الحياة مليئة بأشياء كثيرة نحبها ونكرهها وبأمور نرغبها ونتقبلها وأمور ننبذها ونقتلعها من حياتنا. ومن تلك الأمور الأفكار، فكم من فكرة نورت عقلاً وبنت مجداً، وكم من فكرة حطمت حياة إنسان. فعندما نصبح أسرى لأفكار مسمومة لا فائدة حتى من التفكير فيها والتعمق وراء تلك الفكرة وما تحتويه من أمراض تجلبها لأجسامنا المنهكة من تعب الحياة المادية، فإننا نصبح كالذي ينتحر. إن مجرد التفكير في الفكرة وما قد يحصل مع طول التفكير الذي يؤدي إلى التفكير في تنفيذها ورؤيتها على أرض الواقع، إنه لأمر من طبع البشر، فكم رأينا عبر كتب التاريخ أفكاراً تحولت إلى حقيقة على مر الأزمان لأجيال سوف تأتي لتتعلم، وتدرك أن المجد والحضارة والتقدم يأتي من فكرة بسيطة بعقل إنسان أخذ يفكر ويفكر ويفكر إلى أن أصبحت فكرته إنجازاً عظيماً وأعجوبة من عجائب الدنيا السبع وأن لاشيء يقف أمام عقل يفكر مهما بلغت الصعوبة وغرابة الفكرة في الماضي كان ضرباً من الجنون من يقول: إن الإنسان سوف يطير أو أنه سوف يمشي على سطح القمر، أو أنه يستطيع أن يكلم شخصاً في آخر الدنيا لا يراه، أما الآن فإن ذلك كله أصبحت أموراً عادية في حياتنا اليومية. ومن تلك الأفكار ما يبث لنا عبر الفضاء وتعلق ضعفاء الإيمان والثقافة والجهلاء بأفكار منحرفة ومسمومة ليست منا في شيء وتصديقها والاقتناع التام بها، والوصول إلى الدفاع عنها بل ونشرها بين المحيطين بهم ومحاولة إقناعهم بها بشتى الطرق. ويا ليلتهم أخذوا على عاتقهم أمر الدفاع عن دينهم وثوابته، عن كل من أراد أن يفسر أمور ديننا على هواه، ويا أسفاهُ عندما نرى من أبناء جلدتنا من يفعلون ذلك، لقد غسل الغربُ أدمغتهم فلا يصدقون ولا يؤمنون إلا بما يراهُ الغرب لهم كأنهم بلا تفكير وبلا عقل. فالغرب في نظرهم هو أساس الحضارة، ويتصورون أن من لم يقلدهم في كل شيء فليس متحضراً بل هو متخلف ورجعي وأمي وغير ذلك من أفكار الغرب المسمومة، فمتى يفيق هؤلاء من غفلتهم ويصحون قبل فوات الأوان؟ ويعلمون أننا من يملك الحضارة والتقدم فلا ينقصنا سوى الهمة. وكم من همة أحيت أمة، فلتكن همتنا إحياء أمتنا لا أن نقتلها بأفكارنا.
|