خلق الله الإنسان وجعل فطرته العيش في جماعة، وكل جماعة تحتاج إلى تنظيم شؤونها عبر شخص يديرها ويقودها، ومنذ بدء الخليقة وُجدت الإدارة التطبيقية على تنوُّع أشكالها، وخلال العصر الحديث تطورت الإدارة العامة وأصبحت علماً وفناً مستقلاً بذاته. ومن الإدارة العامة اشتقت واستنبطت الإدارة التربوية، وظهر مفكروها وروادها الذين قادوها وطوروها حتى وصلت إلى ما وصلت إليه. وتحرص وزارة التربية والتعليم ممثلة بإدارات التربية والتعليم على اختيار القيادات التربوية ليقودوا العمل التربوي. وقسم الإدارة المدرسية في الإدارة العامة للتربية والتعليم بمنطقة الرياض جهوده واضحة في خدمة وتطوير الإدارة المدرسية، ومن ذلك حرصه على تكريم المتميزين من مديري المدارس. ولقد كان (الفرح الإداري) في تكريم المديرين المتميزين في قاعة مركز الملك عبدالعزيز التاريخي يوم الأربعاء 12-11-1426هـ تحت رعاية مدير عام التربية والتعليم الدكتور عبد الله بن عبد العزيز المعيلي، وبحضور عدد من قادة العمل التربوي. وبعد هذا التكريم هناك بعض الوقفات: 1- رعاية الإبداع والتميُّز من أهم ركائز تطوير العملية الإدارية التربوية، تجعل المتميز يشعر بتميُّزه، وتقدير رؤسائه له، ويكون قدوة للآخرين. 2- حضور مدير عام التربية والتعليم لحفل التكريم، دلالة على تقدير القيادة التربوية لمدير المدرسة. 3- الشكر موصول لكل من ساهم في هذا الحفل، وخصوصاً مدير قسم الإدارة المدرسية الأستاذ صالح الريمي ومهندس الحفل الأستاذ منصور القباع مشرف الإدارة المدرسية. 4- حبذا لو تمَّ الفصل في المفاضلة بين المدارس الحكومية والأهلية، لوجود الفروق بينهما بوجه عام، كالاختلاف في نوعية المباني، والدعم المالي، والعاملين في المدارس، وكل ذلك يؤثر على عمل مدير المدرسة، فالأفضل أن تتم المفاضلة بين المدارس الحكومية فيما بينها، والمدارس الأهلية فيما بينها. 5- لاحظت أثناء استعراض أسماء المديرين المتميزين عدم وجود من يحمل درجة أعلى من البكالوريوس، وهذا ليس انتقاصاً من حاملي البكالوريوس، ولكن أين خريجو الماجستير والدكتوراه، خصوصاً في قسم الإدارة التربوية، فضلاً عن التخصصات العليا الأخرى، وذلك في العمل الإداري المدرسي، وجامعاتنا تخرِّج العشرات سنوياً، فنحن أمام واقع نتيجته إما أنه لا يوجد مدير يحمل الدرجة العليا (فوق البكالوريوس)، أو أنهم جميعاً غير متميزين، وفي كل نظر. وأشير إلى دراسة أُجريت في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1951م، تفيد أن حوالي ثلاثة أرباع مديري المدارس الثانوية يحملون درجة الماجستير، وبعض المديرين حاصلون على درجة الدكتوراه. 6- ورد من ضمن شروط التكريم التفريق بين مدير المدرسة الابتدائية والمتوسطة والثانوية، فحتى يحق للمدير المفاضلة يجب أن يكون قد أمضى خمس سنوات مديراً في المرحلة الابتدائية، أو أربعاً في المتوسطة، أو اثنتان في الثانوية، ولا أعلم السبب في التفريق بين إدارة المراحل، علما أن الواجب دعم مدير المدرسة الابتدائية قاعدة التعليم. 7- ألغى التكريم المدير المتميز في سنته الأولى، فحتى يُكرَّم يجب أن ينتظر عامه الخامس أو الرابع أو الثاني حسب المرحلة، ثم يحق له دخول المفاضلة. هذا فيه هضم للمتميز في سنته الأولى، ألم يقل الشاعر مفاخراً: وإني وإن كنت الأخير زمانه لآت بما لم تستطعه الأوائل فالمدير قد يتميَّز في عامه الأول. 8- من باب التكريم للمدير المتميِّز أن يمنح صلاحيات استثنائية بناء على تميُّزه ليستمر في ذلك التميُّز ويزداد، فالصلاحية الكافية لها دور كبير في دعم العمل الإداري، مما ينعكس إيجاباً على الطالب محور العملية التربوية، علماً أن الدراسات التربوية الميدانية السعودية تجمع على وجوب أن يمنح المدير صلاحيات إضافية. وفي بادرة طيبة لتشجيع المتميزين أشار الدكتور عبد الله المعيلي إلى أهمية دعم المدارس التي تميز مديروها دعماً إضافياً مادياً، لشد أزر المدير المتميّز في عمله التربوي. ختاماً.. أتمنى أن يكون ما تطرقت إليه في مصلحة الإدارة التربوية، فكلنا يعمل من أجل خدمة التربية، وفي خدمة أبناء هذا البلد الكريم المعطاء.. وخلف كل مدرسة ناجحة مدير ناجح.
|