|
انت في "الرأي" |
|
كان المجتمع اليوناني القديم يعتمد على أسلوب التلقين والطاعة العمياء للمعلم وموجهه إلى تحقيق أهداف شخصية ولا تراعي الجوانب الإنسانية والاجتماعية والمثل اليوناني يعطينا مثلاً خالداً لعلاقة التربية بالمجتمع حيث نشأت طبقة جديدة من المعلمين هم السفسطائيون. وكلمة السفسطائي تعني (الحكيم) وتميزوا بالخروج على التقاليد وذلك بتعليم الأطفال فن الخطابة والأدب والحوار والبحث عن المعرفة وفلسفة المنطق والنقد الأدبي ولم يمض نصف قرن على ازدهار الثقافة الجديدة حتى برز بعض المعلمين من أبناء أثينا، ففي انتهاء القرن الخامس للميلاد ظهر سقراط الذي عاش بين سنة 469-399 قبل الميلاد وبعد ذلك أخذ عدد المعلمين يزداد، وفي بداية القرن الرابع الميلادي أسس معاهد للدراسات العليا ومنه ابزوقراط (436-338) ومعهد أفلاطون (427- 347) وبعدهم جاء تلميذهم أرسطو وهؤلاء الثلاثة بنية الثقافة اليونانية القديمة على أسس علمية وما يهمنا في هذا المقام هو الجانب التربوي ونحاول أخذ جزء من أفكار هؤلاء العلماء. الأول سقراط ويعد أعظم شخصية فكرية أنجبتها أوروبا في تاريخ الفكر الإنساني حيث كان يعيش في مجتمع يسوده التردي الأخلاقي والاجتماعي فأخذ على نفسه التجوال في المجتمعات والاختلاط بالشباب واتخاذ أسلوب الحوار الذي يراه سقراط أنه الأسلوب الأمثل لإيصال المعرفة وطريقته: يقوم بتوجيه سؤال عن فضيلة من الفضائل مثلا ويطلب تعريفها وبعد أن يقدم الشاب التعريف يأتي سقراط بأمثلة تدل على نقص في التعريف فيقوم الشاب بتصحيح التعريف أو تبديله وهكذا حتى يحمل الشباب على التوصل بنفسه إلى الحقيقة الأخلاقية أو يتوصلوا إلى أنهم أمام موقف لا يفهمونه فيحمل سقراط الشباب على الاعتراف بالجهل والتواضع أمام الحقيقة وهي طريقة سليمة في التفكير الصحيح الذي يجدر بالمعلم أن يتبعها وهي تبدأ بتعريف الألفاظ ومدلولاتها ومن ثم يبدأ بتحميل الطالب على التفكير حيث كان يعتقد أن الحقيقة كامنة في الإنسان وهبها الله له وعلى المعلم أن يستخرجها كما يعتقد بأن المعرفة فضيلة والرذيلة بنت الجهل وليس كل من يعلم الخير يعمل على ضوء معرفته ولابد من يعمل الخير أن يكون عارفه فلا خير بدون معرفة وأما إذا وجدت المعرفة بدون الخير فذلك لأنها معرفة ناقصة وقد أكد على الاعتدال في السلوك (ضبط الشهوات). |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |