للمسلمين في كل عام عيدان يعلنون فيهما الفرح والسرور ويختصونهما بمزيد من العناية والاستعداد ويعدون العدة في وقت مبكر للفرح بهما وهما عيدا الفطر والأضحى.
وفي العيد يتفرَّغ الجميع من كل المشاغل والأعمال المعتادة طول العام ويعلنون أيامه عطلة خاصة لقضاء وقته بدون ارتباط غير الارتباط الأسري والاجتماعي الذي فيه تظهر مظاهر العيد بلبس الجديد وتبادل التهاني والمباركات بالعيد السعيد وزيارة الأهل والأقارب وتبادل الهدايا والتجمّع على وجبات العيد بالطرق والتقاليد المتعارفة بين أبناء المجتمع الواحد.
العيد موسم يشترك في الفرحة به جميع المسلمين في أقطار الدنيا، إذ إنه من مظاهر شكر الله على ما منَّ به من نعمة الصيام والقيام والحج الأكبر ولنكبر الله تعالى على ما هدانا به من نعمة الإسلام.
ولقد مرَّ بنا عيد الأضحى هذه الأيام في عام 1426هـ والأمة الإسلامية والعالم أجمع يعبرون إلى فضاء أرحب وأوسع وحقبة زمنية جديدة اقترب فيها البعيد وتكلم فيها الحديد وأصبحنا نكتشف في كل ثانية شيئاً جديداً، وأصبح العالم في تقاربه الزماني والمكاني أشبه بسكان قرية صغيرة.
ولعل هذه المرحلة من أهم المراحل التي مرَّت بنا على مستوى المجتمع السعودي في عهد ولي أمرنا الجديد الملك الموفِّق بإذن الله تعالى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي شهدنا في بداية عهده مؤشرات تبشِّر بعهد زاهر مجيد بإذن الله تعالى يكمل به ما مرَّ بالبلاد من عهود الخير والنماء لهذه الدولة المباركة بقيادة ملوكنا العظام عبد العزيز وأبنائه سعود وفيصل وخالد وفهد - رحمهم الله - جميعاً.
في هذا العام تفضَّل خادم الحرمين الشريفين بإصدار أمره الكريم بزيادة رواتب العاملين بالدولة، وفي هذا العام دشن الملك العديد من المشاريع الخدمية والتنموية والاقتصادية، ووضع حجر الأساس للبعض الآخر ومن أهمها مدينة الملك عبد الله بن عبد العزيز الاقتصادية التي يتوقّع أن تضيف لمنجزات الخير والنماء الشيء الكثير والتي ستعود بالنفع العميم على الوطن والمواطن، وفي هذا العام أعلن أكبر موازنة للدولة منذ إنشائها وظهرت تباشير الخير والمستقبل الزاهر إن شاء الله تعالى لهذه البلاد.
كما أعلن - حفظه الله - العديد من المشاريع الهامة لخدمة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة وما سيشهده مشعر منى والجمرات من تطور سيخدم إن شاء الله حجاج بيت الله الحرام.
يمر بنا العيد هذه الأيام والقضية الفلسطينية تحتل الصدارة على مستوى قضايا العالم الإسلامي، معلنين بذلك عدم تنازل المسلمين عن حقهم المقدس بالقدس الشريف وحق إخواننا الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس، ولعل في قابل الأيام ما يبشِّر بقرب انفراج هذه الأزمة.
يمر بنا العيد هذه الأيام وإخواننا في العراق يعانون مرارة التشرذم والانفلات الأمني وضياع الاستقرار وكثرة التخريب والقتل، والأمل يحدوهم إلى عراق آمن مستقر عائد إلى مكانه الطبيعي بين أشقائه العرب والمسلمين.
ويمر بنا العيد هذه الأيام وما زالت العلاقات السورية اللبنانية متوترة إثر تسارع الأحداث وكثرة الضغوط الدولية والخوف من تفاقم في هذه الأزمة بين الجارين الشقيقين.
ويمر بنا العيد والإرهاب يعاني من حصار شامل وحازم من العالم أجمع، وفي بلادنا المملكة العربية السعودية على وجه الخصوص وما تميَّز به رجال أمنها البواسل بتوجيهات ومتابعة من قيادتنا الرشيدة من تمكّن ولله الحمد والمنة من إحباط الكثير من مخططاتهم والقضاء على فتنهم وبيان زيف ادعاءاتهم ومعتقداتهم وما زالت الجهود مستمرة في القضاء على هذه الفئة الباغية إن شاء الله.
العيد هذا العام محطة مراجعة وتوقف للنظر بعين البصيرة لما كان من إيجابيات وسلبيات في الماضي، ومحطة انطلاقة لمستقبل واعد مشرق إن شاء الله تعالى ونحن أكثر إيماناً وقوة وتوحّداً وعزماً على البناء والتعمير، والقضاء على كل مظاهر الهدم والتدمير، وإعلان الفترة الزمنية القادمة فترة قوة وعناية وتطور وتنافس على الإنجاز في كل ميادين المنافسة.
العيد هذا العام يعلن قرب بدء عام هجري جديد فيه نترقب المزيد من الأمن والرخاء والتكاتف والتعاضد خلف قيادتنا الرشيدة.
في هذا العيد لا يزال العالم العربي والإسلامي والدولي يعقد على بلدنا المملكة العربية السعودية الآمال الطوال في العمل المثمر لما لبلادنا من ثقل وقيمة سياسية واقتصادية ودينية في العالم أجمع ولله الحمد بما هيأه الله لها من قيادة رشيدة مؤهلة بجدارة للعب دور هام وقيادي على مختلف الأصعدة.
يأتي العيد هذا العام والسعوديون جميعاً يتطلعون بثقة إلى مزيد من فرص العمل والتحصيل العلمي والتوسع في الدراسة العليا، ومراكز البحث العلمي بما يتوافق وحاجة البلاد الحالية والمستقبلية، والمزيد من العناية الصحية والخدمية والجميع يتطلع بثقة كذلك إلى المزيد من الأمن والرخاء والوحدة والوئام وعدم الفرقة أو الانقسام.
العيد هذا العام وفي كل عام إن شاء الله محطة مباركة وتهنئة بما تحقق وانطلاقة بثقة لما سيتحقق من خير عميم.
حفظ الله بلادي من شرور الأعادي
وحفظ لها قادتها العظام بقيادة الملك الإمام عبد الله بن عبد العزيز آل سعود.
وكل عام وأنتم بخير.
|