* أجرى الحوار - عادل أبو هاشم : أكد السيد عبد الرحيم جاموس مدير عام مكاتب اللجنة الشعبية بالمملكة العربية السعودية أن المملكة التي تحتضن القضية الفلسطينية قضية وشعبًا منذ بدايات هذه القضية في النصف الأول من القرن العشرين على عهد المغفور له الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - وإلى اليوم في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - لا تألو جهدًا في دعم مسيرة النضال الوطني الفلسطيني ودعم الشعب الفلسطيني وقيادته الوطنية ماديًا وسياسيًا من أجل استرداد كامل الحقوق الوطنية الفلسطينية، وفي مقدمتها حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وكشف السيد عبد الرحيم جاموس في حديثه ل(الجزيرة) عن وجود أزمة فلسطينية عميقة بنيوية ووظيفية وسياسية حيث أكد على وقفة للجانب الفلسطيني مع الذات يستعيد فيها قراءة الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والاحتلالي لتبنى على أساسها آلية عمل النظام الفلسطيني بكل مستوياته. وأكد جاموس عدم التزام الجانب الإسرائيلي بالهدنة فقد زاد عدد الشهداء الفلسطينيين منذ 8 فبراير 2005م عن مائة وستين شهيدًا سقطوا برصاص الاحتلال الإسرائيلي، وعن أكثر من ألف ومائة جريح، بالإضافة إلى اعتقال حوالي أربعة آلاف فلسطيني، وهنا نص الحديث.. * ما هي وجهة نظركم في كل ما يدور على الساحة الفلسطينية الآن؟ - إن ما يدور على الساحة الفلسطينية يكشف عن أزمة فلسطينية عميقة بنيوية ووظيفية وسياسية، فالنظام السياسي الفلسطيني مأزوم على مستوى السلطة، وعلى مستوى منظمة التحرير الفلسطينية وعلى مستوى الفصائل وحتى على مستوى منظمات المجتمع المدني، ولابد للجانب الفلسطيني من وقفة مع الذات يستعيد فيها قراءة الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والاحتلالي لتبنى على أساسها آلية عمل النظام الفلسطيني بكل مستوياته ومكوناته وصولاً بمؤسساته ومكوناته إلى حالة التنوع والتكامل في الدور والأداء والخروج من حالة التعارض والتناقض القائمة والأزمة الحادة التي تعصف بالنظام السياسي الفلسطيني وبمكوناته ومؤسساته، حيث نلاحظ أن مؤسسات السلطة تجد نفسها في تعارض مع مؤسسات منظمة التحرير بدلاً أن تكون في حالة تكامل، أو في حالة تعارض مع فصائل المقاومة وهكذا... لدرجة أنك تجد بعض الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني تسعى لأن تكون بديلاً عن السلطة أو عن منظمة التحرير... ولذلك فإنه مطلوب إصلاح فلسطيني جدي لجميع مؤسسات النظام الفلسطيني ووضع آلية واجبة الاحترام من قبل مكوناته حتى يتمكن الجانب الفلسطيني من السير بالاتجاه السليم نحو تحقيق أهدافه الوطنية بكل الوسائل المتاحة له بدء من المقاومة المشروعة للاحتلال وانتهاءً بالمفاوضات التي يتفق الجميع أن تكون على أساس تنفيذ الشرعية الدولية بشأن القضية الفلسطينية بما يكفل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية التي احتلت في الرابع من حزيران 1967م وإنهاء الاستيطان فيها بكل أشكاله وإزالة جدار الفصل العنصري وحل مشكلة اللاجئين طبقًا للقرار 194 وممارسة الشعب الفلسطيني لحقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. * ممارسات الحكومة الإسرائيلية على الأرض تؤكد أنها ماضية في استهداف المسجد الأقصى المبارك، وأن هذا الاستهداف لا يتوقف على بعض الجماعات اليهودية المتطرفة، بل إن الخطر الأكبر على المسجد الأقصى يوجه ويدار من الحكومة الإسرائيلية ومكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، فما هي رؤيتكم لهذا الأمر؟ - نعم إن المخاطر التي تتهدد المسجد الأقصى المبارك بشكل خاص ومدينة القدس بشكل عام مخاطر حقيقية وجدية من الجانب الإسرائيلي ولا تقتصر على بعض المنظمات المتطرفة، كما أشرت بل هي سياسة تمثل توافقًا بين كافة أطياف الطيف الاجتماعي والسياسي الإسرائيلي، لما تمثله القدس من بؤرة محورية في الصراع العربي الإسرائيلي، تستند إليها الأسطورة الإسرائيلية لتبرير استمرار عدوانها على فلسطين الأرض والمقدسات والإنسان... وما الكتل الاستيطانية داخل وحول مدينة القدس وجدار الفصل العنصري الذي يسعى إلى فصل القدس كاملة عن محيطها الفلسطيني إلا ترجمة لهذه السياسة، وهذا يتوجب تنبها عربيا وإسلاميا ومسيحيا ودوليا لهذه المخاطر المحدقة بمدينة القدس، وبالأقصى المبارك، وإنني عبركم أوجه النداء للعالم الإسلامي والمسيحي معًا وللإنسانية جمعاء أن تتحد في مواجهة هذه الأخطار المحدقة بالأقصى المبارك وببقية المقدسات الإسلامية والمسيحية، وبمدينة القدس التي يجب أن تكون رمز السلام العالمي وإنقاذها من المخططات الإسرائيلية التي تستهدف روحها الإسلامية والمسيحية والإنسانية على السواء. * الاختطافات في الشارع الفلسطيني ما رأيكم بها؟ - إن ظاهرة الاختطافات في الشارع الفلسطيني على محدوديتها، تمثل مظهرًا سلبيًا ومظهرًا من مظاهر الأزمة الفلسطينية، وتعبيرًا عما يسمى بحالة الفلتان الأمني وهي مدانة من الجميع، وإن اختفاءها ضرورة لا بد من تحقيقها وعدم تكرارها لما فيها من تشويه لقوى المقاومة ولقيم الشعب الفلسطيني وللنظام الفلسطيني، ليتخذ منها ذريعة للبطش بقوى المقاومة وخلق حالة من الانفصال بين المقاومة ومجموع الشعب الفلسطيني. * جرت في غضون الأيام الأخيرة بعض العمليات التي استهدفت الكيان الإسرائيلي، وقامت بها الحركات الفلسطينية المسلحة فما هي رؤيتكم لمستقبل هذه العمليات خصوصًا بعد ورود أنباء عن عدم الالتزام بالهدنة في الفترة القادمة؟! - تعلمون أنه منذ تفاهمات شرم الشيخ في 8 فبراير 2005 م التزم الجانب الفلسطيني بالتهدئة أو بالهدنة على أن تكون هذه الهدنة تبادلية وأن يعمد الطرف الإسرائيلي إلى إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، وأن يرفع الحواجز وأن يضع حداً لسياسة الإغلاق والعقاب الجماعي، وأن يوقف سياسة اغتيال النشطاء الفلسطينيين.. الخ. وقد التزمت جميع فصائل المقاومة بهذه الهدنة، ولكن الطرف الإسرائيلي لم يوف بتعهداته كعادته بل أقدم على نكثها، فواصل سياسة التوسع الاستيطاني في أراضي الضفة الغربية، وواصل بناء جدار الفصل العنصري، وواصل إقامة الحواجز وتجريف الأراضي ومصادرتها، وواصل سياسة الاجتياحات العسكرية للمدن والقرى والمخيمات وسياسة الاغتيالات للنشطاء الفلسطينيين والاعتقالات، فقد زاد عدد الشهداء الفلسطينيين منذ 8 فبراير 2005 م عن مائة وستين شهيداً سقطوا برصاص الاحتلال الإسرائيلي، وعن أكثر من ألف ومائة جريح ، بالاضافة إلى اعتقال حوالي أربعة آلاف فلسطيني.. الخ. أمام مثل هذه الإجراءات الاستفزازية والعدوانية والوحشية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، كان من الطبيعي أن يأتي بعض الرد عليها من بعض فصائل المقاومة، ولكن العالم مغمض عيونه عن تلك الإجراءات العدوانية الإسرائيلية، ولا يرى إلا رد الفعل الفلسطيني بسبب سياسة الكيل بمكيالين واعتبار إسرائيل وأفعالها فوق القانون الدولي والإنساني، وللأسف يخرج من بين الصفوف الفلسطينية والعربية من ينظر إلى هذه الأفعال بنفس الطريقة السائدة ظناً منه أن هذه النظرة المقلوبة قد تأتي بإسرائيل إلى طاولة المفاوضات. والحقيقة هي أن إسرائيل تسعى إلى استفزاز فصائل المقاومة للخروج على الهدنة كي تبقى السلطة الفلسطينية في حالة من الضعف أو اتخاذ ذلك مبرراً للزج بها في أتون حرب مع فصائل المقاومة تستنفد فيها الجهد الفلسطيني وتفقد السلطة مشروعيتها الوطنية والشعبية، وتحول دون قيام مركز قرار وطني فلسطيني قادر على اتخاذ القرار سواء على مستوى الداخل أو على مستوى الخارج وهذا بالتالي ما سيعطي المصداقية للأطروحة الشارونية الإسرائيلية بعدم وجود طرف فلسطيني يتوجب التفاوض معه، وبالتالي الاستمرار في نظريته للسلام الأحادي الجانب والقائم على فرض وقائع على الأرض من جانب إسرائيل بشكل منفرد، وتعتبرها تنفيذاً لاستحقاقات السلام من جانبها... !! * الوضع اللبناني أصبح الآن يمر بمنعطف خطير للغاية فما هي رؤيتكم له خصوصاً بعد العملية الأخيرة، وهل تعتقد فعلاً أن استهداف بعض الفصائل الفلسطينية في لبنان بزجها في هذه الأحداث مخططا إسرائيليا واضحا ؟؟! - الوضع اللبناني كما وصفته بالفعل يمر بمنعطف خطير للغاية، بسبب جملة من الاستحقاقات الإقليمية والدولية التي عكست نفسها عليه، متخذة من طبيعة نظامه السياسي القائم على الطائفية السياسية حصان طروادة لفرض تلك الاستحقاقات على لبنان وعلى دول المنطقة العربية وخصوصاً سوريا وفلسطين، ولذلك لا يمكن النظر لما يجري في الساحة اللبنانية بمعزل عما يجري في المنطقة سواء في فلسطين أو في العراق، وإن استهداف بعض الفصائل الفلسطينية في لبنان هو مقدمة لنزع سلاح المقاومة الوطنية الاسلامية في لبنان ومعاقبتها على إلحاقها الهزيمة بجيش الاحتلال الإسرائيلي وتعهير نموذج المقاومة ومعاقبة جميع من ساند مشروع المقاومة في جنوب لبنان بدءا من المقاومة الفلسطينية مروراً بسوريا وبجميع القوى والفئات في الساحة اللبنانية، وقد كانت المقدمة والمدخل إلى ذلك القرار 1559 ثم اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ليسهل التدخل الدولي على قاعدة استحقاقات مظهرها داخليا وحقيقتها خارجية أسست لها القوى الإقليمية والدولية واتخذت منها غطاءً لتدخلها في لبنان خصوصاً والمنطقة عموماً، ويقود هذا المنهج في نهاية المطاف إلى ضرورة وقف المقاومة الفلسطينية في الداخل الفلسطيني ونزع أسلحتها... علماً أن السلاح الفلسطيني في لبنان قد تم تسليمه للجيش اللبناني عام 1990م تمشياً مع قرارات مؤتمر الطائف، وأن السلاح الموجود حالياً بين يدي الفلسطينيين في لبنان هو سلاح فردي لحماية أمن المخيمات بسبب غياب السلطة الأمنية، وعدم توفير ضمانات أمنية واجتماعية وسياسية للفلسطينيين في لبنان، وإن أمر السلاح الفلسطيني في لبنان يمكن التفاهم حوله مع الحكومة اللبنانية على أساس توفير الأمن للفلسطينيين وحل المشاكل الاجتماعية التي يعاني منها الفلسطينيون في لبنان بالإضافة إلى توفير ضمانات سياسية لحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين حلاً عادلا طبقاً للشرعية الدولية بهذا الشأن ووفقاً للقرار الأممي 194 . * كيف تقيمون دعم المملكة العربية السعودية للقضية الفلسطينية؟ - إن المملكة العربية السعودية التي تحتضن القضية الفلسطينية قضية وشعبًا منذ بدايات هذه القضية في النصف الأول من القرن العشرين على عهد المغفور له الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - وإلى اليوم في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - لا تألو جهدًا في دعم مسيرة النضال الوطني الفلسطيني ودعم الشعب الفلسطيني وقيادته الوطنية ماديًا وسياسيًا من أجل استرداد كامل الحقوق الوطنية الفلسطينية، وفي مقدمتها حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، فمنذ أكثر من نصف قرن ظلت قضية حقوق الشعب الفلسطيني في صدارة استراتيجية العمل السياسي والدعم المادي والدبلوماسي من حكومة المملكة وشعبها، وظل الموقف السعودي دائمًا بجانب ما يريده الشعب الفلسطيني دون إملاء مواقف أو محاولات استيعاب أو متاجرة بالشعارات، ولم يتوان يومًَا عن تقديم كافة أشكال الدعم والمساندة لتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني واسترجاع حقوقه المشروعة، وظلت المملكة وفية لمبادئها في دعم القضية الفلسطينية وجهاد الشعب الفلسطيني سياسيًا وماديًا ومعنويًا، وبقيت على الدوام عمقًا استراتيجيًا للمناضل الفلسطيني، ولا أدل على ذلك من الدور الذي تضطلع به المملكة هذه الأيام على الساحتين العربية والدولية في دعم الشعب الفلسطيني وانتفاضته المباركة. * كيف تقيمون عمل اللجنة الشعبية في دعم الشعب الفلسطيني؟ - لقد أدركت المملكة العربية السعودية منذ نكبة حزيران (يونيو 1967م) إلى أهمية الدعم المالي في معركة التحرير، فكان النداء المدوي لجلالة المغفور له الملك فيصل بن عبد العزيز بتشكيل اللجان الشعبية لمساعدة مجاهدي فلسطين التي عهد برئاستها إلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض التي امتدت مكاتبها لتغطي معظم المدن الرئيسية بالمملكة حيث بلغت اثني عشر مكتبًا ساهمت ولا تزال تساهم في جمع التبرعات لجهاد شعب فلسطين من أبناء الشعب السعودي الذي تجاوب معها تجاوبًا كبيرًا، إضافة إلى توليها تلقي التزامات أبناء الجالية الفلسطينية المقيمين في المملكة التي يتم تجميع إيراداتها وتحويلها إلى منظمة التحريرالفلسطينية بمعدل ست حوالات سنوية، فالمملكة العربية السعودية هي الدولة العربية الإسلامية الأولى إن لم تكن الوحيدة التي شكلت لجاناً شعبية اختارت رئيساً لها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض لإضفاء الأهمية على هذه اللجان حتى تجد التشجيع المنشود من أفراد شعب المملكة في كل منطقة من بلاده، فالمملكة لها اليد الطولى في تقديم الدعم المالي للثورة الفلسطينية والشعب الفلسطيني من خلال اللجان الشعبية التي يرأسها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز صاحب فضل كبير في رعاية أبناء الشعب الفلسطيني والاهتمام بمصالحهم وحل مشاكلهم وهو صاحب شعار (( ادفع ريالاً تنقذ عربياً )) رداً على الشعار الذي رفعته الصهيونية (ادفع دولاراً تقتل عربياً). وقد وصلت إيرادات اللجنة الشعبية منذ تأسيسها عام 1388ه وإلى الآن ما يقارب ملياري ريال. حيث يعتبر عمل اللجنة الشعبية منارة في العلاقات السعودية- الفلسطينية، وتعبيرا صادقا عن التلاحم بين فلسطين والمملكة، وبين الديار المقدسة والأرض المباركة بصخرتها وأقصاها. * كيف تقيم مسيرة عملكم بالخارج على مدار الفترة الماضية ؟ - إن تقييم مسيرة عملنا بالخارج تترك للآخرين أن يقيموها، ولكني أقول: إنني راضٍ عن عملي وعن مهمتي الإنسانية في حقل دعم صمود شعبنا من خلال عملي كمدير عام لمكاتب اللجنة الشعبية لمساعدة الشعب الفلسطيني بالمملكة العربية السعودية التي يرأسها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض الذي يوفر لنا ولهذه اللجنة ولمكاتبها أفضل ظروف العمل من الناحية الإدارية والسياسية لأداء المهام المنوطة بهذه اللجنة ومكاتبها على خير وجه ممكن، وبالفعل استطاعت اللجنة أن تترجم هذه التوجيهات إلى دعم مادي ملموس على مدى سنوات عمل اللجنة التي زادت عن ثمانية وثلاثين عاماً في المملكة العربية السعودية. * نود منكم توضيح الإنجازات التي قدمتموها للقضية الفلسطينية طوال الفترة الماضية ؟ - ما لم يتم تحقيق أهداف شعبنا في العودة وتقرير المصير وإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف فإنه لا يمكن الحديث عن إنجازات، وإنما كل مناضل في موقعه مهم في مسيرة العمل الوطني، إذا أدى ما يوجبه عليه واجبه، فيجب عدم الاستهانة بأي واجب نضالي داخل فلسطين أو خارجها، فالحركة النضالية حركة تكاملية بمؤسساتها وبعناصرها صغيرها وكبيرها حيث بمجموعها تمثل الجسد الوطني باتجاه تحقيق الأهداف النبيلة لشعبنا. * رؤيتكم لوضع الفلسطينيين الآن بالخارج ؟ - لا شك في أن اتفاقات أوسلو وبناء السلطة الوطنية وعودة جزء كبير من المناضلين والقيادة الفلسطينية إلى داخل فلسطين قد نقل النضال الوطني الفلسطيني نقلة مكانية ونوعية، فانتقل مركز الثقل في العمل الوطني الفلسطيني من الخارج إلى الداخل، وتنوعت المهمات من المقاومة إلى بناء المؤسسات الوطنية وتسيير الشأن اليومي لأهلنا في الداخل الفلسطيني، بقدر ما في هذا المشهد من إيجابية، كان هناك سلبية على وضع الفلسطينيين في الخارج يتمثل في تهميش دورهم في العملية الوطنية من جهة، بل واستثناؤهم من الحل المنشود حسب التوجهات الإسرائيلية الدولية.. إلخ، ولكن بيد الفلسطينيين في الخارج الدفاع عن دورهم في العملية الوطنية والدفاع عن وضعهم في أية تسوية نهائية منشودة مع الطرف الآخر، فهم يمثلون الأكثرية ويعيشون ظروفا متباينة بتباين أماكن إقامتهم، ولذا فإن تفعيل دور منظمة التحرير ومؤسساتها ضرورة تحتمها مصلحة الشعب الفلسطيني عامة والفلسطينيين في الخارج خاصة، لأنها هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ولذا يجب التأكيد على هذا الدور للمنظمة وللفلسطينيين في الخارج حتى لا يتحول الحل السياسي كما توجهه إسرائيل وحلفاؤها وعملاؤها إلى أن يصبح حلاً بين إسرائيل وسكان المناطق المحتلة ويستثنى منه الفلسطينيون في الخارج وخصوصاً اللاجئين منهم. * رؤيتكم لموقف السلطة الفلسطينية من القضية الفلسطينية وهل تستحق هذا النقد الذي يوجه من قبل بعض الفصائل الفلسطينية ؟! - السلطة الفلسطينية هي نتاج الاتفاقات الموقعة بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، وبالتالي هي ذراع منظمة التحرير الفلسطينية في داخل الأراضي المحتلة ومهمتها السهر على تسيير الشأن الذاتي لشعبنا في الضفة والقطاع، والتأسيس لنواة الدولة الفلسطينية بتوجيه وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية ووفق رؤيتها وبرنامجها السياسي في تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني والمقرة في المجالس الوطنية المتعاقبة، ولكن هناك من يرى أن السلطة بديل عن منظمة التحرير، وأن زمن منظمة التحرير قد ولى وعفا عليه الزمن، ويعتقد خاطئاً أن بإمكان السلطة بمؤسساتها الرازحة تحت نير الاحتلال وإجراءاته العدوانية قادرة على إنجاز الأهداف الفلسطينية وتحقيق الاستقلال الفلسطيني وهذا وهم كبير !!! ويتماشى مع الرغبة الأمريكية الإسرائيلية في الانقلاب على قواعد عملية السلام للوصول إلى التسوية النهائية وفق الرؤية الإسرائيلية لا وفق الرؤية الفلسطينية المعتمدة على الحق الطبيعي للشعب الفلسطيني في وطنه فلسطين والمدعومة بالشرعية الدولية، ولذا تجد السلطة الفلسطينية نفسها في بعض الأحيان في تعارض مع مؤسسات منظمة التحرير أو مع الفصائل الفلسطينية، ومن هنا تظهر أزمة السلطة وأزمة المنظمة، وكذلك أزمة الفصائل، وتتعمق الأزمة الفلسطينية وتذكيها إسرائيل عبر استغلالها لهذه التناقضات أو التعارضات، وهذا يذكرنا بنظرية قدرة الكبار على استغلال تناقضات الصغار، وبالتالي لا خروج للسلطة والمنظمة والفصائل من هذا المأزق إلا بوضع آلية واستراتيجية عمل فلسطينية واضحة تقوم على أساس التكامل والتنوع بين هذه المكونات السياسية التي تمثل النظام السياسي الفلسطيني.
|