والنصيريون، والإسماعيليون، عام 1818م، لروسو كان موضع نقاش بين القنصلين اللذين يبدو أنهما اقتبسا من المصادر نفسها، ولكن الأسبقية ينبغي أن تُعطى للسيد روسو.
وكنا نشرنا بعض أطراف هذا التنازع وننشر اليوم رأي روسو الذي كان غائباً وحضر بحضور صورة الكتاب، يقول رسو في مقدمة كتابه: (إن النبذ الثلاث التي سنقرؤها (في هذا الكتاب) سبق لأولاها أن نشرت في ذيل كتاب وصف ولاية بغداد الذي طبع عام 1809م؛ أما الثانية والثالثة فقد ظهرتا في عدد المجلة الموسوعية للسنة التالية.
إننا ونحن نعيد اليوم نشر هذه المحاولات المتواضعة التي عدلناها وأضفنا إليها إضافات كبيرة، مجبرون على تقديم رد حاسم على اعتراضات السيد كورانسيه الذي استباح لنفسه أن ينازعنا حق ملكية المعلومات عن الوهابيين لأنه نشرها قبلنا في صحيفة المونيتور عام 1804م.
وإليكم الواقعة: كان السيد كورانسيه قد حصل على معلوماته من ديداغوس فرنجية Didagos- Frandjié الذي حصل هو نفسه عليها منا.
ولا شك أن هذا النصراني الماروني الحلبي أخفى عن كورانسيه بدافع الغرور الخالص المصدر الذي استقى منه تلك المعلومات، وهذا بلا شك ما دفع زميلنا إلى الوقوع في الخطأ، وهو زميل نعرف على الرغم من كل شيء أمانته وصراحته مما يمنعنا عن اتهامه بالتجني علينا.
اعتمد السيد كورانسيه على شهادة أحد أعضاء المعهد ليبرهن على التطابق بين مختصره التاريخي المنشور في (المونيتور) وبين نبذتنا عن الوهابيين.
وإن ذلك التطابق هو الذي نسوغ به وجهة نظرنا التي قبلها وأكدها عضو آخر من المعهد نفسه، في الزمن نفسه الذي أثيرت فيه تلك القضية.
وقد أكد ديداغوس فرنجية نفسه ما ذكرناه قبل قليل بتصريح أصيل أرسل في عام 1810م إلى باريس، ناهيك عن أن تذكرته عن الوهابيين بالعربية، وهي تذكرة كتبها كما يعترف بذلك انطلاقاً من ملاحظاتنا نفسها موجودة في حوزة عدد من الأشخاص في حلب؛ ويكفي أن نقرأها بالمقارنة مع المختصر التاريخي الذي نشره السيد كورانسيه لنقتنع بأن ذلك المختصر لا يحتوي إلا على ما هو منقول كلمة كلمة عن تلك التذكرة.
ناهيك عن أن علاقاتنا القديمة والطويلة مع بغداد وبصرة ومسقط، وكذلك مع عرب البحرين ونجد والدرعية نفسها، بالإضافة إلى المعارف المحلية والتسهيلات المتنوعة التي وفرتها لنا إقامتنا التي امتدت لأكثر من عشرين عاماً في تلك الآسيوية البعيدة، كل ذلك يثبت بما فيه الكفاية أن لدينا قدرة أكثر من السيد كورانسيه على جمع المعلومات موضع النزاع، وهي معلومات لم نكن بكل تأكيد لنوليها أي أهمية لولا أنها أصبحت موضوعاَ لتساؤل عام.
إن ما نأسف له كل الأسف أننا وجدنا أنفسنا مجبرين في مواجهة مع زميل كنا نحرص على الدوام على أن نستحق احترامه ورعايته: هذه المواجهة غير المقصودة تجعلنا نشعر بالحزن خصوصاً أنه ينبغي أن نعيد السبب الحقيقي والوحيد لتلك المواجهة هو تردَّد ديداغوس فرنجية لكي لا نقول سوء نيته.
إن حديثنا عن كورانسيه يستدعي الحديث عن موضوع السيد ريمون الذي يتحدث عنه كورانسيه، والذي حاول من جانبه بسوء نية مقصود وفي الزمن نفسه أن ينسب إلى نفسه قسماً من الأخبار التي تضمنها كتاب (وصف ولاية بغداد)، ولكنه لما كان لم يروج لادعاءاته فإن اللياقة تفرض علينا أن نتناساها.
وليعلم مع ذلك أننا ننوي لاحقاً نشر طبعة جديدة منقحة ومزيدة من ذلك الكتاب (يقصد وصف ولاية بغداد) الذي يعود زمن نشره، كما ينبغي عليه أن يتذكر، إلى المدة التي سعدنا فيها باستقباله في منزلنا في حلب.
وسنحاول الآن أن نفصل القول في التغييرات والزيادات التي تجعل من نبذتنا عن الوهابيين مختصراً تاريخياً أكثر تماماً، وبالتالي أكثر جدارة لنيل إعجاب اثنين من الأكاديميين المشهورين اللذين أراد أحدهما أن يكون ناشر تلك النبذة في عام 1809م، وأشار إليها الآخر في عدد المجلة الموسوعية لشهر سبتمبر في السنة نفسها.
1- أعدنا صياغة تلك النبذة كلها، (التي سبق أن نشرت في تالي كتاب وصف ولاية بغداد) وصححناها بعناية.
2- أضفنا إليها الملحق الأول الذي نشر في العدد الأربعين XL من حوليات الجغرافيا والأسفار لعام 1810م.
3- وقد أضفنا إلى ذلك الملحق نفسه لائحة بالأراضي الخاضعة للأمير سعود، وهي لائحة نجدها مفصلة في التعاليق المرافقة لكتاب السيد كورانسيه.
4- يأتي بعد ذلك مختصر جديد كل الجدة عن أصل الوهابيين وغزواتهم حتى عام 1224هـ، وهي قطعة غريبة كل الغرابة حررناها في حلب اعتماداً على مخطوطة أصلية وصلت من الدرعية.
5- ويتلو تلك القطعة ملاحظات خاصة حول عادات الوهابيين وتقاليدهم، مرفقة بوصف مختصر للصحراء والمواشي التي يربونها.
6- وهناك في النهاية رواية مختصرة لآخر أحداث تاريخهم العسكري حتى استيلاء القوات المصرية على مكة والمدينة، وهي رواية تنهي النبذة وتتمها على وجه من الوجوه.
لقد أضفنا إلى هذه الطبعة الجديدة ناهيك عن التعاليق والتوضيحات كشافاً أبجدياً للمحتويات، يهدف إلى تسهيل عملية البحث في الكتاب).
نجد في هذه المقدمة كثيراً من المعلومات المهمة التي تعيد بعض القضايا التي نشرت إلى سياقها الصحيح في قضية النزاع بين القنصلين حول قصب السبق في الكتابة عن الوهابيين، ونعلم من خلالها أن كورانسيه الذي اعتمد على فرنجية كان مغرراً به لأن هذا الأخير استقى معلوماته من روسو الذي كان له مصادره الخاصة كما سنرى.
والقضية الثانية المهمة هي قول روسو: إنه نشر في هذا الكتاب مختصراً جديداً كل الجدة عن أصل الوهابيين وغزواتهم حتى عام 1224هـ، هو قطعة غريبة كل الغرابة حرره كما يقول في حلب اعتماداً على مخطوطة أصلية وصلت من الدرعية.
ما عنوان هذه المخطوطة، ومن مؤلفها؟ كان الدكتور عبد الله الصالح العثيمين قد نشر في عام 1403هـ - 1983م كتاباً بعنوان (كيف كان ظهور شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب لمؤلف مجهول)، (دراسة وتحقيق الأستاذ الدكتور عبد الله الصالح العثيمين، مطبوعات دارة الملك عبد العزيز، الرياض) وبمقارنة المعلومات الواردة في هذا المختصر بالكتاب المذكور اتضح أنه المخطوطة التي أشار إليها روسو، وقال إنها وصلت إليه من الدرعية.
ولكن المفاجأة الأطرف كانت ما ذكره في الصفحة (27) من كتابه عندما قال ما ترجمته: (مختصر تاريخي عن أصل الوهابية وغزوات الشيخ محمد، وابن سعود، وعبد العزيز وسعود حتى عام 1224هـ(1810م)؛ حررناه اعتماداً على مخطوطة أصلية وصلت إلينا من الدرعية نفسها، ومؤلفها الشيخ سليمان النجدي (المولود في نجد).
إذاً، مؤلف الكتاب هو المدعو سليمان النجدي، وقول روسو: إن ذلك المؤلف مولود في نجد يوحي بأن الرجل كان خارجها لأن لقبه هذا (النجدي) يدل على ذلك.
ومما زاد في ثقتنا أن الكتاب هو المقصود عدا عن اتفاق النصوص بين روسو والكتاب المذكور اتفاق الملاحظة بين الدكتور العثيمين محقق الكتاب وروسو الذي يقول في الصفحة (32) من كتابه: (لما كان مؤلف المخطوطة قد أهمل كلياً التأريخ للأحداث التي يوردها، ولما كان تدارك مثل هذا يصبح أكثر صعوبة كلما تقدمنا في التحرير فإننا، ولكي لا تختلط الأمور في مجموعة الأحداث التي يوردها متفرقة دون الاعتماد على أي تسلسل تاريخي، سنعمد إلى متابعته خطوة خطوة في سرد الغزوات اللاحقة لسعود وقادته).
(انظر ملاحظات الدكتور العثيمين في مقدمة نشرته الكتاب، ص24- 27).
أما ترجمة سليمان النجدي هذا فذلك شأن آخر ربما تكشفه لنا مقبلات الأيام، ولعل الصفات التي أسبغها عليه الدكتور العثيمين في تقديمه للكتاب تساعدنا في التحقق من شخصيته في بحوث مقبلة.
وكان الدكتور آل زلفة في بحثه الذي سنذكره بعد قليل قال (ص150): (أما عن طبيعة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب فيذكر أنه استقاها من كتاب تاريخ ظهور دعوة ابن عبد الوهاب الإصلاحية، بيد أنه يذكر أن هذا الكتاب أصبح في حكم المفقود أو النادر).
ويذكر أيضاً أن الخطيب المذكور (يقصد خطيب الإمام سعود) استعد بأن يكتب له تاريخاً على غرار ذلك التاريخ المفقود أو النادر وأشار رسو إلى أنه سيترجمه إلى الفرنسية أو على الأقل يعمل له تحليلاً.
وقد أشار د. عبد الله العثيمين ضمن قائمة مراجع كتابه (الشيخ محمد بن عبد الوهاب حياته وفكره) إلى مخطوطة مجهول مؤلفها بعنوان (كيف كان ظهور شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب) في المكتبة الوطنية في باريس تحت رقم (6061) ولعل المزيد من الدراسة حول هذه المخطوطة يكشف لنا عن شخصية هذا الخطيب ومدى علاقته بهذه المخطوطة.
وقال د.آل زلفة في حاشية الصفحة المذكورة نفسها من بحثه: (ولعلها (المخطوطة) من إملاء الخطيب الذي أشار إليه روسو على كاتب شامي بناء على طلب القنصل.
وما يتضح من الكتاب الذي نتحدث عنه أن المخطوطة التي نقل منها روسو هي الكتاب الذي نشره د. العثيمين، ولم يشر رسو إلى أن للخطيب علاقة بهذا الكتاب وإنما نسبه لمن دعاه سليمان النجدي كما قلنا.
ثالث القضايا التي يلقي عليها هذا الكتاب ضوءاً هي المعلومات التي نشرها الدكتور محمد آل زلفة في بحثه (الدولة السعودية الأولى في عهد الإمام سعود الكبير 1218- 1229هـ - 1803- 1814م، العاصمة والحكومة والسكان كما وردت في تقارير جوزيف روسو القنصل الفرنسي في حلب) (مجلة الدرعية، السنة الأولى - العدد الأول، محرم 1419هـ - مايو 1988م، ص 145-170).
يقول الدكتور آل زلفة في بحثه المذكور (ص148): (وما يهمنا في هذه العجالة هو نشر مقتطفات من تقارير لقنصل فرنسا العام في حلب السيد جوزف روسو، وهي تقارير عثرت عليها ضمن محفوظات أرشيف وزارة الخارجية الفرنسية).
أول هذه التقارير كتب في بغداد في شهر نوفمبر من سنة 1808م، وهو يلقي الضوء على بداية قيام الدعوة وطبيعتها وتطورها وانتشارها ملحقاً به خارطة للدرعية العاصمة الأولى وبيان بأسماء المقاطعات والحكام التابعين لحكومة الأمير سعود الكبير.
ومعلومات عن المدينة نفسها، أما الخارطة والمعلومات الأخرى فكتبها عند عودته إلى مقر قنصليته في حلب مستقياً معلوماته ممن سماه بخطيب مسجد الأمير سعود الخاص والذي يذكر أنه قابله في حلب.
وبمقارنة ما ورد من معلومات في تلك التقارير وما في كتاب روسو وجدنا أن التقارير هي المعلومات في حالتها الأولى، ويبدو أن روسو نسقها بعد ذلك ونشرها في كتابه كما يقول روسو نفسه.
وقد وجدنا الدكتور عويضة بن متيريك الجهني في بحثه (كتاب موجز لتاريخ الوهابي) للسير هارفرد جونز بريدجز، المنشور في مجلة الجمعية التاريخية السعودية، العدد السابع، السنة الرابعة 1423هـ - 2003م، ص129- 130، و138 يقول: (من أبرز الكتاب الأوروبيين الذين نقلوا أخبار الدعوة الإصلاحية بشيء من التفصيل إلى أوروبا السيد جان باتيست روسو الذي شغل منصب القنصل العام الفرنسي العام في بغداد ثم في حلب، والذي نشر كتابه (الصواب نبذته) ملاحظات تاريخية على الوهابيين في عام 1804م (1219هـ) ثم أعاد نشره ملحقاً بكتابه الآخر (وصف باشوية بغداد) في باريس عام 1809م (1224هـ).
بل إن السيد روسو صور الدعوة الإصلاحية بأنها حركة مناهضة للإسلام وخارجة عن العقائد الدينية، وشبهها بحركة القرامطة، مردداً بذلك الاتهامات التي كان العثمانيون وولاتهم ينسبونها لأهل الدعوة.
ولا بد أن السير بريدجز قد قرأ هذه المؤلفات الفرنسية لأنه وجه انتقاداً لاذعاً إلى السيد روسو بسبب الأخطاء الفادحة التي وردت في مؤلفاته.
وأحال الدكتور الجهني إلى كتاب كيلي، بريطانيا والخليج العربي في نصه الإنجليزي، ص48-49، وإلى كتاب بريدجز في نصه الإنجليزي أيضاً، ص 109 و112؛ وقال: وقد عدَّل روسو من بعض آرائه في عام 1811م (1226هـ) حين نشر مقالته: وصف الأقاليم التي يسيطر عليها الأمير سعود، الأمير الحالي للوهابيين.
وفي الكلام خلط بين روسو وكورانسيه لأن ناشر النبذة عن الوهابيين عام 1804م هو كورانسيه نشرها في صحيفة المونيتور ثم جاء روسو ونشر نبذة عن الوهابيين في تالي كتابه وصف ولاية بغداد عام 1809م فاتهمه كورانسيه بأنه سطا على ما كان نشره من قبل، ثم ظهر كتاب كورانسيه تاريخ الوهابيين منذ النشأة حتى عام 1809م (1224هـ) في عام 1810م في باريس.
أما ما ذكره عن تعديل روسو بعض آرائه في مقالة نشرها عام 1811م (1226هـ) فقد كان ذلك في عام 1811م في المجلة الموسوعية كما يصرح ذلك روسو في مقدمة كتابه هذا عن الفرق الإسلامية الثلاث الذي طبع عام 1818م.
وروسو لم ينشر كتابه وصف ولاية بغداد، وإنما نشره سلفِستر دوساسي.
أما خطيب مسجد الإمام سعود الذي أشار إليه الدكتور آل زلفة فقد نقل عنه روسو كما يقول في كتابه (ص23) اللوحة التي تضمنت الحديث عن البلاد التابعة للأمير سعود الأمير الحالي للوهابيين كما يقول (1818م)، ويتلو ذلك نبذة قصيرة عن شخصية الأمير العربي المذكور التي استقى معلوماته فيها عن إمامه أو مرشده (استخدم روسو كلمة إمامه (إمام بالعربية) ثم ترجمها إلى الفرنسية بمصطلح يعني في العربية: مرشده، الذي جاء إلى حلب في شهر سبتمبر - أيلول عام 1809م.
والذي يقول عنه رسو في المذكرة المرفقه بتقريره الذي نشره الدكتور آل زلفة (انظر بحثه ص 165) (وستجد يا صاحب المعالي أقل مجال للشك في صحة ما ورد عن الوهابية ونفوذهم، والملاحظات التي يُحصل عليها لأول مرة معتمداً على خطيب الأمير سعود - والذي سبق أن عرفته في تقريري) من على ضفاف الفرات - والموجود حالياً في حلب.
ولعل قدومه إليها للمسارعة في إعادة بعض المواد أو الأشياء التي سرقها بعض عرب الصحراء (البدو) من تجار تلك المدينة.
بالإضافة إلى هذا قمت بوضع خارطة للدرعية وضواحيها، رُسِمت على مرأى من الخطيب نفسه، وهو المصدر الذي استقيت منه هذه المعلومات بناء على موافقته.
ويتحدث روسو في مذكرته عن وجود تاريخ عام عن أصل الوهابية وتطورها يتكون من جزئين متوسطي الحجم، يقال إن مؤلفه واحد من أعقل خطبائهم، ويعد في الوقت نفسه واحداً من أثمن الأعمال التي لم يستطع أحد الآن العثور عليه في أي مكان من آسيا.
لقد طلبت يا صاحب المعالي من الخطيب المشار إليه أعلاه أن يكتب لي على راحته عملاً موثقاً ومماثلاً للنسخة الأصلية لذلك التاريخ المفقود، وبمجرد أن يصبح في حوزتي سأوليه أهمية خاصة وسأقوم بترجمته أو على الأقل بتحليله، وعند الانتهاء سأبعثه إليكم.
ويقول الدكتور آل زلفة في حاشية الصفحة (166) من بحثه: إن هذا ما جعله يعتقد أن المخطوطة المجهولة المحفوظة في المكتبة الوطنية في باريس، التي حققها الدكتور العثيمين وطبعتها الدارة ربما تكون تلك التي أملاها ذلك الخطيب وبعثها روسو فيما بعد إلى وزير الخارجية الفرنسية ثم حلت أخيراً في المكتبة الوطنية في باريس.
إن ما نشره الدكتور آل زلفة هو في واقع الأمر حالة أولى من البحث والتأليف في موضوع التأليف عن الوهابية، والحالة الأخيرة هي ما نشره روسو في كتابه الذي نشر في 1818م وكان الحالة الأخيرة من تأليفه في هذا المجال، وهي حالة بينت لنا كثيراً من الأمور التي كانت خافية أو مضطربة.
أما حديث روسو عن خطة للقضاء على الحركة الإصلاحية في عقر دارها فهو ما ذكره قبله جان ريمون ونجد تفصيله في الكتاب الذي نشرته الدارة بترجمتنا ومراجعة شيخنا أبي عبد الرحمن ابن عقيل الظاهري، (التذكرة في أصل الوهابيين ودولتهم) بل إن ريمون يقول في (الصفحة 101): إنه كتب مذكرة عن هذا الموضوع في عام 1805م خلال إقامته في حلب بناء على طلب من السيد روسو الابن.
أما ما ذكره الدكتور العجلاني رحمه الله من أن روسو قارن في كتابه هذا بين الوهابية والإسماعيلية والنصيرية ليظهر اختلافها عنهما خلافاً لبعض المؤلفين العثمانيين فهو قول يدل أنه لم يطلع على الكتاب لأن روسو لم يقم بأي مقارنة، وإنما نشر في كتابه هذا تذكرة عن الطائفتين كان أرسلهما منفصلتين إلى باريس عام 1810م، وأعاد نشرهما في الكتاب مع بعض التعديل.
إن المصادر الفرنسية، كلما تقدمنا في الحصول عليها والنظر فيها، ما زالت تبوح لنا بكثير من الأسرار عن تاريخ الدولة السعودية الأولى ودعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب الإصلاحية؛ مما يضيء كثيراً من الأمور الغامضة، ويدقق بعضها الآخر المضطرب، وسيحتوي كل هذا كتابنا الذي يشغلنا تأليفه هذه الأيام بالعربية والفرنسية.
جامعة الملك سعود - كلية الآداب - قسم اللغة العربية

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved