|
انت في "الرأي" |
|
لقد مرَّت عليَّ سنوات وبحكم طبيعة العمل أتابع تقارير حقوق الإنسان الدورية التي تصدرها منظمات حقوق الإنسان المختلفة وخاصة التقرير الذي تصدره الخارجية الأمريكية عن حقوق الإنسان في مختلف بلاد العالم من منطلق أن أمريكا هي الدولة العظمى والمثال الأسمى في حفظ هذه الحقوق وصيانتها من الانتهاك ومن حقها رعاية حقوق الإنسان في العالم والدفاع عنها - على الأقل حسب تصورهم الخاص - وإن كنت بحمد الله على قناعة بأن هذه التقارير وما شاكلها ما هي إلا ذريعة قديمة للتدخل اللا أخلاقي في شؤون الآخرين ولتحقيق مصالح خاصة بالمساومة والضغط. ولكن كان كثير من بني قومنا يخادعوننا عن مكر أو سذاجة بأن هؤلاء القوم هم محط العدالة وحفظ كرامة الإنسان ورعاية حقوقه وهم المنقذ لحقوق الإنسان المهدرة في كثير من بلاد بني يعرب. وحينما حدثت العواصف التاريخية بعد الحادي عشر من سبتمبر الشهير وأصبحت تلك القوة المادية العظمى على المحك تبين الخلل البنائي في تكوين هذه الحضارة المادية المتجردة من كل مبدأ رباني فزال الطلاء عن وجهها الذي كان مستوراً بفعل الإعلام الكاسح والمتغاضي عن عمليات وانتهاكات طويلة لهذه الأمم المادية إن بشكل مباشر أو عن طريق بعض حلفائها وفي مقدمتهم دولة يهود في فلسطين التي ما فتئت تنتهك حقوق إخواننا الفلسطينيين بشكل لا يوصف من الشناعة والقسوة وكل ذلك بدعم ومباركة وعلى مرأى ومسمع من هذه الأمم وعلى رأسها أمريكا. نعم هم يحفظون حقوق مواطنيهم الأصليين! ويقدسون قيمة الفرد المنتمي لهم وتهيئة الحياة المادية المرفهة له وإن على حساب الشعوب والأمم الأخرى التي لا يقيمون لها وزناً أو اعتباراً من عهد الاستعمار القديم وإلى وقتنا الحاضر، وما أحداث فرنسا الأخيرة وإعصار كترينا إلا دليل صارخ على العنصرية المقيتة المتأصلة في هذا الإنسان الغربي الذي يتبجح علينا ليل نهار بحقوق الإنسان وكأنها دين جديد، في الوقت نفسه الذي ينتهك فيه حقوقنا ويهدر دماءنا وكرامتنا دون أن يرف له جفن. والغريب أن هؤلاء القوم ما زالوا يصدرون التقارير المتتابعة عن وضع حقوق الإنسان في العالم وكأنهم حمائم سلام ورسل محبة ورحمة. |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |