تتطور التقنيات الطبية في أيامنا هذه بشكل متسارع حيث إنها تؤكد لنا يوماً بعد يوم أن عبارة (لا يمكن معالجة هذه الحالة) أصبحت نادرة أو قليلة النسبة، إذ دخل الطب إلى أدق التفاصيل بجسم الإنسان وقام بمعالجتها. ومن أفضل ما توصل إليه الطب ما يعرف بالجراحة الميكروسكوبية وهي الجراحة التي يستخدم فيها الميكرسكوب (المجهر) لتكبير الأنسجة التي لا تراها العين المجردة. وتعتمد هذه الجراحة على المقولة الصينية القديمة: (اليد تستطيع أن تفعل أكثر بكثير مما تراه العين المجردة). وباستخدام الميكروسكوب لتكبير الأنسجة الدقيقة أصبح من الممكن ليد الجراح التعامل مع أشياء لم تكن العين تراها. وهناك عدة استخدامات للجراحة الميكرسكوبية التكميلية وعلى هذا الأساس فإنها تستخدم في العديد من الحالات مثل كل جراحات الأعصاب الطرفية كإصابات أعصاب اليد والساق الناتجة عن الحوادث أو الإصابة بآلات حادة وكذلك في إصابات العصب السابع التي لم تستجب للعلاج الطبيعي وإصابات الضفيرة العصبية للطرف العلوي. وكذلك تستخدم الجراحة الميكرسكوبية في إعادة بناء الأنسجة بعد استئصال الأورام في أي مكان بالجسم ومن أمثلة ذلك إعادة بناء وتكوين الثدي بعد استئصاله نتيجة وجود ورم بالثدي. وأيضا تستخدم الجراحة الميكرسكوبية في إعادة توصيل الأطراف المبتورة كالأصابع واليد وذلك لتوصيل الشرايين والأعصاب في تلك المنطقة. وهناك بعض الإجراءات الطبية التي يحتاجها المريض من فحوصات طبية تختلف باختلاف الحالة لإجراء تلك الجراحة. وفي بعض الحالات تستلزم الجراحة الميكرسكوبية الامتناع عن التدخين لمدة أسبوعين على الأقل قبل إجراء العملية. وبالرغم من أن عمليات الجراحة الميكرسكوبية تحتاج إلى تقنية عالية ومهارة خاصة إلا أن العديد من حالاتها يمكن أن يعتبر من حالات جراحة اليوم الواحد فإعادة توصيل أعصاب اليد والساق لا تحتاج للمكوث بالمستشفى أكثر من يوم واحد وكذلك معظم حالات شلل العصب الوجهي. الضفيرة العصبية للطرف العلوي هي التي تحمل الإشارات العصبية من النخاع الشوكي وحتى أعصاب الطرف العلوي وعليه فإن إصابة هذه الضفيرة العصبية يؤدي إلى شلل كلي أو جزئي بالطرف العلوي (اليد - الساعد - العضد) وكذلك يؤدي إلى فقدان إحساس كلي أو جزئي في هذه المناطق. وعادة ما تحدث الإصابة نتيجة الولادة الصعبة أو الوضع غير الطبيعي للطفل أثناء الولادة. مما قد يؤدي إلى قطع بأحد أطراف هذه الضفيرة. وقد تكون الإصابة طفيفة فيحدث تحسن ملموس خلال الأشهر الأولى للولادة وقد تكون الإصابة شديدة تستدعي التدخل الجراحي لإعادة توصيل هذه الأعصاب ويتم التدخل الجراحي عن طريق الجراحة الميكرسكوبية. ومن الأسباب الأخرى لإصابة هذه الضفيرة العصبية الحوادث المرورية خصوصاً لسائقي الدراجات البخارية. أما شلل العصب الوجهي فيكون نتيجة للعديد من الأسباب مثل اللتهاب الفيروسي وإصابة العصب نتيجة استئصال بعض أورام المخ والحوادث المرورية التي قد تؤدي لكسر بقاع الجمجمة وكذلك قد يصاب العصب أثناء بعض جراحات الوجه مثل جراحة استئصال الغدة اللعابية بالوجه وكذلك العديد من الأسباب الأخرى. أما استخدام تلك الجراحة (الجراحة الميكروسكوبية) لعلاج حالات شلل العصب الوجهي تكون للحالات التي لم تستفد من العلاج الطبيعي وتختلف نسبة نجاح الحالة حسب سبب إصابة العصب والفترة الزمنية بين حدوث الإصابة وإجراء الجراحة.
د. طارق عامر - استشاري الجراحة التجميلية مركز الدكتور سليمان الحبيب الطبي |