لاحظت حجم الغضب والاستنكار الذي سكن بجوف الأخ جاسر الجاسر حين كتب مقاله (إلى متى السكوت على تفاهات جزيرة قطر) الذي نُشر يوم الخميس 3-9- 1426هـ لتنتقل هذه الثورة للأخ خالد ناصر الحميدي في مقاله المنشور في يوم الاثنين 21-9-1426هـ الذي أيَّد فيه كلام الجاسر. لا أخفيكم سراً أنني حالما قرأت مقاليهما غليت أنا أيضاً كما لو أنني في قعر المرجل.. إلا أنني لم أكن أود الرد على اتهامات جزيرة قطر اللاذعة.. والسبب في ذلك هو تطبيقي في حياتي لمقولة قرأتها مؤخراً وهي تقول: (الإنسان الكبير والقوي هو الذي يتجنَّب الشجار وليس من يتشاجر مع الناس أو يتغلَّب عليهم). فإذا كانت جزيرة قطر نزلت لمستوى الطفل الهائج المريض نفسياً الذي يتشاجر مع الكل لجبر نقص ثقته بنفسه وإظهار قوته وشجاعته.. فلن أضع نفسي أنا في هذا الموضع وأكون طفلاً عابثاً مزعجاً يمقته الكبار أو لا يعيره أحد أدنى اهتمام. وفي هذا السياق سأذكر قصة رائعة جداً قرأتها في نفس اليوم الذي قرأت فيه مقالة الأخ خالد الحميدي وسأوردها لعل ثائرته تهدأ وباله يسكن. تقول القصة كما يرويها دايل كارنيجي: (تلقيت رسالة من امرأة تنتقد الجنرال وليم بوث مؤسس جيش الخلاص، وكنت قد أذعت برنامجاً يشيد بالجنرال بوث.. كتبت تقول هذه المرأة إن الجنرال بوث سرق ثمانية ملايين دولار من الأموال التي جمعها من أجل مساعدة المساكين.. وهذه التهمة باطلة لكن هذه المرأة لم تكن تبحث عن الحقيقة بل عن مبرر لتقصيرها من خلال (تحطيم) إنسان هو أفضل منها بكثير.. رميت رسالتها المليئة بالشتائم في سلة المهملات وشكرت الله أنني لست زوجها، ثم أعقب كلامه قائلاً: (إن الكثير من الناس يحصلون على الشعور بالأهمية عندما (ينتقدون) من هم (أفضل منهم أو أكثر نجاحاً). هذا الحال يطابق تماماً ما تفعله الجزيرة القطرية مع شقيقتها السعودية.. فالسعودية تمثِّل دور (وليم بوث).. ذلك الإنسان الناجح الذي أنجز أشياء تستحق الانتباه.. والجزيرة القطرية تمثِّل دور المرأة الحاقدة التي تطلق لسانها في الكذب والافتراءات لأنها لم تستطع تحقيق الإنجازات التي قام بها الجنرال وليم بوث. يقول راوي القصة دايل كارنيجي: حين نكون (عُرضة) للانتقاد الخاطئ لنتذكَّر هذه القاعدة: (ابذل قصارى جهدك ثم امسك بمظلتك لتمنع مطر الانتقاد من الانزلاق داخل عنقك، الكلاب تنبح والقافلة تسير). أما إذا كنا نميل إلى (القلق) بسبب الانتقاد (غير العادل) إليك هذه القاعدة العلمية: الانتقاد الظالم مديح مبطَّن ولا أحد يرفس كلباً ميتاً ولولا أن لديك ما (تُحسد) عليه لم (تُنتقد).. فلو لم تكن بلاد الحرمين ذات أهمية في العالم لما التفت أحد إليها كسائر الدول.
منال يوسف قاضي - الرياض |