قاسية الحياة بدون الشخص الذي تستند إليه، قاسية الحياة جداً وقاسية عندما تفقد من تفضفض إليه، وتزيد قساوتها عندما تأتي الى المكان الذي اعتدت إلى وجود هذا الصديق فيه تأتي من بعد غياب طويل وسفر شاق وعناء مستمر ولم تجده يعود من حيث أتيت وتقول فعلا الحياة قاسية بدون صديقك الذي تستند إليه، الحياة تجرعك المر والألم إذا أفقدتك هذا الصديق الذي ينتشلك من دهاليز الظلام إلى أهازيج الفرح والسرور، يحاول جاهداً أن ينور لك الطريق المظلم يحاول باستمرار ازاحة الأشواك عن الطريق الذي تسلكه يحاول أن يتحمل وخزها قبلك، يقف معك جنبا إلى جنب دائما وإذا غاصت فيك الأمواج وابتلعتك البحار أنقذك من وسطها رمي بثقله داخل تلك البحار وخرج وأنت معه حملك إلى بر الأمان لأنه يسعى دائما إلى اسعادك، يسير معك أينما تسير ويتقاسم معك الهموم ويشاركك الآلام، يحزن إذا شاهدك حزينا ويفرح إذا شاهدك مسروراً، ويسأل عن سبب حزنك، ويحاول بكل ما يستطيع أن يخلق لك جوا من المرح والفرح والسعادة، يبعد عنك الأكدار كلما اقتربت اليك قال أنا تحملها عنك كلما سددت يمك السهوم وقف في دربها يريدها ان تصيبه قبلك، ينقلك من عالم مخيف إلى عالم آمن وينقلك من عالم التشاؤم الى عالم التفاؤل، يحمل قلبا طيبا جدا يحارب الأنانية وينبذها وهو ضد كل من لا يقدر المواقف الانسانية، لا يبني علاقاته على مصالح ذاتية أو مصالح دنيوية، بل دائما يسعى وهو بعيد كل البعد عن تلك المصالح التي يسعى الكثير إليها في هذا الزمن الذي نعيشه، شعاره سعادة الآخرين وأنت يحاول اسعادك أكثر من غيرك، هكذا الصديق الصادق الوفي، هكذا الاخلاص والتفاني في سبيل المحافظة على الصداقة، هكذا نجد أصحاب القلوب الطيبة، هكذا يجعلون غيرهم سعداء أولا وبعدها يجدون السعادة، لا يمكن أن يحصلوا على السعادة إذا لم يسعدوا غيرهم، هكذا يحق أن يقاله له صديق وفي، يقدم التضحيات التضحية تلو التضحية في سبيل اسعادك يعلم أن السعادة هي الهدف المنشود لكل البشر ويحاول هو ايجاد هذه السعادة، مهما شاهد الآخرين يعيشون في زمن المصالح ولكن هو يعيش في زمن الوفاء يخلق كما هائلا من الثراء الداخلي لغيره أولا، يشيد صومعة يجتمع فيها أصحاب القلوب الطيبة الرحيمة التي تقدر القيم الانسانية، يسخر تضحياته لك وللآخرين وبالتالي يكون زمانه غير أزمنتهمن وشعوره خلاف شعورهم ووفاءه خلاف وفائهم، وفاؤه مستمر، وشوقة متجدد واخلاصه صادق عندما يشاهد شخصا يعيش مع آخر من أجل مصالح فهو يحاول الابتعاد عنه لأن طبعه ليس كذلك، بل هو خلاف المصالح وأصحابها شعاره لا يتغير، أليس يستحق بأن يطلق عليه الصديق الوفي الصديق الغريب في زمن الغرابة، الصديق الصادق، هذا لا صديق تجد لديه مكان آمن تلجأ إليه بعد الله، هذا الصديق تأتي إليه مهموما يبدد همومك، هذا الصديق تطلبه على ما في قلبك من أفراح وأحزان وهموم وآلام وآمال وتطلعات تجعله يطلع على كل ما يحمله قلبك من أسرار تجعلها تنتقل منك إليه وتعلم أنها في قلب صديق أمين، لا تخفي عليه شيئا لانك تعلم بأنه وفي ووفي ومخلص يحب لك ما يحب لنفسه وأكثر، تذهب وتبحث وتقول أين هذا الصديق في هذا الزمن، فهل يتحقق هذا الحلم؟ يا له من حلم جميل إذا تحقق وأصبح واقعا منشودا في زمن غريب جداً.
|