بلا تردد
الكفالة المفضية إلى مفسدة
هدى بنت فهد المعجل

القاعدة الشرعية تنص على أن كل ما جر إلى مفسدة، فهو مفسدة، وإن لم يكن كذلك أصلاً...
والكفالة كتاب فقهي قائم بذاته، ومن التعاملات الاجتماعية المذكورة في فقه المعاملات والمأخوذ بها شرعاً، والمسموح عنها على الرغم من أنها تجر - أحيانا- إلى مفسدة واسعة النطاق للاستسهال في تعاطيها.. ولعدم الأخذ بأركانها، وشروطها المنصوص عليها في فقه المعاملات، وبألفاظها، وما تصح به وما لا تصح..
لعل آخر تلك الكفالات الخبر الذي طالعتنا به صحيفة الرياض يوم الاثنين 9 يناير 2006م في الصفحة الأخيرة عن شاب هربت معه فتاة لم يتجاوز عمرها 23 سنة لثلاث مرات متفرقة:
* في المرة الأولى تغيبت عن منزل والدها لمدة يومين برفقة الشاب وتم القبض عليهما في نهاية شهر رمضان الماضي ثم أودعت في دار رعاية الفتيات لمدة ثلاثة أيام، فيما أطلق الشاب ب(كفالة) بعد احتجازه لمدة يومين.
* في المرة الثانية تغيبت الفتاة مع الشاب نفسه بعد منتصف شهر شوال الماضي، لمدة أربعة أيام، وتم القبض عليها لتودع الفتاة مرة أخرى في دار الفتيات لمدة شهر، وتم إيقاف الشاب لمدة يومين ثم أطلق سراحه بعد ذلك ب(كفالة).
* وفي المرة الثالثة تغيبت الفتاة برفقة الشاب نفسه يوم الأربعاء الماضي ولم تعد حتى الآن..
والأب يحمل الجهات المعنية المسؤولية لإطلاقها سراح الشاب مرتين ب(كفالة) دون عقاب.. وهل لو قبض عليه في المرة الثالثة سيطلق سراحه أيضا ب(كفالة)..!!؟
مؤكد أن تمادي كليهما في الهرب دافعه الاستسهال في الأخذ بالمعاملات دون التدقيق فيما قد يترتب على الأخذ بها من مفاسد..!!
فما الذي ستجنيه الجهات المعنية من أخذ الكفالة على الشاب دون تنفيذ العقاب الذي يستحقه كلاهما طالما أنه والفتاة في حالة إصرار على ما يريدونه..!!
أحمد الله أن الأب حتى الآن على درجة من العقل والاتزان بحيث لم يقدم على تأديب ابنته بطريقة طائشة دافعها الانفعال، وشدة الغضب.. وكان الأجدر بالجهات المعنية أن تتكاتف والأب في تأديب الفتاة والشاب بحيث لا يحاولان تكرار التصرف مرة أخرى.. وجميل جداً أن نجد أباً يقف مع الجهة المسؤولة في تأديب من هم تحت كفالته وولايته فلا يكتفي هو بتأديبهم فربما يتجنى عليهم..!!
لذا فقد أحسن صنعاً صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية عندما أكد على الإدارات المختصة بالإمارة وجميع المحافظات وإدارات الشرطة بالمنطقة عدم قبول كفالة أي مواطن أو موظف غير مقتدر مادياً، لأن قبول كفالة غير المقتدر مالياً يعني أن لا فائدة من وراء إيقافه وتصرف الأمير يدل على اهتمام سموه بحقوق المواطنين والمقيمين والعمل على حلها أولاً بأول.
وقبول الكفالة عن هذا الشاب الذي هربت معه الفتاة ينافي الاهتمام بحقوق المواطنين والمقيمين، ويدل على عرقلة المشكلة والتأخير في حلها وعلاجها حتى يستفحل المرض ويصبح معدياً ووباء.