من إبداعات النظرة الاجتماعية الحديثة بوكالة الشؤون الاجتماعية النقلة العلمية للمشكلات الاجتماعية التي يتلمسها المختصون بوزارة الشؤون الاجتماعية، وتعرضها في جلسات علمية على المجتمع.. فظاهرة التسول هي ظاهرة جاءت مع بداية التجميع البشري فالأفراد يختلفون في قدراتهم العقلية والجسمية ومستوى نظرتهم للأعراف الاجتماعية وثقتهم بأن الله خلق البشر وتكفل بأرزاقهم وفق آلية الحراك الاجتماعي القائمة على منطق (العقل والاتكال)، فحينما يشعر المسؤولون بتلك الوزارة الاجتماعية أن التسول هو خروج عما عرف عن الإنسان المسلم الذي يخشى مد يده للناس ويتعفف خشية أن يوصم بذلك السلوك المهين، وأصبح ينظر إلى أيدي الناس باستحياء حذر الوقوع بدائرة المتسولين الذين مر عليهم المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في حديث الإسراء والمعراج وقد مشطت وجوههم بأمشاط من حديد إشارة إلى انسلاخ هؤلاء من سمة الحياء الذي يعتبر سمة من سمات المسلم المؤمن بشرع الله، فنبينا - صلى الله عليه وسلم - أكثر حياء من العذراء في خدرها. لذا فإن مرض التسول قد ابتليت به المجتمعات المدنية ومنها مملكتنا الحبيبة من جراء الهجرة من الريف إلى المدن، وتخلي ولي أمر الأسرة عن مسؤولياته على الرغم من جهود الدولة بإيجاد مصادر عدة من جمعيات خيرية وضمان اجتماعي وحد أدنى لأجور العاملين بالقطاع الخاص الذي يكفل لهم معيشة مناسبة تعيدهم إلى الحياء الإنساني للحيلولة دون هذا السلوك، فعندما تتبنى وزارة الشؤون الاجتماعية عقد لقاء بعنوان (المسكين المتعفف مسؤولية الجميع) تمشيا مع قوله تعالى {لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} ويتوجه الرجل الإنسان صاحب السمو الملكي أمير منطقة الرياض سلمان بن عبد العزيز فإن ذلك هو انطلاق إلى قلوب أفراد المجتمع وحث أحاسيسهم بتلمس احتياجات إخوانهم في الدين من قريب وجار وزميل لتحري المحتاج منهم الذين قد يصل بهم الأمر إلى حد المرض من الحاجة ولا يسألون الناس إلحافا، وهؤلاء هم المحتاجون فعلا فلا يعني تواجد المتسولين في الشوارع وإشارات المرور في المجتمع السعودي أن يصل إلى حد الظاهرة الاجتماعية، ففي دراسة الدكتور عبد الله اليوسف عن الأطفال الباعة والمتسولين أشار إلى أن نسبة من المتسولين من البلدان المجاورة يحترفون هذا العمل كمصدر تجاري وليس مصدر رزق، حتى وصل الأمر بهم إلى التنظيم المؤسسي القائم على توزيع المهام والواجبات وتدريس السلوك الاستعطافي، ومن المفارقات الغريبة كما ذكر صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أن المواطن السعودي يخدع من مصدر قوته وهو الدين الإسلامي، وذلك باستعطاف المتسولين للأفراد باسم الدين فتصور أن كل فرد سعودي يمتنع عن دفع أي مبلغ لهؤلاء المتسولين وجمع ما عنده من صدقة أو زكاة وتحرى أحد المحتاجين المتعففين ودفعه له، أو دفعها لاحدى الجمعيات الخيرية في مدينته لساعد ذلك على الحد من سلوك التسول والفقر والبطالة والتشجع على سلوك التعفف الذي يقره الله في محكم التنزيل. وقوله - صلى الله عليه وسلم - (لا تلحفوا في المسألة فوالله لا يسألني أحد منكم شيئا فتخرج له مسألته مني شيئا، وأنا له كاره فيبارك له فيما أعطيته). فنبارك هذه المبادرة التي تذكي الحس الاجتماعي عند أفراد المجتمع وتجعلهم يشعرون بمن حولهم تحت منظومة التكافل الاجتماعي وهذا اللقاء هو امتداد للقاءات سابقة عن فئات أخرى محتاجة في المجتمع، فسبق أن عقد لقاء عن الأيتام ولقاء عن المعاقين ولقاء عن المسنين وها نحن بصدد لقاء جديد مع فئة محتاجة أخرى وهم فئة المحتاجين المسكين المتعفف.
|