Friday 25th November,200512111العددالجمعة 23 ,شوال 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "أفاق اسلامية"

الشيخ مانع المانع الراقي الشرعي لـ(الجزيرة ):الشيخ مانع المانع الراقي الشرعي لـ(الجزيرة ):
للأسف دخل مجال الرقية الشرعية (كل من هب ودب) من الجهلة والمشعوذين

* خاص - الجزيرة:
لا أحد ينكر الرقية الشرعية، وما ورد فيها من فضل، وما تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم من أحاديث نبوية عن الرقية.. ولا يستطيع أحد أن ينكر ما جاء في الطب النبوي من أنواع العلاجات التي ثبت جدواها في علاج الأمراض - بإذن الله تعالى -.. ولكن هناك من اختلط معه الأمر بالنسبة للرقية الشرعية، وهناك من دخل مجال العلاج بالقرآن وهو لا يعرف الرقية ولا آدابها، بل دخل المجال من المشعوذين والسحرة الذين يتظاهرون بقراءة آيات القرآن الكريم ويفعلون غير ذلك. وفي هذا الحوار الشيخ مانع بن ناصر المانع حول الرقية الشرعية والرقاة والحسد والعين يحاول أن يؤصل للمسألة، وفي الحوار يحذر من المشعوذين والسحرة ويرد على الاتهامات التي يوجهها بعض الأطباء النفسيين للرقاة الشرعيين.. وفيما يلي نص الحوار:
* متى وكيف كانت بدايتك في العلاج بالرقية الشرعية؟
- بدايتي كانت قبل حوالي أربعة عشر عاماً، وتحديداً في عام 1412هـ عندما أصابني مرض ولا أعلم ما هو وما سببه حتى الآن، ولكني شفيت منه بفضل الله ثم قراءتي الرقية الشرعية على نفسي، وكنت أستخدم ماء زمزم وزيت الزيتون والعسل والحبة السوداء بشكل منتظم، ووجدت البرء التام والحمد لله، ثم صرت أعتمد ذلك سواء بالنسبة لشخصي أو أهلي أو أقاربي وجيراني، حتى انتشر الخبر في الحي، وصار الناس يأتون إليّ فأقوم برقيتهم، ثم تخصصت في البحث في مسائل الرقية الشرعية الموافقة للكتاب والسنة لعلي أسهم في تبصير إخواني الرقاة والحد من التجاوزات التي شوهت هذا العمل العظيم.
* هل تعاونت مع أحد من المعالجين بالرقية؟
- التعاون قليل جداً لأني وجدت كثيراً من المخالفات عند كثير من الرقاة، والسبب بُعدهم عن منهج القرآن والسنة في التداوي من الأمراض الروحية والنفسية والعضوية.. وما زلت أتلقى الشكاوى من المرضى، فهذا يخنق، وثان يستخدم أسلاك الكهرباء ليخرج الجن، وثالث عنده ذئب لإخافة الجن، ورابع يضرب ذراع المريض فإذا ظهرت نقط حمراء عدها، وقال للمريض فيك عيون على عدد النقط!!، وخامس يقول للمريض أغمض عينيك عندما أبدأ بالقراءة، فإذا شاهدت شخصاً أو تخيلته أمامك فهو الذي عانك فخذ منه ماءك واغتسل منه بإنائك.
فصارت المسألة عندهم خزعبلات وتصورات، وكل يدلي بدلوه ما دام الأمر متروكاً لمن هب ودب لممارسة هذا العمل الجليل.
* ما واجب المريض تجاه ما يشاهده من مخالفات من بعض الرقاة؟
- الواجب على المريض، أولاً: أن يمتنع عن مواصلة الرقية ولا يجامل الراقي على حساب صحته وعقله ودينه وماله، وعليه أن يخبر عنه المختصين ليوقفوه عن استغلال الناس بالغش والجهل والتدليس.. وهذا منكر عظيم، وعلى من رآه أن ينكره، كل حسب طاقته واستطاعته.
* كثير من العاملين في مجال الرقية الشرعية لهم برامج علمية أو مطويات لتعليم الناس كيفية الرقية.. فهل دخلتم مجال التأليف؟
- نعم ألقيت دروساً في الرقية على أصول الشريعة في المساجد والمجالس العامة، وقد دعتني قناة المجد الفضائية في برنامج (يدعون إلى الخير) وتحدثت عن (الرقية على أصول الشريعة)، وذكرت مسائل كثيرة في أنواع الداء والدواء وآداب وشروط الرقية، وأنا الآن بصدد إصدار ثلاث رسائل حول الرقية الشرعية، الأولى بعنوان: (مسائل في الداء والدواء)، والثانية: (الشافية) والثالثة بعنوان: (التداوي بالعسل ومنتجات النحل) وبعض وصايا النبي صلى الله عليه وسلم في الطب النبوي.
* ما رأيك في بعض أطباء النفس المنكرين أو المعارضين لوجود المعالجين بالرقية الشرعية؟
- إنكار أو معارضة وجود الرقاة لا ينفع الناس بل يضرهم، وهو ناتج لأسباب نذكر منها:
أولاً: أن أمراض القلوب من الشبهات والشكوك، فبعضهم لا يعتقد بأن القرآن شفاء للناس مطلقاً، وهذا سببه التعلق بالنظريات الغربية الملحدة التي تعتمد اعتماداً كلياً على المحسوسات، والمادة المشاهدة الملموسة، وليس عندهم شيء من الإيمان بالغيب.
ثانياً: موضوع الحسد.. فبعض أطباء النفس ينطلقون من منطلق الحسد لإخوانهم الرقاة، فيرونهم غير متخصصين بالطب النفسي، ولم يدرسوا مثلهم السنوات الطويلة بكليات الطب، فكيف يعالجون الأمراض النفسية التي هي من تخصصهم؟ وسبب هذا أنهم لا يفرقون بين الأمراض الروحية التي سببها في الغالب الجن والشياطين وحسد ابن آدم، وبين الأمراض النفسية التي سببتها ضغوط الحياة العامة، فيعتقدون أن الكل سواء وهي أمراض نفسية ولا بد أن تعالج بالأدوية النفسية والجلسات السلوكية المعرفية في عياداتهم.. والصواب أن زوال الألم النفسي بالمريض مرضاً روحياً هو بزوال السبب، وهو العين مثلا، وعلاجها بالرقية الشرعية لا غير.
ثالثاً: الطمع: وهذا للأسف الشديد قد حصل من بعض الأطباء البارزين صراحة، وقد سمعته في إحدى الفضائيات يقول ويفتي بعدم جواز أخذ الأجرة على الرقية الشرعية إلا بعدما أن يشفى المريض، وهذا جهل بمنطوق الحديث ومفهومه وبالعلم الشرعي عموماً، وهذه الطامة الكبرى حينما يأتي طبيب بارز ومسموع ومشهور، ويفتي في مسائل شرعية، مخالفة للنص الصريح في أصح الكتب بعد القرآن الكريم وهو صحيح البخاري (إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله)، فأين الشرط الذي استدركه الطبيب في الحديث ولم يذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ هناك ألفاظاً عامة لا تخصص إلا بدليل وألفاظ مطلقة لا تقيد إلا بدليل، وهل كل من عالجهم هذا الطبيب شفاهم الله أم أن الفتوى على حسب الحال والمال أو أن طب النفس أعظم نفعاً من القرآن والسنة؟!.
* ما رأيك فيمن يقول إن القرآن الكريم ليس شفاء لجميع الأمراض بل بعضها؟
- هذا قول باطل والقرآن الكريم شفاء من جميع الأمراض العضوية والنفسية والروحية والقلبية، وهو هدى ورحمة لجميع المؤمنين صغيرهم وكبيرهم، ذكرهم وأنثاهم.. يقول الله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا}، و(من) هنا لبيان الجنس لا للتبعيض، ومما يدل على ذلك أيضاً قوله تعالى: {وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا}وهذا للقرآن كله لا بعضه لا يزيد الظالمين إلا خسارا، وهو معطوف على ما قبله والكل معطوف على الكل لا البعض. ومما يدل على ذلك أيضاً قول الله تعالى: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء}و(هو) للقرآن كله لا بعضه هدى لجميع المؤمنين وشفاء لهم من جميع الأمراض. وقد سمعت طبيباً نفسياً يقول لمقدم البرنامج - وكان الموضوع عن الرقية الشرعية والطب النفسي - يقول: هل يمكن علاج مريض الزائدة الدودية بالقرآن؟ فقال المقدم: لا أدري؟! فقال الطبيب: لا يمكن بل نفتح بطن المريض ونخرج الزائدة، فهو هنا بنى المسألة على المحسوس والمشاهد والمعمول به في المستشفى، وقرر أن القرآن لا ينفع في هذه الحالة؟!، ولا يمكن أن يكون شفاء لهذا المرض. وهذا إحقاقاً للحق ونصحا للأمة من التلبيس والتدليس على الناس وتشكيكهم في كتاب الله تعالى وبعقيدتهم وعقولهم، يقول ابن القيم: (فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية، وأدواء الدنيا والآخرة، وما كل أحد يؤهل ولا يوفق للاستشفاء به، وإذا أحسن العليل التداوي به ووضعه على دائه بصدق وإيمان وقبول تام واعتقاد جازم واستيفاء شروطه لم يقاومه الداء أبداً، وكيف تقاوم الأدواء كلام رب الأرض والسماء الذي لو نزل على الجبال لصدعها أو على الأرض لقطعها؟ فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه وسببه، فمن لم يشفه القرآن فلا شفاه الله، ومن لم يكفه فلا كفاه الله). ولقد عالجت بنفسي قريباً لي أصيب بمرض سرطاني كبير قد ملأ بطنه طولاً وعرضاً فوضع في العناية المركزة مغمى عليه لا يستجيب لأي علاج من المستشفى، وهو في السبعين من عمره، فبدأت أرقيه بالقرآن والسنة وأنفث على بطنه من جميع الجهات وما هي إلا أيام قلائل حتى بدأ ينظر ويكلم ويتحرك وبعدها بأسبوع خرج من العناية المركزة إلى غرفة خاصة ثم إلى بيته سليماً معافى، وقد انحسر الورم تماماً. وهل يظن ذلك الطبيب أن الله تعالى عاجز عن إيصال كلماته العظيمة المباركة التي لو نزلت على جبل لخشع وتصدع إلى تلك الزائدة الدودية فيجعلها ماء يجري مع باقي سوائل الجسم أو يجعلها هباء منثوراً كأن لم تكن شيئاً مذكورا؟ سبحان ربي الأعلى وبحمده. ونصيحتي لإخواني أطباء النفس ألا يجعلوا القرآن خصماً لهم يوم التغابن، وعليهم الرجوع إلى الحق والانقياد للخالق سبحانه.
* وكيف نرد على مَنْ يقول إن الجن لا يتلبسون بالإنس؟
- القول الحق في هذه المسألة هو أن الجن يتلبسون بالإنس تلبسا حقيقيا لا مرية فيه ولا شك، وهو ما يسمى بالمس، يقول الله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ}فالله تعالى شبه الذين يأكلون الربا في الدنيا حينما يقومون من قبورهم يوم القيامة بالذي يقوم في الدنيا قيام الممسوس من الشيطان فيسقط تارة ويقوم تارة، فهو غير متزن وحركاته غير إرادية، وسبب هذا أن الشيطان قد مسه فأثر في حركاته فأصبحت غير إرادية وغير مقصودة منه فلا يستطيع أن يتصرف مثل باقي الناس الأصحاء. فمن الذي يتحكم بأعصابه وحركاته إذن؟ إنه الشيطان الذي حل في رأسه وغير مزاجه، وهو يجري من ابن آدم مجرى الدم حقيقة لا مجازا. ولسماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله كلام جميل في هذا الموضوع، فقد علق على هذه المسألة بقوله: (تلبس الجني بالإنسي أمر معلوم وواقع، وأدلته كثيرة من الكتاب والسنة، منها قوله سبحانه: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ}الآية، ومنها قوله جل وعلا: {فَذَكِّرْ فَمَا أَنتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ}أوضح سبحانه في هذه الآية: أن نبيه صلى الله عليه وسلم ليس بكاهن ولا مجنون.
وبهذا يعلم أنه لا يجوز إنكار تلبس الجني بالإنسي؛ لأن ذلك مكابرة للواقع ومخالفة للأدلة الشرعية. ولكن كثيراً من الناس قد يصاب بصرع من غير جن؛ لأمراض تصيبه في رأسه أو غيره فيظن هو أو غيره أنه مجنون وليس بمجنون، وقد نبه على ذلك العلامة ابن القيم رحمه الله وغيره.
ومن وجهة نظري أن سبب الهرج والمرج الحاصل في هذه المسألة هو حرص الرقاة على مخاطبة الجن وممارسة الرقية الجماعية الفوضوية التصارعية حتى انتشر بين الناس هذا الأمر واختلط الحابل بالنابل، فاستغل المشككون هذا فبدؤوا يعلنون المخالفة الصريحة، فالمشكلة ليست في الجن بل في خطأ التعامل معهم بالطريقة الصحيحة.
* ما أنواع الأمراض من وجهة نظرك كراقٍ؟
- الأمراض لا تخرج عن أربعة أنواع هي: العضوية، النفسية، الروحية، والقلبية. وكل قسم ينقسم إلى أقسام لا يسع المجال لتفصيلها.
* وما الأمراض الروحية والقلبية؟
- الأمراض الروحية هي المس والسحر والعين، وسميت بذلك للتفريق بينها وبين الأمراض النفسية. وكلمة الروحية يقصد منها الأرواح السفلية غالباً، وهي الجن والشياطين، ويقابلها الأرواح العلوية وهي ملائكة أرحم الراحمين. وأما الأمراض القلبية فهي:
أولاً: أمراض الشكوك والشبهات كما في قوله تعالى: {فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً}وهو مرض النفاق والشك المسبب لضيق الصدر والضنك في الحياة والعذاب في الآخرة.
ثانياً: أمراض الغي والشهوات، وهي كما في قوله تعالى: {يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا}وهذا مرض الزنا والعياذ بالله، وإذا انتشر وظهر فإن الله تعالى يسلط على المجتمع أمراضا لم تكن في أسلافهم كالأيدز والهربس وغيرهما، وقد عالجت حالة شاب ذهب إلى دولة إباحية دون علم أمه وهو يتيم الأب فرجع بالإسعاف وقد ظهر في دبره ورم كبير له رائحة منتنة جداً، لم يستطع أهله تحملها، وبعد العلاج والتذكير بأيام الله وحق الوالدين، وقد كان أبوه من الصالحين، تاب الشاب واستغفر وأناب، وانفجر الورم بعد أيام قلائل من بداية العلاج فخرجت العائلة من البيت من قوة رائحته المنتنة.
* ينكر البعض العين والحسد وأنها غير صحيحة ولا تأثير لها في حين يبالغ فريق آخر بتعليق كل ما أصابه على العين، وهناك من يدرأ العين بحرز وتمائم ويعتقد بها؟ ما الرؤية الشرعية لهذا الأمر؟
- العين حق وتأثيرها حق وأنها تقتل، فكم من رجل أدخلته العين القبر وكم من جمل أدخلته العين القدر.. ولكن ذلك بمشيئة الله وقدرته.. قال تعالى في سورة القلم في الآيات 51 - 52 {وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ} وقال ابن عباس وغيره: ليزلقونك: لينفذونك بأبصارهم أي يعينوك بأبصارهم. وقد ذكر ابن كثير أن تفسير هذه الآية دليل على أن العين حق وإصابتها وتأثيرها بأمر الله. قال الله تعالى في سورة يوسف على لسان يعقوب عليه السلام بسم الله الرحمن الرحيم {وَقَالَ يَا بَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ}قال ابن عباس وغير واحد من السلف في تفسير الآية: إنه خشي عليهم العين؛ وذلك أنهم كانوا ذوي جمال وهيئة حسنة وبهاء فخشي عليهم أن تصيبهم الناس بعيونهم فإن العين حق. وفي السنة النبوية أحاديث كثيرة عن ذلك.
* وهل هناك فرق بين الحسد والعين؟
- يجب التفريق بين الحسد والعين، فالحاسد أعم من العائن؛ لذا جاءت الاستعاذة في سورة الفلق من شر الحاسد، الحاسد: رجل حاقد، ويتأتي حقده مع الكراهية وتمني زوال النعم، بينما العائن من مجرد استحسان الشيء، فلذلك تقع من الرجل الصالح والمرأة الصالحة، وقد يعين الرجل ماله أو ولده أو أهله وهو لا يشعر بذلك، ولكن العين والحسد يشتركان في الأثر وهو إلحاق الأذى والضرر بالمعيون أو المحسود.
* كثر في هذا الزمان اللجوء إلى السحرة والمشعوذين وهم يعلمون بحالهم وأنهم سحرة ومشعوذون.. وبعض من يمارس السحر والشعوذة يظهر للناس أنه رجل صالح في مظهره ويوهمهم ببعض الآيات القرآنية للتدليس عليهم.. فكيف تنصحون من ابتلي بذلك؟
- حرّم الإسلام على المسلم الذهاب إلى العرافين لسؤالهم عن الغيوب والأسرار، وحرّم عليه أن يلجأ إلى السحر أو السحرة لعلاج مرض ابتلي به، أو حل مشكلة استعصت عليه، فهذا ما برئ رسول الله صلى الله عليه وسلم منه، حيث قال: (ليس منا من تطير أو تطير له، أو تكهن أو تكهن له، أو سحر أو سحر له).
ويقول ابن مسعود (من أتى عرافاً أو ساحراً أو كاهناً فسأله فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم).
وعلمنا القرآن الاستعاذة من شر أرباب السحر: {وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} (سورة الفلق: 4). والنفث في العقد من طرائق السحرة وخواصهم، وفي الحديث: (من نفث في عقدة فقد سحر ومن سحر فقد أشرك).
* ولكن البعض يذهب لفك السحر عن طريق ساحر محتجاً بمقولة أنه يجوز اضطراراً وكذلك لفتوى بعض المشايخ بجواز ذلك؟
- أولاً على المسلم عندما يبتلى أن يصبر على كل ما يصيبه من أعراض أو أمراض، ويحتسب الأجر والثواب عليها، ولا ينسى نية ذلك دائماً وأبداً، ففي الحديث (ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب، ولا همّ ولا حزن، ولا أذى ولا غمّ، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه).. وعليه تكرار الدعاء {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ }، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها، فإن المسلم إذا قالها صادقاً مخلصاً أخلف الله عليه خيراً من مصيبته كما جاء في الحديث. ولا يجوز فك السحر بالسحر؛ لأن الساحر لا يكون ساحرا حتى يقع في الشرك، والرسول صلى الله عليه وسلم لما سُحِر لم يتوجه للسحرة وإنما أنزل الله له ما يرقي به نفسه، وعلى المبتلى الصبر والمثابرة على الذكر الشرعي الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتعاطي السحر وتعلمه والعمل به يعد كفرا.
ومن أفتى بالجواز فقد جاء بما يخالف الإجماع، ثم إن السحرة والمشعوذين لا يتوانون عن إلحاق الضرر حتى بأقرب الناس لهم من زوج وولد، وسأسوق لكم قصة عشتها بنفسي لامرأة هددت وتوعدت بناتها بسحرهن إن لم يتوقفن عن نصحها عن تعاطي السحر والشعوذة، ثم نفذت ما توعدت به وهما فلذة كبدها.. فقد جاءت إليّ فتاتان تشتكيان أمهما لأنها قد سحرتهما عند مناصحتها بالكف عن الشعوذة وتعاطي السحر، وبعد الرقية عليهما ذكرتا هذا الأمر.. فحتى أقرب الناس لم يسلم من أذى المشعوذ والساحر، والأم التي يضرب بها المثل في الحنان والعاطفة تحولت إلى شيطان وعملت ما عملت ببناتها، ومَنْ يسمع ويرى بعض القضايا في المحاكم والهيئات نسأل الله السلامة يعرف الأضرار التي تلحق بمن يتعاملون مع السحر والمشعوذين.
* هناك حالات عجيبة وغريبة تمر على بعض الرقاة.. فما أبرز الحالات التي عالجتها؟
- أولاً: حالة سحر تفريق بين المرء وزوجه، وقد جاء الزوج وزوجته وأمها، فقرأت على الزوجة الرقية الشرعية فتبين أنها مسحورة، وأن السحر في بطنها مأكول أو مشروب، وبعدما رجعوا من الغد قالت لي أمها إنه خرج من دبرها شعر ملفوف مع قطع من اللحم وجاؤوا به إليّ بعدما صوروه، فقرأت عليها ثانية، وبعدما جاؤوا من الغد قالت أمها إنه خرج منها شعر آخر لكن هذه المرة كان خروجه كالولادة العسيرة وكانت تصرخ صراخاً شديداً حتى خرج من قبلها، وفي اليوم الثالث وأثناء القراءة خرج منها نزيف شديد وكان ذلك آخر شيء يخرج منها، وشفيت بحمد الله تعالى وفضله ورحمته.
ثانياً: حالة فقدان بصر لعين معلمة تكلمت عليها زميلتها في المدرسة فأصابتها بعين في عينها فطمستها في الحال، وقبل أن تنطمس خرج من العين المصابة دمع كثير وتأثرت به عينها اليمنى، فجاؤوا بها إليّ بعد المغرب وأخبرتني بما حدث فقرأت عليها الرقية الشرعية وطلبت منها أن تأخذ من زميلتها وضوءاً وتغتسل به ففعلت فاتصلت بي أمها لاحقاً وأخبرتني أنها فتحت عينيها بعد الرقية والاغتسال مباشرة وشفيت تماماً ولله الحمد والمنة.
ثالثاً: حالة عقم لرجل متزوج منذ سبع سنين، جاءني هذا الرجل بزوجته وكانت مصابة بسحر فعالجتها ولما شفيت ذكر لي أن هذه الزوجة الثانية وأما الأولى فقد طلقها بعد خمس سنوات من الزواج لرغبتها بالإنجاب وأنه عقيم وقد راجع المستشفيات ولكن دون جدوى، بل إن الحيوانات المنوية نقصت إلى نصف مليون فقط فأوقفوا علاجه وأغلق ملفه لعدم الجدوى، فبدأت بالقراءة عليه وأعطيته أنواعاً من العسل ومنتجات النحل وبعض وصايا النبي صلى الله عليه وسلم في الطب النبوي وركزت على الآيات التي فيها ذكر الذرية وقرأتها على زيت الزيتون وأمرته أن يدهن ظهره.. وبعد أسبوع طلبت منه أن يحلل فتفاجأ الأطباء بأن عدد الحيوانات المنوية ارتفع إلى أكثر من 15 مليونا، وبعد تقريباً عشرة أيام اتصل بي وأخبرني بأن زوجته حامل، وبعد أشهر اتصل وأخبرني بأن زوجته ولدت ولداً وأنه سوف يسميه منصور على اسم ابني.
رابعاً: حالة طفل أُصيب بشلل غريب وكان في المدرسة يلعب فسقط فجأة، هذه الحالة حصلت لابن قريب لي وكانت قبل حوالي 12 سنة وكانت أطراف الطفل تلتوي (اليد اليمنى مع الرجل اليسرى) وتتغير إلى اليد اليسرى مع الرجل اليمنى، وهكذا.. فذهب به إلى المستشفيات ولم يخرج بنتيجة، فاتصل بي فقلت له هذه حالة مرض روحي في الغالب فجئني به لنتأكد، فلما جاء وقرأت على الولد نام نوما عميقاً، ثم ارتخت أطرافه، فلما أفاق عادت كما كانت، وفي اليوم التالي حصل نفس الشيء، وفي اليوم الثالث بينما أنا أقرأ القرآن إذ قام فجأة وانطلق يجري نحو الباب، فلما رآه أبوه لحقه ولاحظ أن أطرافه سليمة وقام يمشي مع الناس وما به من بأس ولله الحمد والمنة، وكانت هذه حالة مس وربما كانت بسبب العين أو أن الطفل قد رمى شيئاً أو سقط على شيء.
* هل أنت متفرغ لمزاولة الرقية الشرعية؟
- لم أتفرغ لهذا العمل، فقد كنت موظفاً ثم عملت في مجال التعليم ثم تفرغت للتجارة، ولكن مع كثرة اختلاطي بالناس واحتكاكي بمعاناتهم ومشاكلهم، وحيث إنني متخصص في الشريعة من جامعة الإمام وبصدد دراسة الماجستير في الشريعة والقانون (تخصص الدعاوى الكيدية) فقد رأيت أن أتفرغ لعمل المحاماة والاستشارات الشرعية والاجتماعية وإصلاح ذات البين والعفو والصلح والتحكيم والبحث والتأليف في المجالات الشرعية الدعوية، وتخصيص جزء من وقتي لمزاولة العلاج بالرقية الشرعية والتداوي بالعسل ومنتجات النحل الطبيعية وهو ما بين صلاة العصر إلى صلاة العشاء.
* هل من توجيه للرقاة عموما؟
- نصيحتي لإخواني الرقاة أن يتقوا الله تعالى في أنفسهم وفي مرضاهم، وأنصحهم بطلب العلم الشرعي وأن يبتعدوا عن المحدثات والاختراعات التي ما أنزل الله بها من سلطان، وألا يقولوا على الله تعالى بغير علم فيفسدوا أكثر مما يصلحوا ويمرضوا أكثر مما يعالجوا ضغوط الحياة العامة، وأذكر مثالا على ذلك: جاءني رجل فقال لي إنه إذا دخل على الناس أو واجه شخصاً غريباً فإنه يرتبك وترتعش يداه، فهل هو مصاب بعين أو سحر أو مس من الجن؟ فقلت له منذ متى وأنت تعاني من هذه الحالة؟ فقال منذ زمن بعيد. فسألته عن أحواله العائلية وطفولته وطريقة تعامل أبيه معه فعرفت أن الحالة هي مرض نفسي خالص وهو الرهاب الاجتماعي الفتاك! فقرأت عليه الرقية الشرعية ووجهته إلى استشارة طبيب نفسي لأخذ العلاج المناسب من الطبيب لهذه الحالة ولغيرها كالوسواس والاكتئاب مع الجلسات السلوكية المعرفية، فاتصل بي بعد مدة وأخبرني أنه أخذ العلاج باستشارة الطبيب وتغير تغيرا قويا وأصبح يواجه الناس بكل شجاعة وثقة بالنفس.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved