عندما شرعت في الكتابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الإنسان الملك - حفظه الله - ورعاه كان أمامي كم هائل من المعلومات والتصريحات والأحاديث والخطب والقرارات والقضايا وأنا أعلم وغيري من عامة الناس وخاصتهم أن حياة خادم الحرمين الشريفين حافلة كلها بالجد والصبر والتفاني والعطاء، فهو الذي يتعب ليستريح الآخرون ويشقى ليسعد غيره ويكابد الأحداث ليحفر ذكره في الخالدين، رجل مروءة وكرم جعل الوفاق رائده والحلم رفيقه والفعل دليله، جاهد فظفر، وبنى فشيد، ورجا فتحقق الرجاء، صادق القول والفعل، لين في مواضيع اللين، شديد في مواقع الشدة، سياسي، لبق متزن، سمح، شريف النفس، مثل حي في إحقاق الحق، وداعم قوي للعدل، يعمل بدون ضجة، ويبني من غير إعلان نفسه، قوي الإرادة، له من الخبرات والثقافة وعلم الإدارة ما مكنه من بناء قوة عصرية ضارية تمتلك من التقنيات والمهارات ما جعلها قوة ضاربة يحسب لها في شتى ميادين القتال ومهابة لدى الأعداء ألا وهي (رئاسة الحرس الوطني) التي تخرج لنا على مدار العام العديد من الجند والضباط الأكفاء بالآلاف لديهم من الإمكانات ما يجعلهم يقفون جنباً إلى جنب مع قواتنا المسلحة الباسلة الذين يشكلون جسراً لحماية الدِّين ثم المليك والوطن بإذن الله تعالى، وخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، يحفظه الله، أثبت وجوده من خلال عمله الدؤوب وتقديره لمسؤولياته على مر الأيام والسنين وتعاضده مع إخوانه الذين تعاقبوا الملك من بعد رحيل الملك البار والمؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن بن سعود الذي استطاع بحكمته وشجاعته وقوة إرادته أن يوحد شبه قارة تحت اسم المملكة العربية السعودية دستورها القرآن الكريم ومنهج الرسول الأعظم محمد بن عبد الله وخلفائه الراشدين، رضوان الله عليهم، واتخذهما منهجاً له في حياته - نعم أثبت الملك عبد الله تواجده من خلال سيرته العطرة ومن خلال إخلاصه لدينه وأمته وما يتحلى به من مكارم الأخلاق وتواضع جم لرواده من مواطنين ووافدين وساسة وقادة ومن كل الأجناس والثقافات، حرص أن يتقبل شكواهم وطلباتهم بصدر رحب وبلطف ورحابة صدر وعلى مجالستهم ومحادثتهم وعلى كرسي الكرامة يتخذ مقعده الشاب، والمقعد، والعاجز، والأبتر من الجاه، يضع نفسه في خدمتهم ويلبي احتياجاتهم، ولم يكتف بهذا القدر فله من الجولات المفاجئة والتفقدية لأبناء أمته في أماكنهم ليرى بنفسه عن كثب الحالة التي يعيشون عليها ويتفقد أحوالهم ويوجه الجهات الحكومية، كل في حقل اختصاصه، بإمعان النظر في دراسته احتياجاتهم وتأمين متطلباتهم وإعانتهم على قضاء حوائجهم، وفي عهد شقيقه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز، طيب الله ثراه، كان عضيده الأيمن في شتى الميادين، واستطاع أن يقوم بالعديد من الخدمات الجليلة ما يثلج الخاطر ويسر الناظر، لقد أدرك الملك الشهم مسؤولياته وأهمية بلاده بين العالمين العربي والإسلامي والدور الذي تقوم به تجاه السلم العالمي، فكان له من المواقف المحمودة التي تحسب له على مر التاريخ، لقد كانت مواقفه واضحة وملموسة للعيان وتتسم بالصراحة والوضوح والبيان؛ ولهذا وجدت له صدى وترحيباً عالمياً في الداخل والخارج، واستطاع أن يحقق العديد من الدراسات العلمية لقضايا الساعة، ويعد مهما في المحافل الدولية ومنها ما يخص قضية العرب الأولى القضية الفلسطينية وتحرير المسجد الأقصى من الاحتلال الإسرائيلي بشكل يضمن العدالة ليعم السلام كافة الأطراف بما في ذلك الشرق الأوسط إلى جانب القضايا الأخرى وعلى رأسها الإرهاب الذي دعا إلى معالجته بشكل جماعي عن طريق هيئة الأمم المتحدة لا من حيث تعريفه فحسب بل إيجاد الضوابط والحلول والإجراءات الفعالة التي تقفل ينابيعه ولا سيما ما شكلته أحداث 11 سبتمبر من اختلافات في وجهات النظر في معالجة هذا الموضوع وما أحدثه من تباين في الموقف وفجوة بين الكثير من الدول، بل انعكاسات خطيرة في العلاقات الدولية، ولقد أسهم الملك عبد الله بحنكته وإرادته القوية من خلال زيارته للولايات المتحدة ومن خلال محادثاته مع القادة الأمريكيين وعلى رأسهم الرئيس جورج بوش الثاني في إقناعهم بأن ما حدث من عملية إرهاب باسم الإسلام لا يتماشى مع المرجع الأساسي للمسلمين في شتى أرجاء العالم ألا وهو القرآن الذي ينبذ العنف وقتل النفس المحرمة إلا بالحق الذي يتوافق مع الكتاب والسنة ويوحي بالمحبة والتآخي والرحمة بين كافة الأجناس والطبقات، وأن ما حدث من أعمال إرهابية في الولايات المتحدة وفي غيرها من البلدان باسم الإسلام تم على أيدي أشخاص اتخذوا من الإسلام ذريعة لتنفيذ مآربهم ونواياهم الدنيئة سواء بجهود شخصية أو بتوجيه منظمات إرهابية هي في الأصل تعمل ضد الإسلام والمسلمين وأن المملكة العربية السعودية تعاني من الإرهاب منذ أمد بعيد قبل وبعد أحداث 11 سبتمبر وأنها تعمل منفردة وكذلك ضمن العديد من الدول التي عانت الإرهاب للقضاء على هذه الفئة الضالة، واستطاع الملك عبد الله أن يدخل منتصراً في هذه اللقاءات والمحادثات ويخرج أيضا كذلك منتصراً لمكانته العالية وثقله السياسي، ولأنه قدم من الدلائل والبراهين والمصداقية التي تبرهن على مدى حرص المملكة على أن يكون لها علاقات مميزة مع سائر الدول وأن حرصها على أمن هذه الدول مثل حرصها على أمنها واستقرارها وأنها واحة من الأمن والاستقرار على طول تاريخها، ولله الحمد، وتتطلع أن تظل على ذلك في الحال وفي المستقبل بإذن الله، وأنها دولة محايدة سياستها عدم التدخل في شؤون الغير، وأنها دولة تريد أن تنعم البشرية بالسلام العالمي لكون ذلك يساعد على إيجاد حالة اقتصادية تمكن العالم من النهوض بشعوبهم وبلادهم إلى المستوى الرفيع الذي يلبي احتياجاتهم وتطلعاتهم. إن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز كان حريصا كل الحرص على آبائه وإخوانه وأبنائه في المملكة العربية السعودية وله من المواقف الإيجابية الدالة على ذلك على سبيل المثال وليس الحصر حينما علم، حفظه الله، بما تعرض له أهالي منطقة جيزان من مرض المتصدع كان له موقف سامٍ ونبيل وشهم من هذه الحادثة، فعند عودته من زيارته لفرنسا كانت أول محطة له منطقة جيزان حيث أبى إلا أن يقف بنفسه على أحوال رعيته وأن يقدم لهم كل ما يحتاجون إليه من رعاية واهتمام، وقد رأيناه عبر وسائل الإعلام المختلفة وهو يتجول في المستشفيات في المنطقة ليقف على حالة المرضى بنفسه وهو لا يتخذ من الوسائل الوقائية التي تحول بإذن الله دون التعرض للعدوى من هذا المرض المتصدع كما شخصه الأطباء، وكان غيره يرتدي ذلك، أما مليكنا المحبوب فهو بملابسه المعتادة، ووقاه الله سبحانه وتعالى من ذلك، وعسى الله يحميه على الدوام من كل شر ومكروه، لقد أحب الملك عبد الله شعبه فأحبوه محبة صادقة وشاهدنا من المواقف الدالة على ذلك، فهو عندما زار منطقة عسير رأينا من الشواهد المحببة للنفس التي تدل على التلاحم بين القيادة وأبنائهم في أرجاء المملكة، لقد كان أبناء المنطقة منتشرين في المطار وفي الطرق والشوارع ولا سيما في المواقع التي كان قاصداً أن يعبرها موكب خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله وهم يحملون السلاح الأبيض والمسدسات والبنادق وبعض الذخيرة يدفعهم الفرح والبهجة بقدوم والدهم الملك عبد الله لزيارتهم وتفقد أحوالهم، وفي أثناء وصوله وعبوره من خلال المجامع التي تدفقت من كل صوب لتكون في استقبال الوالد الحاني هطلت عليهم الأمطار بغزارة ومع هذا ظلوا صامدين في مواقعهم وهم يهللون ويرحبون ويرفعون الإعلام بهذه المناسبة السعيدة، الموقف الآخر عندما كانوا في استقباله، حفظه الله، في الأماكن التي خصصت لهم من قبل حفيد الملك عبد العزيز ونجل شهيد الأمة صاحب السمو الملكي خالد الفيصل بن عبد العزيز أمير منطقة عسير بكثافة عالية كانت تفوق المئات من البشر ضاق بهم الموقع الذي خصص للاحتفال وكذلك الطرقات المؤدية إليه والحدب الموالية له كانت هناك العديد من الكلمات والقصائد التي ألقيت بهذه المناسبة الدالة على حب الجميع للمليك المفدى، وأثناء احتفالاتهم وعرضاتهم وأناشيدهم قام المؤمن بربه الملك عبد الله، حفظه الله، ونزل بنفسه من أعلى المنصة ووجه الحراسات بشتى تخصصاتها بالابتعاد عنه ونزل حبيب الأمة بمفرده ليشارك أبناءه وإخوانه وأبناءه فرحتهم وهم يحملون أسلحتهم بشتى أنواعها والذخيرة الحية ولم يخش أحدا بل اعتمد على الله ثم على أن من كان أمامه هم أهله وأبناؤه الذين ثبت على طول التاريخ أنهم أوفياء لأهل الوفاء، إنها كانت ملحمة رائعة لا يوجد لها أي مثيل في العالم، وفي مكة المكرمة وهي تحتفل بقدوم عاهلنا البار إليها وتأكيد العهد والبيعة كان هناك العديد من الكلمات والقصائد الجميلة التي تنم على حب المكيين للمليك ومدى حرصهم على أن يقف خادم الحرمين الشريفين على مصادر الدخل لديهم والسواعد البشرية التي تقف وراء ذلك والنجاحات التي حققتها تلك المصادر، والجولة التي من خلالها لبى مليكنا المفدى تلك الرغبة التي رأى أن في تلبيتها ما يفرح الخاطر ويسر الناظر، وكم سمعنا وشاهدنا من المواقف التي سادت هذا التجوال وأعطت مثالاً حيا على الحب المتبادل بين الراعي والرعية، وكان للتنظيم الرائع الذي رعاه أميرها المحبوب صاحب السمو الملكي الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز أثره الفعال في تحقيق الرغبة لدى أبناء مكة المكرمة لمليكهم وأن يكون هذا اللقاء شموليا ويلبي تطلعاتهم، وفي الرياض خرج صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض بنفسه ليشرف على إعداد الحفل الذي أقيم لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز يعبر فيه أهالي منطقة الرياض من خلاله عن تأكيد مبايعتهم للقائد المظفر وكذلك عن فرحتهم وابتهاجهم وهو يعيش بينهم ويشاركهم في أفراحهم وفي عرضتهم السعودية، لقد كان الملك رائعا والحفل رائعا والبلاد بكاملها تعيش هذه الأفراح وتتطلع إلى الزيارات المقبلة لسائر مناطق المملكة لكي يسعد الجميع بقرب والدهم وقائدهم المحبوب إليهم، لقد كانت عيناه على شعبه وكانت أعينهم عليه والقلوب مجتمعة على المحبة والولاء والإخلاص، إننا شعب حاكما ومحكوما يعيش في أطيب بقعة على الأرض، جعلها الله مقراً للحرمين الشريفين والكعبة المشرفة ومسجد الرسول محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم، إلى بلدنا تتجه أفئدة المسلمين في اليوم خمس مرات، وإلينا يفد الملايين من المسلمين لأداء العمرة والركن الخامس من أركان الإسلام وهو الحج.. واحة نشأت وعاشت وتربت على الدين الحنيف يجب علينا أن نعطي من أنفسنا مثلاً حياً في التمسك بعقيدتنا الإسلامية الصحيحة وأن نتخذ من القرآن سلوكاً ومنهجاً فنتبع ما دعانا إليه ونتجنب ما نهانا عنه، وأن نكون رسلاً لبلادنا لإعطاء الصورة الحقيقية عن الإسلام وأهل الإسلام وأن لا نسمح لأهوائنا وشهواتنا أن تثنينا عن ذلك أو أن يتخذنا أعداؤنا مطية للوصول إلى أهدافهم العدوانية ضد بلادنا ونكون مدرين لمسؤولياتنا تجاه ديننا وأمتنا وندرك أننا في سفينة ربانها الملك عبد الله بن عبد العزيز وساعده ولي عهده الأمين الأمير سلطان وأننا بمثابة البيت الواحد والأسرة الواحدة والهدف الواحد نشكل من خلاله ملحمة فريدة من نوعها تعطي ثقلاً كبيراً بين المجتمعات ومثلاً رائعاً في التعاون والتضامن للأخذ بكل ما ينفع وطننا من تقنيات علمية لتوظيفها لصالحنا والنهوض ببلادنا وجعلها في مصاف الدول المتقدمة علمياً وصناعياً وثقافيا، وفي كل مناحي الحياة، وكما أن حكومتنا عينها علينا يجب أن تكون أعيننا عليها فلا نسمح لأي عابث أن يعبث بمقدراتنا ومكتسباتنا الوطنية أو أن يعكر أمننا واستقرارنا وان نتخلص منه لننصرف جميعاً لعوامل التنمية ولكل ما هو مفيد لنا في ظل قيادتنا الرشيدة وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز، حفظهم الله ورعاهم.
|