تابعت ما كُتب مؤخراً في هذه الصفحة حيال الدوام اليومي في شهر رمضان المبارك وخصوصاً الدوام المتعلق بالمدارس، ففي هذا العام نعلم جميعاً أن الدوام سيستمر لمدة طويلة خلال هذا الشهر الفضيل حيث ستكون الإجازة في نهاية دوام يوم الأربعاء الثالث والعشرين وعندها يكون لم يتبقَ من شهر رمضان المبارك سوى أسبوع واحد، الدوام في رمضان قد يقول الكثيرون أن له نكهة خاصة ونحن لا ننفي أبداً ذلك ولكنه بالنسبة للعاملين في التعليم قد يكون صعباً كثيراً ولا يعيه إلا المقربون منه أو العاملون في هذا الحقل وذلك للأسباب التالية: أولاً: التعليم يحتاج إلى تركيز تام من قبل التلاميذ في الفصل وهذا التركيز يحتاج إلى سلامة الحواس الحسية والذهنية وحتى تعمل هذه الحواس بالشكل الصحيح فإنها بحاجة ماسة إلى الوقود الذي يغذيها وهو الطعام فالآلات لا تعمل بدون طاقة تحركها والسيارة لا تعمل بدون وقود وجسد ضعيف بدون تغذية فإنه عبارة عن وجود بلا معنى وذلك هو ما يحدث للعديد من الطلاب مجرد تواجد في الفصول بدون متابعة كاملة أو تركيز في ظل جوع وعطش وضعف عام. ثانياً: في شهر رمضان تتغير حياتنا العامة أكثر من مائة وثمانين درجة حيث يكثر النوم في النهار والسهر المتواصل إلى ما بعد الفجر في الاستراحات والأسواق والمقاهي وعلى برامج الفضائيات، فيصبح الآباء غير قادرين أبداً على ضبط إيقاع الحياة في المنزل تبعاً لهذا التغير المفاجئ وبذلك يأتي غالبية الطلاب إلى المدارس وهم مرهقون بهذا السهر وغير قادرين على الجلوس المتزن في الفصل أو التركيز مع شرح المعلم. ثالثاً: التسبب في زحام كبير على المشاعر المقدسة حيث تبدأ الإجازة في نهاية العشر الأواخر من رمضان فيتوافد أعداد كبيرة من المعلمين والطلبة وأسرهم إلى مكة المكرمة لأداء العمرة بسبب عدم تمكنهم في السابق نتيجة طول فترة الدراسة في رمضان، كما أن في توافق إجازتهم مع إجازة بقية موظفي الدولة من مدنيين وعسكريين سيساعد على تزاحم كبير في هذه البقعة المقدسة فيصبح أداء العمرة معاناة للكثيرين من المرضى وكبار السن والزوار من خارج المملكة. رابعاً: تأخير كثير من العاملين في حقل التعليم وهم نسبة كبيرة في قائمة موظفي الخدمة المدنية لأعمالهم وتسوقهم لحاجيات المنزل والأسرة وللعيد إلى قدوم الإجازة وهو ما يتسبب في ربكة كبيرة في الطرقات والشوارع وازدحام في المجمعات والأسواق. خامساً: رمضان هذا العام جاء في أيام شديدة الحرارة والدوام متأخر إلى بعد العاشرة وبعد صلاة الظهيرة يزداد الأمر سوءاً على الطلاب خصوصاً أن في الفصول الشبابيك كبيرة بغرض التهوية والإنارة ومن هذه الشبابيك تدخل حرارة وأشعة شمس قوية بعد الظهر مما يضطر كثيرا من الطلاب القريبين منها للابتعاد مسافات عنها وضم طاولاتهم بجانب بقية زملائهم الطلاب هروباً من حرارة الشمس.وقد يكون هذا العام أول شهر فضيل تكون الدراسة فيه طويلة حيث إن ثلاثة أسابيع شيء مرهق للطالب والمعلم خصوصاً أن عمل هؤلاء ليس خلف مكاتب وثيرة أو كرسي مريح وإنما هو يحتاج منهم للوقوف والشرح والتحرك داخل الفصل والتنقل بين صف وآخر ومناوبة وتنظيم طلاب وغير ذلك من الأعمال الشاقة التي تزيد من التعب والمشقة عليه وهو صائم ولذا أرجوا أن تتم دراسة هذا الدوام في الأعوام القادمة بتأني ودقة، فأنا لا أقول أن تتوقف الدراسة فيه نهائياً ولكن يتم تقليصها إلى أقل وقت ممكن أو أن تقلل الحصص غير الهامة بحيث تصبح يومياً خمس حصص فقط أو يقلل وقت الحصة إلى نصف ساعة أو أن يتم تقديم الدوام بحيث يكون كما هو في السابق في الساعة الثامنة صباحاً حتى يستطيع المرء الخروج مبكراً للمنزل فيعطي العبادات حقها كاملة من أداء الصلاة وقراءة القرآن والنوم لساعة قبل الإفطار وإعطاء وقت كذلك للمعلمة لتجهيز مائدتها قبل الغروب خصوصاً أن البعض منهن تعمل في قرى بعيدة ولا تعود إلا قبل صلاة المغرب بدقائق معدودة أو حتى بعده بساعات وذلك بسبب تأخير الدوام في رمضان إلى بعد العاشرة.
محمد بن راكد العنزي/محرر جريدة الجزيرة بطريف |