في يوم حزين لن تزيله ملامح الزمن.. يوم الاثنين الموافق 3-11-1426هـ الساعة السادسة صباحاً شاءت حكمة رب الخلق أن يسترد أمانته.. فكان هناك رحيل بلا لقاء.. رحيل تلاشى بعده النور وحلَّ مكانه الظلام.. رحل واختفى..!! فأخذت أتأمَّل هل هو حقيقة أم حلم في المنام؟!! شخص امتلك كل مشاعر الحب والاحترام من الجميع.. كان والداً حنوناً وعطوفاً وشفوقاً.. على الرغم من المسؤوليات والأعباء التي تحمَّلها، والأمراض المزمنة التي رافقته في آخر أيام حياته، لم أذكر أنه في يوم تذمَّر أو اشتكى، فكان يحتسب الأجر عند الله.. فتعلمنا واكتسبنا منه صفة عظيمة ألا وهي الصبر.. وفي العشر الأواخر من رمضان ازدادت حالته سوءاً فنقل على إثرها إلى المستشفى فكانت نسبة بقائه في هذه الدنيا ضئيلة جداً.. فمرَّت عليه الأيام.. يوم أصعب من الذي قبله.. أتى الخبر الفاجعة الذي هزّنا.. خبر الفقد الكبير.. خبر رحيل هذا الوالد العظيم.. رحيل رجل كان بالنسبة لنا بمثابة قدوة عظيمة مثالية.. فوجئنا بهذه الفاجعة فخارت قوانا ولم ندرك ماذا نفعل.. هل نبكي؟! أم نصرخ بأعلى صوتنا ليعلم الناس أننا فقدنا إنساناً بكل ما تحمله هذه الكلمة في طياتها من معانٍ شفافة ومشاعر رقيقة ومحبة فيّاضة. فكان كل من حولنا يذكِّرنا بالعذاب الذي كان يعيشه وأن الموت راحة له.. دعونا له من الأعماق أن يجمعنا به الله في ديار الخلد.. ثلاثة أيام ما أقساها.. ما أصعبها.. كانت مليئة بالدموع والأحزان.. أتى القريبون والبعيدون ليعزونا ويواسونا في فقده.. فلم نصدق بعد أنه رحيل بلا عودة، بالطبع كان بمثابة حلم حزين مؤلم فأصبحنا نتذكَّر ونتأمَّل كل مكان كان يتردد إليه.. نسمع صوت المؤذن فنتجه نحو غرفته نفتحها فلا نجده، فيعاودنا الحزن والبكاء.. وتزيد أحزاننا عندما نشاهد بعض أدواته الخاصة وملابسه، نظارته، كرسيه، قرآنه، سجادته، بعدها نتذكَّر أنه رحل وترك لنا كل ما كان يملك ليكون لنا كالذكريات المؤلمة. تأكد يا جدنا يا أطهر قلب في الدنيا، ويا أعز إنسان عندنا في الوجود أن معزتك باقية في قلوبنا.. اللهم يا مفرِّج الكربات فرِّج كربتنا بفقد جدنا الحبيب وخفف عنا آلام الأحزان اللهم أنت أعلم بما في قلوبنا فثبتنا على قولك الثابت.. اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة.. اللهم اجمعنا به في الفردوس الأعلى.. اللهم آجرنا في مصيبتنا وأخلفنا خيراً منها.. { إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
|