العنف الأُسري ظاهرة غريبة على مجتمعنا المسلم وغريبة على ديننا الحنيف دين التماسك والتكافل، وإلى جانب ذلك قامت الدولة - رعاها الله - بإنشاء إدارة في وزارة الشؤون الاجتماعية تحت مسمى (الإدارة العامة للحماية الاجتماعية) ولا يختلف اثنان على ضرورة حماية الأطفال والنساء من العنف الأُسري إلاّ أنّ ما حدث مؤخراً وقرأنا عنه في الصحف السعودية عن الطفلتين (أحلام) و(رهف) اللتين تعرّضتا للعنف الأُسري من قِبل ذويهم وجاء في التحقيقين الصحفيّين إشارة لبعض أفراد أُسرهن وتدخُّل اللجنة المشكّلة من الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، وهذه الإشارة لأفراد أُسرتيهما وصور البعض منهم قد تسيء لهاتين الأُسرتين. وقد أخذ هذا الموضوع أكبر من حجمه بكثير، ولا شك أنّ هذا الموضوع موضوع هام ولكن يجب ألاّ يتطرّق الأمر لحقوق الإنسان والصحف بهذه الصورة وهذا لا يؤدي لحل فعلي. والحماية الاجتماعية ضرورة ولكن يجب أن يتم ذلك في طي الكتمان وبصورة لا تسيء للأُسرة. كما يجب توعية الناس والأُسرة في برامج التليفزيون حول مشاكل الطلاق عند وجود أطفال في الأُسرة وعن طريق وسائل الإعلام الأخرى. ولا شك أنّ تربية الأطفال تحتاج إلى الكثير من الحرص ويمكن معاملة الطفل بالثواب والعقاب المادي بدل العقاب البدني أو بالعتاب البسيط الذي لا يؤدي إلى آثار جسدية أو عاهات جسمانية. وإذا حدث إيذاء بدني من أحد أفراد الأُسرة لطفل أو امرأة ووصل هذا الأمر للشرطة أو للمستشفى، فيجب إحالة الموضوع إلى الشرع وليس للصحف، ونشر مثل هذه الموضوعات التي تسيء ليس فقط للفتيات أو لأُسرهن ولكنها تسيء للمجتمع ككل، وتدخُّل جمعية حقوق الإنسان في مثل هذه الأمور يعطي المشكلة حجماً أكبر من حجمها، والشرع لديه من القوانين ما ينزل العقاب على الشخص الذي قام بإيذاء الطفل أو الطفلة، وأيضاً ما يستطيع به حجب ولاية هذا الطفل أو الطفلة عنه، طالما أنّه غير حريص على مصلحته أو مصلحتها أو مصلحة الأُسرة. والآن وقد أصبح العنف الأُسري ظاهرة عامة، ليس في مجتمعنا فقط وإنّما في جميع المجتمعات على مستوى العالم، فيجب أن تبلغ إدارة الحماية الاجتماعية في حالة وجود مثل هذه الحالات، ويتم وضع الطفل أو الطفلة في المكان أو المأوى المناسب، وإذا لزم الأمر يتم عرض الأمر على القضاء. إنّ الأطفال فلذات الأكباد يجب معاملتهم برفق ولين، وتعديل سلوكهم بطريقة ليس فيها عنف أو إيذاء، ولكلِّ طفل الحق في أن يعيش آمناً ضمن أُسرته حتى ينشأ في وضع نفسي سليم. ويجب على المختصين وضع الخطط والبرامج لتوجيه الأُسرة التوجيه السليم، وأيضاً توجيه الصحف لعدم نشر مثل هذه الموضوعات وتضخيمها، بحيث تجتذب أنظار الناس وبيان مدى تأثير هذا العنف الأُسري على الطفل في المستقبل من أخطار نفسية تؤثِّر على حياته بصورة سالبة، مما يدفع به إلى مشكلات سلوكية مثل العناد والكذب والسرقة والتخريب ويصبح ذا نزعة عدوانية ضد المجتمع، ويتحوًّل إلى إلحاق الأذى بالآخرين وبنفسه. إنّ الظواهر الاجتماعية هي من المشكلات الطارئة التي يجب أن تُعالج بحكمه وحنكة ويعطى الأمر للمختصين الذين لديهم من المعرفة ما يستطيعون به معالجة تلك المشكلات أو الظواهر الاجتماعية التي تظهر من آن لآخر في المجتمع نتيجة للتطوُّر والانفتاح على العالم وخاصة في مجال الفضائيات. والنشر في الصحف لن يفيد الطفل الذي وقع عليه الاعتداء ولا الأُسرة التي حصل فيها العنف، كما أنّه لن يفيد المجتمع أن ينتشر مثل هذا العنف ويصبح أمراً مسلّماً به يمارسه الكثيرون، ولكن الكتمان في هذه الأحوال ومحاولة التوفيق والعلاج أفضل بكثير ويؤدي إلى رأب الصدع في الأُسرة بدلاً من الهدم، وحتى إن وصل الأمر إلى مستوى الجريمة، فالشرع في هذه الحالة لديه من الحلول ما يسوى به الأمر وإحقاق الحق وإيقاع العقوبة على المعتدي. وأخيراً كلمة في أُذن كلِّ أب وأُم إنّ الأطفال مثل الزرع يحتاجون إلى الرعاية المستمرة والتهذيب في السلوك بصورة لا تكسرهم ولكن تقويهم لكي يواجهوا المجتمع كنبات صالح قوي وينفع المجتمع ولا يضره (كلُّكم راعٍ وكلٌّ مسئول عن رعيّته).
|