* كتب - محمد حسن:
صرح الدكتور غازي القصيبي وزير العمل السعودي في حديث شامل أدلى به ل(أخبار الخليج) بأن المملكة العربية السعودية تعاني من بطالة نسبتها 9.66%، وأن لديها 300 ألف سعودي في سن العمل عاطلين عن العمل. وقال: لقد وضعنا خطة استراتيجية لمواجهة مشكلة البطالة تمتد على مدى 25 عاماً، وهدفنا رفع نسبة السعودة في القطاع الخاص إلى 75%.
وقال الدكتور القصيبي: إن لم تنتبه دول مجلس التعاون إلى أخطار تكريس العمالة الوافدة فسيحدث خلل في التركيبة السكانية لكل دول المجلس لا محالة. وأضاف: لقد عملنا على خفض نسبة التأشيرات للعمالة الأجنبية خلال الشهور التسعة الأولى من عام 1426هـ - 2005م بنسبة 20%، وقررنا زيادة فرص العمل للمرأة السعودية وقصر العديد من الأعمال عليها، ومنها أعمال بيع اللوازم النسائية، كما يمكن للمرأة السعودية الآن أن تعمل في أي مجال مناسب لها باستثناء الأعمال التي يشكل عملها فيها مخاطر عليها. وقال: بدأنا تنفيذ حملة شاملة لتوظيف السعوديين، وسجلنا 155 ألفاً من الذكور، ووظفنا نحو 60 ألفاً فعلاً، وقررنا رفع نسبة السعودة في جميع المنشآت بمقدار 5% سنوياً.
وأكد الدكتور القصيبي تشابه أسواق العمل في دول مجلس التعاون الخليجي من حيث وجود العمالة الأجنبية بشكل كثيف. ودعا إلى توحيد مواقف دول المجلس للتخفيف من وجود هذه العمالة لتفادي مؤثراتها السلبية من خلال زيادة نسبة توطين الوظائف تدريجياً. وأشار إلى أن دول مجلس التعاون تواجه نفس التحديات في مجال العمالة الوافدة، ولذا فإنه يمكن توحيد الجهود فيما بينها لمواجهة هذه التحديات وحل المشكلات في إطار جماعي يحقق المصالح المشتركة.
وقال وزير العمل بالمملكة العربية السعودية الشقيقة الدكتور غازي بن عبد الرحمن القصيبي: إن القطاع الخاص يعتبر شريكاً أساسياً لما له من دور حيوي في استقطاب وتدريب العناصر الوطنية وإحلالها في الوظائف المتاحة التي تشغلها حالياً العمالة الوافدة التي بلا شك يؤثر وجودها الكثيف في التركيبة السكانية بدول مجلس التعاون الخليجي.
وقد أكد الدكتور القصيبي في لقاء خاص مع (أخبار الخليج) تشابه أسواق العمل في دول الخليج من حيث وجود هذه العمالة الوافدة الكثيرة، مشيراً إلى أنه بإمكاننا دولاً توحيد مواقفنا عبر مسارات تجاه هذه التحديات بما يحقق المصلحة المشتركة.
وفيما يخص الداخل السعودي، ذكر الوزير أن بلاده تواجه مشكلة البطالة لديها باستراتيجية وحملة وطنية لرفع نسبة (السعودة) إلى 75% في القطاع الخاص خلال الـ25 سنة القادمة، موضحاً أن المملكة استطاعت تخفيض إصدار تأشيرات العمل، فيما التوجه ينصب لقصر بعض المهن على السعوديين فقط. وذكر الدكتور القصيبي أن بلاده سمحت بتكوين لجان في القطاع الخاص تتولى عملية التنسيق مع أصحاب الأعمال لحل المشكلات العمالية، كما أنشأت جمعيات وهيئات لمهن وتخصصات محددة.
وفيما يلي نقرأ تفاصيل الحوار مع الدكتور غازي القصيبي الذي ألقى الضوء من خلاله على نقاط ورؤى التكامل الطموح في عدد من المسائل العمالية والإنتاجية المشتركة بين دول مجلس التعاون، فضلاً عن مبادرته منذ توليه حقيبة وزارة العمل في بلاده وجهود المملكة بشكل عام في مجال الاستثمار في العنصر البشري السعودي.
تفاصيل الحوار
* إلى أي مدى تتفق مع رؤية نظيرك البحريني الدكتور مجيد بن محسن العلوي بأن العمالة الوافدة أصبحت تشكل هاجساً خطيراً (ديموغرافياً) على دول مجلس التعاون الخليجي، بما في ذلك منح حق الانضمام والتصويت في الاتحادات والنقابات العمالية؟
- يجيب الدكتور القصيبي: أعتقد أن هناك من يختلف من حيث المبدأ مع هذه الرؤية؛ لأن هناك آثاراً كثيرة للعمالة الوافدة في دول مجلس التعاون الخليجي، ومنها ما يمكن أن يترتب على الوجود الكثيف والمستمر لهذه العمالة من إخلال بالتركيبة السكانية في هذه الدول، ولكن يمكن الحد من المخاطر بترشيد الاستقدام وربطه بالحاجة الفعلية للعمالة الوافدة، وأن يكون وجود هذه العمالة وجوداً مؤقتاً من خلال سياسات تقلل من توجهها نحو الاستيطان الدائم وتتيح المجال أمام العمالة الوطنية للإحلال التدريجي محلها.
برامج لـ25 سنة
* ما هي الإجراءات العملية التي اتخذتموها منذ توليكم حقيبة الوزارة في مشروع رفع نسبة السعودة؟
- يقول وزير العمل السعودي: قامت وزارة العمل باتخاذ العديد من الإجراءات لتأمين فرص العمل للمواطنين في القطاع الخاص، ومنها على سبيل المثال لا الحصر الحملة الشاملة للتوظيف التي بدأت منذ شهر ذي القعدة 1425هـ (ديسمبر 2004م) لتسجيل طالبي العمل من السعوديين الذكور، وتنفيذ خطة لتهيئتهم للعمل وتوظيفهم في القطاع الخاص. وقد تم تسجيل أكثر من 155 ألف طالب عمل من المواطنين الذكور يمثلون نحو 4.9% من إجمالي قوة العمل السعودية من الذكور، تمكنت الوزارة حتى الآن من توظيف حوالي 60 ألفاً منهم. ويضاف إلى تلك الإجراءات التي تم اتخاذها ترشيد الاستقدام والحد من تأشيرات العمل التي تصدر سنوياً، ونتيجة لذلك انخفض عدد التأشيرات الموافق عليها بنحو 20% خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 1426هـ (2005م) مقارنة بنفس الفترة من عام 1425هـ (2004م). كما تسعى الوزارة بالتنسيق مع الجهات المعنية الأخرى لتطبيق القرارات والسياسات الصادرة بشأن السعودة في القطاع الخاص، وقصر بعض المهن والأنشطة على العمالة الوطنية، والقرارات الخاصة بزيادة فرص العمل للمرأة السعودية في الأنشطة الاقتصادية المختلفة، بالإضافة إلى بعض الإجراءات التي اتخذت لمنع السعودة الوهمية، أو التهرب من توظيف المواطنين الذين يمكنهم شغل الوظائف المتاحة. كما أن الوزارة زادت من قنوات الاتصال والمشاورات المستمرة مع القطاع الخاص باعتباره شريكاً أساسياً وله دور أساسي ومحوري في استقطاب وتدريب وتوظيف المواطنين، ومن هذه القنوات المجلس الاستشاري الذي تم تشكيله بالوزارة من بعض رجال الأعمال لتقديم مقترحات وتصورات ورؤى لوزير العمل تتعلق بقضايا التوظيف في القطاع الخاص. ولدى الوزارة حالياً مشروع استراتيجية وطنية شاملة للتوظيف لمعالجة مشكلة البطالة وتحقيق السعودة بصورة منهجية ووفق رؤى وبرامج محددة خلال الـ25 سنة القادمة، ويُناقَش مشروع حالياً في ورشة عمل يشارك فيها القطاع الخاص تمهيداً لاعتماده بما يحقق أهدافه ويتوافق مع متطلبات القطاع الخاص.
دور المرأة
* ما هي مجالات وفرص التوظيف المتاحة للباحثات عن عمل من السعوديات في القطاع الخاص؟
- المرأة السعودية تحظى باهتمام كبير في المملكة، ولها دور حيوي وأساسي في المجتمع والتنمية الاقتصادية، وتسعى الدولة إلى أن تقوم المرأة بهذا الدور بفعالية. وفي سياق هذا الاهتمام أصدر مجلس الوزراء القرار رقم (120) بتاريخ 12-4-1425هـ (مايو 2004م) تضمن إجراءات عديدة لزيادة فرص ومجالات عمل للمرأة السعودية وتذليل العقبات التي تحد من انخراطها في العمل في مختلف القطاعات والأنشطة الاقتصادية، وذلك مع مراعاة خصوصية عمل المرأة وما تتطلبه تلك الخصوصية من بعض القواعد والضوابط التي تساعد على زيادة مشاركة المرأة وقدرتها على شغل الوظائف المتاحة. كما صدر قرار مجلس الوزراء رقم (187) بتاريخ 17-7-1426هـ (أغسطس 2005م) بشأن تراخيص تشغيل النساء في أقسام وفروع المنشآت الخاصة وتطبيق ضوابط تشغيلهن بأجر لدى الغير، بالإضافة إلى قرار وزير العمل رقم 793-1 بتاريخ 22-5-1426هـ (يونيو 2005م) بشأن تطبيق الإجراء الخاص بقصر العمل في محلات بيع المستلزمات النسائية على المرأة السعودية، فالمرأة الآن يمكنها أن تعمل في كل المجالات والأنشطة المناسبة.
التجارة الحرة
* ما هي الانعكاسات السلبية المترتبة على توقيع السعودية اتفاقية التجارة الحرة فيما يتعلق بالعمالة الوافدة بشكل خاص وتوفير متطلبات هذه الاتفاقية، وعلى رأسها انسجام قانون العمل السعودي مع بنود هذه الاتفاقية؟
- ليست هناك التزامات أو شروط مترتبة على المملكة من انضمامها لمنظمة التجارة العالمية فيما يتعلق باستقدام العمالة الوافدة، باستثناء ما ورد في اتفاقية الانضمام بخصوص موردي الخدمة من الوكالات والشركات الأجنبية التي وافقت المملكة على أن تكون نسبة العمالة الوافدة بها في حدود 25% من مجموع العاملين بها، وهذا يتفق مع ما جاء بنظام العمل الذي يقضي بأن تكون نسبة العمالة الوطنية في القطاع الخاص 75%، وأجاز لوزير العمل في حالة عدم توافر الكفاءات الفنية أو المؤهلات الدراسية أو تعذر إشغال الوظائف بموظفين أن يخفض هذه النسب مؤقتاً.
المنظمات الدولية
* إلى أي مدى يشكل تبني المواقف الموحدة لوزارات العمل والشؤون الاجتماعية بدول المجلس من أهمية وثقل في مواجهة بعض القرارات والاتفاقيات الصادرة عن المنظمات الدولية؟
- يجيب الوزير قائلاً: تتشابه أسواق العمل في دول مجلس التعاون من حيث الخصائص ووجود عمالة وافدة كثيرة بها، ولذلك فإنها تواجه نفس التحديات التي تتطلب توثيق التعاون وتوحيد الجهود فيما بينها لحلها في إطار جماعي يحقق مصالحها المشتركة، كما أن مجتمعات مجلس التعاون لن تكون بمعزل عن التطورات الدولية والإقليمية التي يسهل مواجهتها بشكل جماعي وبرؤية موحدة وأهداف مستوحاة من المستقبل والمصير المشترك. ويمكن مواجهة تلك التحديات فيما يتعلق بقضايا العمالة من خلال مسارات تشمل الاستمرار في تطوير أنظمة وتشريعات العمل، وتطوير برامج وأنظمة التعليم والتدريب، والاهتمام بالمعلومات والبيانات الخاصة بسوق العمل، ومناسبة تطبيق السياسات والقرارات المتعلقة بها.
الحركة العمالية
* أين تقف الحركة العمالية بالمملكة فيما يتعلق بتأسيس الجمعيات والنقابات المهنية؟
- يجيب الدكتور القصيبي: هناك لجان عمالية تم السماح بتكوينها في شركات القطاع الخاص لتتولى التنسيق مع أصحاب العمل بشأن كل ما يتعلق بظروف العمل وحل المشكلات التي تنشأ في هذا المجال، كما أن نظام العمل في المملكة يضمن حقوق العاملين وأصحاب العمل وآليات حل الخلافات العمالية من خلال هيئات تسوية الخلافات، بالإضافة إلى وجود العديد من الجمعيات والهيئات العلمية التي أنشئت لمهن وتخصصات محددة، مثل الهيئة السعودية للتخصصات الطبية، والهيئة السعودية للمهندسين، وهيئة الصحفيين السعوديين، وجمعية الصيدلة السعودية، وغيرها.
مبادرات
* يتزامن في كل من البحرين والسعودية إطلاق مبادرات وطنية لحل مشكلة البطالة في البلدين، فكم عدد العاطلين لديكم؟ وما هو العدد المستهدف لتوظيفه؟
- إن تقدير معدل البطالة هو من اختصاص مصلحة الإحصاءات العامة، والمعدل المقدر من قبلها هو 9.66%، وهو يعادل نحو 300 ألف شخص، وما زالت الوزارة تعتمد على هذا المعدل، وكما نعلم فإن البطالة تتغير طبقاً للتغيرات التي تحدث على الساحة الاقتصادية، وهناك نحو 155 ألف عاطل من الذكور ضمن حملة التوظيف التي أشرت إليها في إجابة سابقة، وهذا العدد يمثل نحو 4.9% من إجمالي قوة العمل السعودية من الذكور، وقد حصل نحو 60 ألفاً منهم على وظائف في القطاع الخاص، وتعمل وزارة العمل على توظيف باقي المسجلين.
قرارات
* ما هي الفترة الزمنية لتحقيق ورفع نسبة السعودة؟
- تتم سعودة الوظائف في القطاع الخاص من خلال قرارات وإجراءات عديدة صادرة في هذا الخصوص يتم تنفيذها بالتنسيق مع القطاع الخاص، ويعتبر قرار مجلس الوزراء رقم (50) بتاريخ 21-4-1415هـ (1995م) من أهم القرارات الصادرة في هذا الشأن، حيث يقضي بزيادة عدد العاملين السعوديين بنسبة لا تقل عن 5% سنوياً من مجموع العاملين بالمنشآت، ويتم تطبيق هذا القرار في ضوء تطورات سوق العمل وإعداد السعوديين الداخليين لسوق العمل سنوياً من مختلف التخصصات والمراحل التعليمية، وهناك بعض المهن والأنشطة في القطاع الخاص صدرت قرارات بقصر العمل فيها على العمالة الوطنية. ويعوَّل أن يؤدي تطبيق هذه القرارات إلى زيادة نسبة السعودة تدريجياً في القطاع الخاص بما يتفق مع معطيات سوق العمل ومتطلبات القطاع الخاص. كما تعمل الوزارة على رفع نسبة السعودية تدريجياً بمنشآت القطاع الخاص من خلال تطبيق القرارات والسياسات الصادرة في هذا الشأن بالتنسيق والتعاون مع القطاع الخاص، وفي ضوء تطورات المعروض من العمالة الوطنية كماً ونوعاً في سوق العمل. والمهم بالنسبة لنا تهيئة كل مواطن سعودي باحث عن عمل وإيجاد وظيفة مناسبة له في القطاع الخاص وعدم استقدام عمالة وافدة لا تكون هناك حاجة لها. وهذه السياسة سوف ترفع نسبة السعودة تدريجياً لتصل في المستقبل إلى النسبة المنشودة والمحددة في نظام العمل، وهي 75%.
|