Sunday 20th November,200512106العددالأحد 18 ,شوال 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "محليــات"

نظم التعليم العربية في ضوء اقتصاد المعرفة (2 - 2)نظم التعليم العربية في ضوء اقتصاد المعرفة (2 - 2)
د. خالد بن عبدالله بن دهيش *

لقد استعرضت في مقال سابق الضرورات التي تملي علينا الاهتمام بالمعرفة واقتصاديتها في الوطن العربي، وعلى اعتبار أن التعليم يعد أحد جوانب المجتمع بل والمسؤول عن إعداد الأبناء، فإن مجتمع اقتصاديات المعرفة يتطلب أن تتوجه الجهود نحو تطوير نظام التعليم العام في ضوء المحددات الآتية:
1- وضع إستراتيجية عربية للتنمية المعلوماتية: تقوم على أساس مبدأ المشاركة وتوفير الحوافز المادية اللازمة لاستبقاء ذوي المهارات العالية. ولكي تدفع حركة التنمية التقنية عموماً والتنمية المعلوماتية خصوصاً.
2- التركيز على بناء الشخصية أكثر من استيعاب المعلومات الفعلية: وبحيث لا يعني بناء الشخصية بإتقان القدرة على تفسير البيانات تفسيراً صحيحاً، أو العثور على المعلومات الضرورية واستخدامها، بل يعني القدرة على التعامل مع المشاكل الأخلاقية والفلسفية المعقدة في مجتمع المعرفة والثورة التقنية الهائلة.
3- الارتداد نحو العمومية: على التعليم أن يرتد - مرة أخرى - إلى العمومية أكثر من التخصص، وإذا كان القرن العشرين قد تميز بزيادة التخصص، فإن القرن الحالي سيتمثل في الجمع بين القدرة على التفكير الشامل، وبين الإحاطة بما وراء حدود التخصصات الرئيسية. فمن الضروري أن يتسنى لكل طفل حيثما كان أن يصل بشكل مناسب إلى الطريقة العلمية في التفكير والتخطيط والتعليم، وأن يصبح طوال حياته صديقاً للعلم، فعلى مستوى التعليم الثانوي والعالي ينبغي أن يزود الإعداد الأولي جميع الطلاب بالأدوات والمداخل والمراجع التي يتيحها التقدم العلمي والنماذج المعاصرة.
4- المناخ التعليمي الحر: إن مجتمع التعلم الكوني يتطلب أن يتوافر في المناخ التعليمي قدراً مناسباً من الحرية للطلاب والمعلمين، ومقدرة على الانتقال السريع للمعارف، والقدرة على العمل في المشروعات التعاونية، وعلى التحاور الأكاديمي بين الأمم.
5- إشاعة ثقافة العلم والتعلم: بحيث يكون العلم ولغته المرجعية الأساسية في الحكم على كافة الأنشطة، وأن يحل العلم ولغته بدلاً من الخرافات والعشوائية التي تقلل من كفاءة الأجهزة المجتمعية والتعليمية تحديداً.
6- الاعتماد على المكتبات الإلكترونية: حيث يجب أن تبنى أسس التكامل على استخدام المكتبات الإلكترونية العلمية، وعلى قواعد المعلومات المصنفة موضوعياً، والتي تحوي مواد من الوسائط المتعددة، وذلك بدلاً من بناء الأسس على تكامل الكتب المطبوعة.
7- تعلم كيفية التعلم والتفكير الحاسم: يمثل هذا الجانب أهم النواتج التعليمية المتوقعة، ليس فحسب بالنسبة لأفضل الطلاب، ولكن لجميع من يتلقون تعليماً في منظومة تعليمية مؤسسة على المعرفة.. إن عملية تحصيل المعارف عملية لا تنتهي مطلقاً، ويمكن أن تثري من جميع التجارب، وهي بهذا المعنى تتشابك بشكل متزايد مع خبرة العمل بقدر ما يصبح هذا العمل أقل رتابة، ويمكن اعتبار التربية الأولى ناجحة إذا أعطت الدافع والأسس التي تتيح مواصلة التعلم مدى الحياة: في العمل وخارجه على السواء.
8- التفاعل القوي بين الطلاب والمعلمين: يعد وسيلة هامة لمواجهة الحمل الزائد من المعلومات عن طريق المقابلة الشخصية وجهاً لوجه، وعن طريق الاتصال من خلال الحاسب الآلي.
9- التعليم التعاوني: يعد بديلاً عن التعليم التنافسي بحيث يتم بطريقة أفضل في جو واقعي مرتفع التفاعل يتضمن نظماً تعليمية تعاونية مدعمة بالحاسب الآلي.
10- قدر أكبر من الحرية للمعلمين في مهنتهم: من خلال إفساح المجال للمعلمين للعمل بالطرائق والأساليب الحديثة، حيث تسمح لهم تطبيقات الشبكات بالعمل معاً عبر فصولهم الدراسية، ومن ثم يتم تبادل الأفكار والخبرات، وبذلك يتمكن المعلمون من تذليل الصعاب للتلاميذ وإدارة وتوجيه عمليات تعلمهم، ومن معاونتهم في التجول خلال المجال العالمي المشترك للمعلومات.
11- تبنى أسس تصميم البيئة التعليمية: من خلال عدم التوحد في المكان والزمان، وعلى البيئات المتفاعلة، وإعادة البناء الواقعي، وعن طريق استكمال التفاعل وجهاً لوجه والتفاعلات المتزامنة بتلك غير المتزامنة ذات القدرات الكاملة.
12- إدماج المعلوماتية في جميع المقررات المدرسية: بحيث تكون أداة فعالة لتحقيق أهداف التعلم للتعلم.
أما أهم الملامح والعناصر للبنية التعليمية التي آمل أن نستهدفها في تعليمنا بالوطن العربي فتتلخص بالآتي:
1- بيئة تعليمية مفتوحة:
بيئة تعليمية مفتوحة تعتمد على شبكات المعرفة الإلكترونية التي تعطي أهمية أكبر للقدرات الشخصية.
2- التعليم والتعلم الشخصي:
من خلال إدخال نمط التعليم الشخصي الذي يتفق مع قابلية كل فرد وقدرته واختياراته من خلال برامج تعليمية تناسب مختلف مستويات التحصيل الدراسي، مع تنوع واسع في فرص التعليم وبما يسمح لقدرات الأفراد بالتحرك إلى مستويات متقدمة، بصرف النظر عن العمر.
3- التعليم والتعلم الذاتي:
ويتم ذلك بالتركيز على نظام التعليم الذاتي بحيث يكون هو الشكل السائد والرائد في التعليم، بالنسبة للصغار والكبار اعتماداً على الحاسب الآلي المنزلي أو على أجهزة الحاسب في مقررات الدراسة والتدريب.
4- تعليم مبتكر للمعرفة:
من خلال استهداف النظام التعليمي لابتكار المعارف والتدريب المتواصل، ففي مجتمع المعرفة تصل القيمة المعرفية إلى أرفع مستوياتها.
5- التعليم مدى الحياة:
من خلال تطوير التعليم لوسائله ليصبح عملية ممتدة على مدى الحياة. فانتقال الفرد من إحدى مراحل التعليم إلى العمل لا يعني عدم حاجته إلى تجديد وتعديل معلوماته ومعارفه وفقاً لما استجد، وهذا يعني أن حياة الفرد ستكون سلسلة متعاقبة من عمليات التعليم والعمل والتدريب وإعادة التدريب والتأهيل.
6- التعليم لعالم متغير:
عن طريق تطوير التعليم وفق سياسة تعليمية تلبي احتياجات المجتمع وتتواءم مع طموحاته وتستشرف آفاق المستقبل.. فالتربية اليوم ليست للتكيف مع ما هو قائم فحسب بل يجب أن تكون تربية متغيرة قادرة على احتواء الجديد وتمثله في حركة دائمة لا تنقطع، طبعاً مع المحافظة على تعليم الثوابت في الدين الإسلامي.
7- مشاركة مجتمعية فاعلة:
من خلال جعل من عملية التخطيط للنظام التعليمي عملية مجتمعية تشارك فيها المؤسسات الاجتماعية المختلفة ويسهم فيها المعنيون بأمر الطالب والتعليم، فخبراء التخطيط يؤكدون بصورة مستمرة على أن أي خطة تعليمية لا تنبع من وسط المعنيين بها لن تحقق نجاحاً ولن تنفذ بصورة تحقق معها غايتها وأهدافها.
8- التمكين من استخدام التقنيات:
إن بناء مجتمع معلومات ومعرفة في المنطقة العربية، يتطلب استكمال عملية التمكين من استخدام تقنيات الاتصال والمعلومات لتلقي وإعادة نشر وتوزيع المعارف من خلال العمل على خلق وإنتاج معارف جديدة تنثبق من خصوصية أوضاع المنطقة، إن ذلك التمكين يفترض التركيز في الخطط والبرامج على خصوصية الأفراد المستخدمين لوسائل المعرفة والموظفين والمنتجين لهذه المعارف، وليس على العمل على هذه المعارف فحسب.
مما سبق نتمنى جميعاً أن نعطي هذا الموضوع حقه من الاهتمام والدراسة وعقد المؤتمرات والملتقيات العلمية لوضعه موضع التنفيذ، حيث أوصت العديد من المنظمات الدولية والإقليمية بالاهتمام به، ولكن هناك بطئاً شديداً في وضعه موضع التنفيذ.. والحمد لله من قبل ومن بعد.
المراجع:
1- تقرير التنمية الإنسانية العربية عام 2003م.
2- جاك ديلور وآخرون، التعلم ذلك الكنز المكنون، اليونسكو، 1996م.
3- حسين كامل بهاء الدين: التعليم والمستقبل، دار المعارف، القاهرة، 1997م.
4- راجي عنايات، مستقبل التعليم في عصر المعلومات المعرفية، وزارة المعارف (التربية والتعليم حالياً)، السعودية، العدد 35، يونيو 1998 ص126.
5- زياد عبدالصمد: مجتمع المعلومات والمعرفة: قضايا في التنمية والتجارة والإصلاح والديمقراطية، للمؤتمر الإقليمي التحضيري الثاني للقمة العالمية لمجتمع المعلومات - الشراكة في بناء مجتمع المعلومات العربي دمشق، 22 - 23 تشرين الثاني - نوفمبر 2004، ص2.
6- علي عبدالله المناعي: من يعلق الجرس؟ التربية التي نريد تربية مستقبلية، قطر، وثيقة غير منشورة، الدوحة، 1996م.
7- نادر فرجاني: رؤية مستقبلية للتعليم في الوطن العربي، الوثيقة الرئيسية. المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. مدير مركز (المشكاة) للبحث، مصر، يونيو 1998م.
8- نبيل القيّومي، الندوة الإقليمية حول استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، الاتحاد الدولي للاتصال ITU، دمشق، تموز، 2003م.
9- نبيل علي ونادية حجازي: الفجوة الرقمية، رؤية عربية لمجتمع المعرفة، عالم المعرفة، الكويت، أغسطس 2005م.

* وكيل وزارة التربية والتعليم للتخطيط والتطوير الإداري

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved