المدّعون في أحيان كثيرة ترتمي في أحضان اليأس.. الاستسلام والتسليم لواقع فرض عليك أن تعطيه الراية البيضاء وتتنحى جانباً.. وأحياناً تتمرَّد على هذه الحال.. تنفر من هذا الواقع.. تركب الموج كي لا تسلم أو تستسلم. يزورك في لحظات من الاسترخاء إيحاء بأنّك قادر على مواجهة الانكسار وقادر على الوقوف في وجه العاصفة.. تغط في لحظات خرجت فيها من واقعك إلى عالم آخر يعطيك نفحات تتفاعل معها وتمنحك إحساساً بأنّ ما هو مغلق من السهل فتحه وما هو موصد من اليسير عليك أن تتعامل معه وأن تدلف من بابه الكبير إن استطعت تطويع مبدأ الأخذ والعطاء معه.. ترسم وتخطط لنفسك.. تفكر وتحلِّل وتستخلص النتيجة قبل الإقدام على الفعل.. تعطيك هذه اللحظات المجتزاة من أجندة يومك التفكير بعمق بعيداً عن التشنُّج .. والمناوشة .. تتيح لك هذه اللحظات الإطلالة على عالم آخر .. أفق يتسع .. ومطالعة إلى البعيد .. البعيد. * وسط مجتمع يؤمن بحقائق ويغيّب مثلها .. تتجاذبه أمواج وتقذف به أمواج يصيخ السمع ل (يقولون) ويتباهون بنقل ما يسمعون دون تمحيص أو تدقيق .. بين ما هو معقول وغير معقول .. تتسيّد المجالس ضحكات النخبوية وهمسات من ينكؤون الوجع بأطروحاتهم وتغرد في فضاء مجالسهم الكلمة الموقرة .. الوقورة .. (يقولون) دون منازع .. يتماهون بأنّهم شركاء في الفعل والتنظير والعمل والقول والمشورة وهم أبعد ما يكونون في حضرة الفعل والعمل وتقديم الرأي والرؤية. * تنصت .. تتأمّل الوجوه .. تتفحّص السحنات بفراستك هل هم من قوم (إذا قالوا فعلوا ...!!). أنت أمام امتحان عسير كي تهتدي إلى واحد من هذا الجمع السلبي .. لن تستطيع مجاراة الأصوات المرتفعة والتي لا مكان لها إلاّ هنا ... في مثل هذا المكان. ليس بمقدورك أن تنافح أو تدافع سيتيه صوتك وستُبح حنجرتك.. سيتلاشى الصوت بل وينقطع حين يحضر الجد.. يتوارون خلف صمتهم.. تغور العيون وتطفح نظرات الهروب. * يصمتون حين يكون الجد.. ينسون كل شيء ويتناسون أي شيء تحدثوا به .. تحضن الكثير من ملفاتك.. تنتظر من يدلي بيده على أحدها كي يفتش محتوياتها.. يقرأ عناوينها.. تترك حتى تحال إلى ملف النسيان الذي لا يختفي بل يظل قريباً حين تعود أو تأتي مناسبة تعيده إلى دائرة الضوء. في مثل هذه الأوقات يكون لك الحضور كي تسبر الأغوار وتغوص في العمق كي تطرق أبواب الأسئلة المهملة.. تنبش عما تحدثوا به وعنه. * تراهن على نفسك وتراهن على الآخرين وتسأل.. من يفتح الملفات المنسية؟؟ ومن ينفض الغبار عن عناوينها؟؟ * تستيقظ فيك حمية تعهدها في نفسك .. لتسأل عن أولئك وأولئك وهؤلاء وهؤلاء .. عن من حضّر نفسه وقد كان مختفياً!! ومن ادعى القول وهو غائب أو تَغيب!! وعن من ادعى تعرُّضه لوهج الشمس وهو متفيئ الظلال ينفث التكييف عليه برودة فحلم بأنّه كان فاعلاً .. ومؤثراً. * أصدقك بأنه أجهدك التفكير العميق والخروج من رتابة التأمل السطحي الساذج الذي كنت تعيش وسطه .. الغوص في الدهاليز يفتر (الحيل) ويهد من العزيمة .. السباق يحتاج لحصان متمرِّس لا تهد من عزيمته (مشوار البقرة). * تتطلّع لزمن يأتيك بإشراقة.. يرتدي ازار الفرح وليل يخلو من الكوابيس المزعجة والحلم الذي يجيء به عشاء دسم ووجوه تحمل قسمات الصدق والوضوح .. لا الأدعياء. * الأيام تبقى أياماً والحياة في دورة لا يتقدم شهر على آخر ولا فصل على فصل ومن هو دعي سيبقى في حضن الادعاء .. النهار مضيء والعرق لا يسيله برودة الجو ولا تبريد المكيفات ومن يصنعون التاريخ تدمي أصابعهم صخور التشييد ومعاول البناء. * النجاح له طعم ومن يحقق النجاح يشعر بطعمه ولذته .. أما من يحاول سرقتة فبالتأكيد لن يشعر بشيء من هذا. * الميدان يتسع للمزيد من الناجحين والنابهين .. والنجاح لا تصنعه الأحادية والفردية .. من يتطلّع إلى الأعلى لن تعيق أقدامة حفرة أو حجر ولن تثنية وعثاء الطريق .. النجاح يصنعه الكفاح والصبر.. * التفوُّق لا يحتسي القهوة المُهيّلة وتنشِّي الغترة ولا يغره بياض الملابس أو التسكُّع وسط أضغات الأحلام وبين أزقة الضياع والتسكُّع. * الشمس تشرق وتغرب والبحر في مد وجزر والأيام في تتابع لا يتوقف لكن المدعين سيتوقفون حين يشعرون بأنّهم تعرّوا .. تحت الشمس وأمام الملأ الذي لا يعتقد ولا يؤمن بالقول إلاّ المقرون بالفعل .. فهل تصمتون؟؟
|