* حوار - محمد بن إبراهيم السبر : الإنترنت من أحدوثات هذا العصر بل من أعجوباته حيث أصبح وسيلة اتصال والتقاء وباباً للفائدة وتلقي المعلومة إلى درجة أن أصبح شيئاً من ضرورات الحياة البشرية كونه يختصر المسافات ويسهل الوصول للمعلومات، ونحن كمسلمين أولى الناس بالاستفادة من الإنترنت في حياتنا وتطويعها حسب ضوابطنا الإسلامية وعاداتنا الأصيلة فما مدى استفادتنا من النت في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة؟ وما مدى ظهورنا على هذه الشبكة؟ وهل نستطيع أن نؤدي واجبنا عن طريقها؟ وهل من محاذير في ذلك. هناك كم هائل من المعلومات في جانب يجهله بعضنا ويسعدنا أن نلتقي بضيفنا الشيخ سعد بن عبدالله السبر إمام وخطيب جامع الشيخ عبدالله الجار الله بالرياض ليطلعنا على الجوانب التي أشرنا لها حيث باع ضيفنا كبير في هذه المجالات فإلى الحوار. ********* أهمية النت * كيف ترون أهمية الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) للمسلمين في الوقت الحاضر؟ - لا شك أن أهمية الإنترنت في عصرنا تكمن في كونها وسيلة للنقل لأي شيء سواء كان خيراً أو شراً يقرب البعيد ويسهل الصعاب يدخل قعر القلوب والبيوت ويقلل المسافات ويختصر الساعات، ولأجل وجود هذه الصفات في الإنترنت أصبح عنصراً مهماً وحيوياً للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وللدعوة وذلك بنشر العقيدة الصحيحة السليمة ورد الباطل ودحض الشبهات ووأد الشهوات التي تنشر من خلاله، وعرض صورة الإسلام الحسنة بإزالة التهم والشبه التي أُلصقت بالإسلام بأنه دين التعقيد والظلام والجهل أيضاً وإزالة شبهة الإرهاب والتكفير والتفجير والإجرام، كما أن منتديات الإنترنت فرصة للتواصل مع الآخرين وعرض الدين بالصورة الصحيحة وهي كحال النبي صلى الله عليه وسلم في عرض نفسه على القبائل في بداية الإسلام بل هو من وسائل الدعوة المتطورة العصرية، وكذلك وضع مواقع العلماء الربانيين الموثوقين لنشر علمهم وفتاويهم وإفتاء الناس بما يحتاجون. حضور ضئيل * كيف يقيم فضيلتكم الحضور الإسلامي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة في النت؟ - الحقيقة أن حضورنا الإسلامي على هذه الشبكة ضئيل جداً جداً، وهذا أمر محزن بالنسبة لكوننا خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، ذلك أن العالم يعيش فراغاً روحياً وإذا كان ديننا الدين الإسلامي هو الدين الذي لا يقبل سواه قال سبحانه: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ)، فإنه يجب علينا أن نقوم بواجبنا من تبليغ هذا الدين ونشره في جميع أنحاء العالم واستخدام جميع الوسائل المتاحة لتبليغ هذا الدين ونحن مأمورون بتبليغ هذا الدين ونشره قال تعالى: { لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ }، وهذا أمر لا مفر منه ولا مجال لنا في تركه إذا أردنا أن نعلي هذا الدين وأن ننشره بطريقة صحيحة بين الناس، ولأجل ذلك لا بد من وضع برامج وتنظيمات لتحقيق ذلك الهدف المنشود لنا جميعا ألا وهو نشر الدين الاسلامي بطريقة واضحة على هدي القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، والواقع يدل على أن الناس متعطشون لمعرفة الحقائق عن الإسلام بل إن هناك أعداد كثيرة دخلت في الإسلام عن طريق الإنترنت. حماس شباب !! * بعض الشباب يتحمس للدعوة للاحتساب عبر ساحات ومنتديات وغرف الإنترنت فهل تنصحونه بهذا وماذا توجهونه؟ - الشباب طاقات وعواطف تسيرهم بالطاقات مطلوبة لكن الموجهة التي تقبل التوجيه أما العواطف فهي التي تقود الشباب في أكثر الحالات للوقوع في الأخطاء خصوصاً في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فالشباب عندما يرون ساحات ومنتديات وغرف الإنترنت وما يطرح وما يعمل فيها يغضبون غضبة يحتسبونها لله ويحاولون الإنكار والتوجيه والإصلاح وربما يوفقون في البداية أو يهانون والمصيبة والطامة أنهم مع الاستمرار يقعون في الخطأ والزلل والضياع لأن كثرة الإمساس تفقد الإحساس، ومجالسة الكفرة والمبتدعة والفساق دون علم ودين مهلكة، ومفسدة أيما مفسدة والذي يدخل للإنترنت للاحتساب أو الدعوة فليعلم أنه أعظم خطراً أو ضرراً من الذي سيسافر لبلد أو بلدين ولذلك وضع علماؤنا شروطاً للمسافر ذكروا منها أن يكون لديهم علم يقيه من الشبهات ودين يعفه من الشهوات فكيف بمن يخالط العالم أجمع كفارهم وفساقهم ومفسديهم والمُكَفِرَة، من ليس لديه علم ولا دين كيف يحتسب ويدعو؟! وخصوصاً العلم بالله سبحانه ويقول: { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي} وخاطب نبيه { فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} وبوب البخاري - رحمه الله - على هذه الآية باب العلم قبل القول والعمل، فمشكلتنا أن الشباب باحتسابهم بعواطفهم وليس بعلمهم وهذا الذي يقودهم للضلال في العالم الخارجي يدخلون الإنترنت لأجل أن يبحثوا عن الخير فيه لأن الشر والفساد متيسر في بلدانهم فلن يتكلفوا عنه في الإنترنت أما نحن فالخير متيسر لنا في بلادنا مساجد وجوامع كلها منارات للخير وتبثه للناس جامعاتنا ومعاهدنا ومدارسنا وسبل الخير الكثيرة لدينا إذا الخير في الإنترنت لنا محدود إلا من استخدمه للدعوة وللأمور المباحة أما الأكثر فهم يدخلون بحثاً عن الفساد والشر، ففتنة التكفير والإرهاب الإنترنت هو الذي أوقدها. وقد يكون الانحراف بسبب المواقع الإباحية التي وصلت عام 2002م 20 مليون موقع إباحي وفي إحصائية خرجت في نفس العام عن الشباب العربي أشارت إلى أن 70% يدخلون المواقع الإباحية فقط دون غيرها و90% يدخلون المواقع الإباحية والمحرمة بأنواعها، فلو سألنا أكثر الداخلين لقال بأني دخلت للدعوة والقلة للفضول وهذه القصة تحكي واقع الشباب الأليم شاب يصل 30 من عمره يدخل الإنترنت لأجل الدعوة ويتعرف على المواقع الطيبة التي هي للصلاح والإصلاح ويبدأ يمكث فيها طويلاً ويتعرف على من فيها ومنهم فتاة سعودية في العشرين ويبدأ التواصل معها لإخبارها عن المحاضرات والدروس وشيئاً فشيئاً حتى تحولت الدعوة عشقاً والعشق فجوراً ثم النتيجة تأتي إلى أن تريد تخليصها من هذا الرجل خوفاً من أن ينكشف أمرها وينهدم بيتها ونحاول مع الرجل ونتعرف عليه لعله يرعوي أو يتوب وإذا به يقول دخلت للدعوة وخرجت بالفجور، ونصيحتي للشباب العلم ثم العلم ثم العلم الشرعي عند العلماء الربانيين والبعد كل البعد عن مواقع الريبة والشبه بحجة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فربما محتسب انزلق في حياض رذيلة النت. مجالات احتسابية * ما مجالات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عبر الإنترنت؟ - مجالات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كثيرة لكن بشرط العلم والدين للمحتسب فالمواقع الكفرية التي تدعو إليها كثيرة سواء كانت مباشرة أو عن طريق اللمز والطعن في الإسلام والدعوة للكفر، والمنتديات الإباحية ومنتديات الغزل وغرف الحوار في البالتوك والماسنجر والياهو وغيرها من المواقع الخاصة كل هذه مجالات للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يستطيع المحتسب مناصحة أهلها عن طريق وسائل البريد لكن المنتديات يوجد بها بريد لمن يكتب في هذه المنتديات تستطيع مراسلة أهل هذه المنتديات عن طريقها وأما المواقع الحوارية الصوتية عن طريق الرسائل الخاصة أيضاً يمكن دعوة العلماء المصلحين لدخول هذه المواقع لتوجيه أهلها، وإرشاد من يرتاد هذه المنتديات إلى المواقع الصالحة الطيبة ومواقع العلماء والمشايخ والدعاة. المنكرات الإنترنتية!! * ما المنكرات والمخالفات الواقعة في النت ومن المتعاملون بها؟ - المنكرات كثيرة جداً لا تحصى ولا تعد أعظمها الذي ليس بعده ذنب الكفر بالله وللأسف يرتاد بعض الشباب والبنات مواقع ومنتديات تدعو للكفر ولمحادة الله ورسوله، ومن المنكرات وجود مواقع تغرس في الشباب عقيدة الخوارج الخروج على ولاة الأمر وتربيهم على التكفير والتفجير، ومجتمعنا كان مغلقاً على الخير ولما انفتح لم يأته إلا الشر لأننا بخير وما عندنا من الخير العالم يطلبه لكن الانفتاح التقني جلب لنا الشر والمصائب من وقوع التكفير والتفجير والإرهاب التي بعد الإنترنت كثرت في مجتمعنا ومواقع فيها مشايخ لوحات المفاتيح يهيجون الشباب ويحرضونهم فأصبحنا نجني الويلات والمصائب. إن هذه الشبكة مع ما فيها من المنافع إلا أن أضرارها أكبر بكثير من منافعها، وسلبياتها كثيرة جداً جداً.. ومن المنكرات والمخالفات أيضاً مواقع الجنس الإباحية التي ليس فيها حياء ولا مراعاة لأدب أو خلق ومواقع الغزل ومواقع الضحك على الناس وأخذ أموالهم بحجة التجارة وأنك ستصبح غنياً ثم النتيجة لا غنى ولا شيء إنما نصب واحتيال.. ومن المنكرات قتل الأوقات فالمتعاملون بالنت يعكفون عليها ليلهم ونهارهم لا يهتمون لوقت ولا لصلاة أو عبادة تضيع أموالهم وأوقاتهم وبعد ذلك يوم القيامة سيسألون وعليها يحاسبون. إثارة الفتن * كثر في ساحات النت وتحت الأسماء المجهولة والمستعارة إثارة الفتن والتحريش بين المسلمين وتفريق صفهم وكلمتهم والدعوة إلى الخروج على ولاة الأمر والإساءة إلى العلماء ما تفسيركم لذلك؟ - التفسير لهذه الظاهرة الإنترنت يوجد فيه عالم الأشباح والمجاهيل فهذه الشبكة لا يعرف المتكلم من هو؟ ومن أي البلاد؟ وما هو علمه وما هي حاله؟ لذا كل من له أهداف يستطيع يبثها في هذه النت ومن هو على باطل طريقه النت لأن من على الحق يتكلم بشخصيته الحقيقية ولا يخاف، حتى إن هؤلاء الأشباح جعلوا أنفسهم علماء ومفكرين فسوغوا لأنفسهم الإفتاء والتوجيه والقيادة مقابل ذلك شريحة كبيرة ممن يستمع لهم جهال ليس لديهم علم ولا عقل فوافق شن طبقة، شيخ يفتي وجاهل يجني النتيجة هجوم على الولاة والعلماء وتكفير للمسلمين ومن المعلوم أن الفتيا دين فكيف تؤخذ من المجاهيل أصحاب الأسماء المستعارة؟ وكما قيل إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم، أورد مسلم في صحيحه عن سعيد بن المسيب: لم يكونوا يسألون عن الرجال فلما وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم، هذا في إسناد الحديث فكيف بالفتيا التي هي دين لنا أيضاً وفي عصرنا رجال لا تعرف صورهم ولا أسماؤهم ولا أماكنهم فكيف نأخذ منهم ومما هو متقرر أن من لديه خير يظهر ويُظهره للناس لكن هؤلاء الأشباح لم يخدموا الدين ولا المسلمين، إنما هم خدم للأعداء يحققون ما يريد ويطبقون خططه فهم جواد امتطى الغرب صهوته، وحقيقتهم الغائبة عن البعض هم عملاء للغرب يحققون مخططات اليهود؛ أما التعامل معهم فرد كل ما يقولون وتفنيد كل شبههم والبعد عنهم وتحذير الجهال والصغار منهم وفضحهم في كل المنتديات ووسائل الإعلام للتحصين. العلاج..!! * والعلاج في نظركم فضيلة الشيخ كيف يكون؟ - لعلنا وقفنا فيما سلف على جزء يسير من مخاطر الاستخدام السيئ للإنترنت، وعلاج تلك المخاطر ليس في إقفال مواقع الشر فحسب، لأنه حسب الإحصائيات في كل ثلاث دقائق يظهر موقع جديد على الشبكة، ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية يقفلون كل يوم مائة موقع إباحي - جزاهم الله خيراً - فإذن العلاج الحقيقي هو تقوى الله ومراقبته والإيمان الصادق بأنه يعلم السر وأخفى: { يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ } واعلم أخي أن لذة الدنيا زائلة ولا تستمر، فلا تدمر نفسك وإخوانك وأهلك باستخدامك السيئ لهذه الشبكة العنكبوتية، وحذر كل من يستخدمها ذلك الاستخدام السيئ بسوء العاقبة ومغبة النتيجة والفشل بكل أنواعه كما في القصة السابقة. أخي مستخدم الإنترنت.. إذا ضغطت بأناملك على لوحة المفاتيح للاتصال على أحد المواقع وقبل أن تضغط على مفتاح الإدخال enter) تذكر أن الله سبحانه وتعالى أقرب إليك من حبل الوريد، وهو عالم جل في علاه بالسر وأخفى، فانظر إن كان الموقع الذي تريد أن تتصل معه، فيه شيء من غضب القوي العزيز فإني أناديك قائلاً: { مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ} ، وإن كان الموقع الذي تريد أن تتصل معه فيه طاعة لله أو علم نافع مفيد أو أخبار للمسلمين فامضِ على بركة الله وجد في الدعوة إلى الله واحذر أن تقع فيما نهاك الله عنه، أسأل الله عز وجل أن يجمعني وإياك في جنات النعيم وأن يقينا وإياك سوء الفتن ما ظهر منها وما بطن اللهم آمين.
* إدارة العلاقات العامة والإعلام بالرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. |