|
انت في |
* حوطة سدير - ناصر العريج:
وقال عنه الشاعر سهيل في ليلة لم يتمكن من اللعب معه فيها: (والمدرب راح عني قبل يسمح لي مجالي) فإذا بلغ الرجل أن يشهد له أقرانه فتلك منزلة لم يصل إليها إلا النوادر في إبداعهم وهم قلة.. وأحمد الناصر ضمنهم وقد كمل الله له النجومية والمحبة بأمور يعرفها عنه من خالطه عن قرب، منها دماثة خلقه، وحلاوة حديثه، وتواضعه الجم، وهضم نفسه وعدم الثناء عليها، وعدم الحرص على الأضواء والفلاشات، وهذا من أهم ما يزيد المحبوب محبة، والجميل جمالاً، على أن يكون ذلك شعوراً داخلياً حقيقياً لا تمثيلاً مصطنعاً يزيد المكروه كرهاً والثقيل ثقلاً.من أجمل الإبداع الذي تفرد به أحمد الناصر في شعر المحاورة أنه لا يقيد نفسه بجو المحاورة الشخصي الضيق فتخرج أبياته خاصة ضيقة لا تصلح إلا في حدود معينة وظروف متشابهة لكنه يصنع في المحاورة بيتاً أو أكثر كأنها من أبيات النظم لا أبيات الرد مع أنها صالحة لها معاً، وهذا هو الإبداع القوي الرائع مع قوة بناء البيت وشدة إحكامه ورصه، وفي الوقت نفسه سهولة ألفاظه وعذوبتها.وهذا هو الأسلوب: السهل الممتنع (فهو سهل على الأسماع عند سماعه، وكأنه قريب جداً حتى يظن ألا أحد يعجز عن مثله، ولكنه ممتنع جداً على كثير من الناس أن يخرجوه بسهولة أو بمشقة، ومن أمثلة ذلك قوله لمطلق الثبيتي:
وقوله لحمد المغيولي في مفتتح ردية بينهما:
وقوله للويحان:
وقوله لخلف بن هذال:
ومن أروع تلك الأمثلة والأبيات قوله لابن حسن حين وعد بأنه سيحل العقدة الصعبة وتكفل بذلك في قوله:
فبين له أحمد أن الأيام والليالي، بل سود الليالي، تغير ما كان يظنه الإنسان وتأتي بخلاف ما كان يتوقعه، وكل من التزم بأمر فلابد له من القيام به مهما كلفه أو يكون عاراً عليه وشنارا وسبه أبد الدهر، فصاغ هذه المعاني القوية في قالب محكم رائع فقال:
حقاً سود الليالي كثيراً ما تغير التوقعات والحسابات وكم ظن ظان أنه سيفعل ويفعل، وكم وعد واعد أنه سيفعل، فجاءت الليالي السود على خلاف ظنه وغيرت منه ما بنى عليه حساباته، ومن التزم للناس بشيء فقد قيد نفسه بهذا الالتزام أشبه ما يكون بجمل برك للحمل ولو كان الحمل ظالماً أو كانت ظروفه فيها ما فيها، المهم أنه استعد، فكيف يكون وضعه وقد برك للحمل؟ إما الوفاء أو العجز المعلن المخجل. وهذا لا ينحصر في وعد الشاعر بحل العقدة، بل يشمل كل من وعد وعداً جميلاً قليلاً أو كثيراً، وكل من ضمن أمراً صعباً أو سهلاً.
انتهى ما ذكره الدكتور النجدي. وإذا كان لشعر المحاورة جمهور كبير وقاعدة شعبية واسعة في المملكة والخليج وهو شعر مرتجل يقال بداهة وبمعانٍ غامضة وهو يدعو للإعجاب ويشد الأذهان لما فيه من التنافس وحرص الشعراء على إصابة الأهداف وإجادة المعنى والمبنى بأوزان شعرية وبقوافٍ لا تحيد عنها فقد عرفت شعر المحاورة بشعراء كثيرين من أبرزهم لويحان وسليمان الناصر بن شريم وأبو ماجد وارتبطت أسماء هؤلاء بشعر الرد وتميز أحمد الناصر وسيرته الشعرية بأنه في طليعة المحاورين، وفي السنوات الأخيرة تم تنظيم عدد من الأمسيات الشعرية جمعته بالدكتور عبدالرحمن الفريح التميمي وركزت على الشيلات الرائعة والنقد الأدبي والمحاورة.. وكان لهذه الأمسيات صيت في عالم الشعر نظماً ومحاورة.. ومن أحدث محاورات أحمد والفريح محاورة جرت بينهما في حوطة سدير ابتدأها أحمد بقوله: أحمد:
عبدالرحمن:
أحمد:
عبدالرحمن:
أحمد:
عبدالرحمن:
احمد:
هذا وقد دعا الأديب الدامغ حين احتفائه بالفريح وأحمد الناصر عدداً من المثقفين والأدباء والشعراء.. وتميز الحفل إضافة إلى تألق الشاعرين بأداء جيد من الشاعر خليل الشبرمي وقصائد مختارة من قصائده على طروق لويحان وأحمد الناصر كما تابع الحضور مقاطع شعرية قدمها كل من الشعراء باسم الوشيل وسليمان العلويط وسليمان بن عويس وسليمان السريع.. وكان من بين الحضور الراوية إبراهيم اليوسف وعبدالعزيز التميمي وغيرهم.وفي ختام الحفل قدم الجميع شكرهم للأديب الأستاذ أحمد الدامغ على أريحيته، متمنين للشاعر أحمد الناصر والدكتور الفريح التوفيق والاستمرارية في الأمسيات المتألقة. |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |