* سلطان القحطاني - إيلاف - الرياض: يعوّل مراقبون وإعلاميون سعوديون على الخطوة التصحيحية التي جاءت بالتونسي مديراً للقناة الإخبارية التي شهدت كسوفا جزئيا بعد انطلاقة لافتة، وهم بذلك يعلقون آمالاً كباراً على الورشة التي يعتزم التونسي تكوينها لإصلاح وضع القناة، وإعادتها إلى ساحة الضوء بعد أن راوحت عنه كثيرا في الآونة الأخيرة، بينما اعتبرت الخطوة الصادرة من وزير الثقافة والإعلام السعودي إياد مدني امتداداً للقرارات الإيجابية التي تستهدف إجراء تغييرات جذرية في هيكلة الإعلام السعودي. وانطلق التونسي من صفحات (الجزيرة) السعودية قبل نحو ثلاثين عاما متدرجا في كراسي متعددة حتى أصبح نائباً لرئيس تحرير الصحيفة (الخضراء) الشرق الأوسط إبان تولي عثمان العمير رئاسة تحريرها، إلى أن اتت الفكرة في إن تصدر صحيفة إقتصادية محضة من ظهر خضراء لندن، فاختير التونسي لتولي الصحيفة الجديدة حينها التي سميت ب(الاقتصادية). وإن كانت الاقتصادية قد بدأت متخصصة محضة في شؤون الاقتصاد ودهاليزه، فإن محمد التونسي استثمر خلطة صحافية جديدة صيغت بذكاء لتخاطب القارىء السعودي بكافة انتماءاته، للتوسع في اهتمامات الصحيفة إلى شؤون متفرقة لم تقتصر على الاقتصاد فحسب، بل غدت ذات صوت محلي عال يتكئ عليه المواطن السعودي في مواجهاته مع أوجه التقصير في المؤسسات الحكومية كلها. وبعد أحد عشر عاما من الركض المضني على صفحات الإقتصادية غادر التونسي صيحفته التي تآلف معها، وركن إلى فترة استراحة قصيرة، ما لبثت أن تحولت إلى خوض غمار تجربة إعلامية جديدة لم يسبق له التعامل مع مثيل لها قط، وهي تولي رئاسة تحرير (إيلاف) ليكون هذا لقاءه الثالث مع ناشر ايلاف عثمان العمير في الصحف الثلاث التي قاطعت خطواتهم فيها بدءا من الجزيرة، ومرورا بصحيفة الشرق الأوسط، وانتهاء بعمله كرئيس لتحرير (إيلاف) لفترة جاوزت العام تقريبا. ولنحو عام وأكثر كان التونسي بخطواته القلقة يجوب ردهات مكتبي (ايلاف) في الرياض وبيروت ساعيا إلى فكرة صحافية جديدة، أو باحثا عن سبق خبري، وكذا يسير بأصابعه القلقة على لوحة المفاتيح التي تربطه بمراسلي إيلاف في الخارج عبر الشبكة الإلكترونية، إلى أن قرر مغادرة (إيلاف) في التاسعة بتوقيت غرينتش من أحد صباحات عام مضى، وقت كنا نلتئم، كما جرت العادة، في اجتماع التحرير الصباحي، كاشفا بعدها عن عزمه إطلاق مشروع جديد لم تكشف هويته الكاملة آنذاك. ولكن هذه المرة كانت فترة الاستراحة التي قضاها التونسي أقصر بعيد خروجه من رئاسة تحرير (إيلاف) إلى أن صعدت على السطح أنباء هذا المشروع الإعلامي الجديد الذي يعتزم التونسي القيام به، رفقة تكتل داعم من رجال أعمال سعوديين، وكان هذا المشروع الجديد هو إطلاق صحيفة محلية تصدر من الغرب السعودي بمسمى (المطاف). وبعد لأي وشد وجذب قارب العام لم تظهر الصحيفة الوليدة، في وقت تواترت فيه أنباء أن الفكرة قد وئدت في مهدها، وان كانت هذه الأنباء غير مثبتة حتى الآن، فإن الاهم هو أن الصحيفة الجديدة حتى وإن صدرت فإنها تكون بذلك قد خسرت خدمات محمد التونسي، والذي ينتقل إلى تولي زمام مسؤولية إعلامية جديدة. وبذلك ينضم التونسي إلى صديقه الحميم الإعلامي السعودي عبدالرحمن الراشد مدير عام قناة العربية، في ريادة الفضاء الإعلامي بعد هجرتهما المرحلية من الصحف الورقية التي شهدت بوادر النشوء الإعلامي الأول، إلى أقنية الفضاء الكوني عبر القناتين: العربية والإخبارية، وهما بذلك يعيدان إلى الضوء زمالتهما الصحافية الأولى حين كانا من أبرز الرعيل الاول من الصحافيين السعوديين الذين عملوا في صحيفة الجزيرة السعودية برفقة ناشر ايلاف عثمان العمير. وبالإضافة إلى الخبرة الثلاثينية التي هي الرصيد العمري للتونسي في مسيرته مع الاعلام، فإن نافذة اكاديمية تبزغ للعلن، وإن كانت سابقا غير ظاهرة للعيان، فالتونسي حاصل على الماجستير في الصحافة من الولايات المتحدة الأميركية، التي عمل في أكبر صحفها متدربا حينذاك في الثمانينات من القرن الميلادي الفارط، وكان ايضاَ معيداً ومحاضراً في جامعة الملك سعود التي تخرج فيها سابقاً، وسبق وأن القى محاضرات عدة في انحاء متفرقة من العالم العربي.
|