في عدد الجزيرة 12145 استوقفني الخبر عن حدثٍ اعتدنا أسفاً أن نقرأ أمثاله من صور بشعة عبّرت إيحاءً عن قلق مزمن!...
أفزعني في حال كانت الأفئدة تلهج ذكراً.. وهي ترنو إلى قطرات الهتان لتغسل أرضاً عطشى حفرتها تجاعيد الزمن!! تغسلها برفق لترسم ألواناً قزحية في فضاء فسيح .. ويشدو الطير مترنماً على أغصان الشجر.. إنها اهداءات منحها الخالق - عز وجل - لنتأمل صفاء لوحة (الحياة) ونقاء مطرها مع طبيعة تزهو بوهج منظرها!
***
لا أعهدك تهوى هذا الزهو برقة نداه.. ووردية ألوانه.. فذاتك تبحث عن أصناف العبث.. ومراتع الوحل.. تتعطش لحياة أخرى يرفضها الأسوياء من البشر.. لا أخالك تتغنى جذلاً في رؤية النجوم في ليلة قمرية هادئة أو الاستمتاع بشمس دفيئة في شتاء بارد.. أو الاحتماء في ظل بارد في يوم قائظ لا أعهد فيك هذا أبدا.. فكلما اقترب منك المجد ابتعدت عنه إلى الهاوية!!
***
شقاءٌ وبؤس جعلت يديك الآثمتين تغتال زهرات تتزين في رؤية والدها في عيدها المنتظر.. وحرمت بطيشك أماني.. رفيقة العمر في الالتقاء مع حبيبها وربيب أسرتها.. وغويت جرماً فذرفت دموع الحسرة والألم من مآقيها لتظل هذه المآسي هامة سوداء في جبين (طفل وليد) يبحث عن عطف والده!
أهو أسلوب حياة تهواه الأنفس الهائمة على فوهات العبث؟ أم هو تمرد على لوحة رائعة حملت في ثناياها ألوان الطيف التي يزداد عشقنا وانتماؤنا لها مع كل فجر يبزغ بشمسه.. ومع كل مساء يودعنا بعتمته.
***
أهي عاطفة طائشة تسير منقادة خلف فكر يهوى صاحبه رؤية الكيان الإنساني بما فيه من روائع الحب والأمل في صورة أشلاء ودُمى!!؟ أم هو رفض ذاتي لحياة هادئة.. هانئة.. ننسج من لحظاتها خيوط التآلف ونرسم حدودها بأقواس الوئام؟!
إنه انزواء على قارعة (الانغلاق) واتكاء عتبة التخلف بعمامة وهيئة رثة عبر صاحبها على جسور متهالكة، فبات أسيراً خلف سياج (الرجعية) لم يحسن صنعة سوى القنابل ولم يستقطب أنفه رائحة الا على (البارود) ولا يهنأ عيشاً إلا (بكهوف مظلمة) انظر إلى هذا شزراً.. فأريد ان ابتعد وأجهد الخطى لأقترب من مجتمع مدني راق.. يرى في حياته واحة خضراء يستظل بأفياء الحب والنماء.
يرى في نهاراته سماء صافية لا تحجب زرقتها شذرات الغمام يطرب سماعاً لصوت ندي يبعث في نفسه الأمن ويزرع في قلبه الأمان.
صباحاته تأتي برقة الندى.. وعذب اللحن.. وصنعاء المطر.. وفي روعتها موسيقى هادئة تعزف نغماً على أوتار التحايا!
***
ومهلاً أيها العابث لا تقترب من واحتنا فهي ترفضك تماماً، فأنت تسعى عبثاً إلى بث الفزع في هذه الوردات الجميلة بألوانها ولتذهب في ردهات (الفتاوى) العفنة تحت أطباق الثرى، فأنفاسك اللاهثة لا يصلح لها سوى (أن تودع الحياة) من غير رجعة!!.
لقد انكشف الغطاء واتضح لهؤلاء الحمقى الذين يهتفون مباركة وتصفيقاً للعابثين أمثالك بإعادة ترتيب (الأوراق من جديد) التغريد داخل السرب.. فالطريق شائك ومليء بالوحل!!
حقاً لقد كنت شرساً.. وعنيداً في بلوغ غايتك.. ولكن دجى الليل يبدده نور الفجر..
سعد بن محمد العليان/عنيزة |