Saturday 22nd October,200512077العددالسبت 19 ,رمضان 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "الرأي"

مفاهيم في التربية الأسرية الحديثةمفاهيم في التربية الأسرية الحديثة
عقيد د. محمد بن عبدالله المرعول /مدير الإدارة العامة للعلاقات والتوجيه

مما لا شك فيه أنَّ مفهوم التربية الأسرية يُعَدّ من المفاهيم الشاملة والأكثر عمقاً التي ترتبط بالعديد من المفاهيم والأشكال التربوية، مثل التربية الدينية، التربية السكانية، التربية السياحية، التربية الصحية، التربية الحياتية، (المهنية)، التربية البيئية، التربية الأمنية.. إلخ. وبناء عليه، فإن المقصود أو الهدف الذي يكمن في الدروس المتعددة للتربية الأسرية في رفع درجة وعي الفرد من مختلف الأعمار بكافة الظروف والملابسات والنواحي المختلفة المرتبطة بحياة الأسرة من الجوانب الاجتماعية، والثقافية، والاقتصادية والسياسية، والنفسية، هو تحقيق السعادة والاستقرار للأسرة والمجتمع.
ودروس التربية الأسرية تشمل التوعية العلمية المبسطة بكافة الأبعاد المختلفة المؤثرة في حياة الأسرة المعاصرة التي تؤثر بالتالي على تنمية المجتمع، خاصةً أن الأسرة المعاصرة تعيش في عالم متغير محاط بموجات متتالية من التغيرات على المستوى المحلي والعالمي. وتكمن الأهداف الرئيسية من وراء تأصيل وتعميق ونشر دروس التربية الأسرية والقاء الضوء حول مضامين هذا المفهوم الحيوي لتنمية المجتمع في الآونة الأخيرة وكإطار عمل مستقبلي في تحقيق عدة نتائج مهمة من أهمها:-
- تبصير الوالدين بضرورة الالتزام بلغة معينة للحوار ومناقشة كافة الأمور الحياتية والمستقبلية أمام الأبناء في الحدود المسموح بها وفق معايير السن والقدرة على الاستيعاب وبما لا يحرم الطفل من طفولته أو الصبي ومن ثم الشاب من الجنسين عن التعبير بحرية عن آرائهم، أو اغتيال الطموح والأمل في تحقيق النجاح من خلال إثبات ذواتهم.
- المساعدة في جعل الفرد أكثر قدرة على تكوين علاقات قوية مع الآخرين مبنية على الثقة المتبادلة، فتضطلع الأسرة بدورها المهم في تدريب الطفل في السن المناسبة على الاستقلال والمشاركة في أداء بعض الواجبات والمسؤوليات والاعتماد على النفس.
- المساعدة في جعل الفرد أكثر توافقاً مع الحياة مقبلا عليها ويعيش معتزاً بذاته، لا يحس باغترابه عن نفسه وعن مجتمعه، ولا يحس بأي صورة من صور الصراع النفسي أو الصراع مع الآخرين أو الحقد أو مشاعر الازدراء نحو المجتمع.
- مساعدة الفرد على أن يكون أكثر قدر على تقبل الذات وتقبل الآخرين، حيث إن تقبل الآخرين والرضا عنهم مرتبط ارتباطاً وثيقاً بتقبل الذات والرضا عنها.
- المساعدة على جعل الفرد أكثر قدرة على ضبط الذات وتحمل المسؤولية، فالفرد من خلال التنشئة الاجتماعية عبر المراحل العمرية المختلفة يربى على كيفية التحكم في رغباته.
وتلعب الأسرة من خلال عمليات التنشئة الاجتماعية والتثقيفية دوراً بالغ الأهمية في تأصيل وتوضيح الخبرات والمعارف الخاصة بالحياة الأسرية وتبجيل قيم التواصل والتراحم بين الأجيال بعضها البعض، ثم إبراز وتأصيل وتدريب النشء على العادات السليمة بخصوص التفاعل الاجتماعي مع بني جنسه، ولا يمكن إعفال دور وسائط الإعلام المختلفة مسموعة ومرئية ومقروءة في إبراز كيفية الإقبال على الحياة داخل الأسرة والتغلب على كافة المشكلات المختلفة التي تواجه الأسرة.ويتمثل دور المدرسة هنا في إعداد النشء بداية من مرحلة الطفولة حتى المرحلة الجامعية، وذلك من خلال احتواء المناهج الدراسية في مختلف المراحل التعليمية بالجرعات التربوية المناسبة والملائمة مع روح العصر الحديث. ويمكن القول إن العلاقة المتبادلة بين الشخصية الاجتماعية والبيئة الاجتماعية، إنما هي علاقة تفاعلية، يكون فيها الطرفان دائمي التغير، وأي تغير يطرأ على أحدهما يعني تغيراً فيهما معاً. ولما كان الإنسان بحاجة دائمة إلى إطار توجهي، وموضوع يكرس من أجله حياته، لكي يستطيع مواصلة الحياة، فهو بحاجة إلى نقطة مركزية تدور حولهما كل الجهود، وحيث إن التربية في أحد معانيها هي عملية اكتساب خبرات جديدة، فالفرد بحاجة إلى ضرورة التعامل مع أفراد المجتمع ليعود عليه بالنفع، إذا هيأ له الانضمام إلى جماعة تقبله، ويشعر بالانتماء إليها.. وعملية الانتماء أساسية في الاستقرار النفسي للفرد. وتعتبر التربية وسيلة أساسية في زيادة العناصر الثقافية الجديدة، ووسيلة المجتمع لحل المشكلات الاجتماعية، التي تنشأ عن تعارض العناصر الثقافية الجديدة مع العناصر الثقافية السائدة، حيث علاقة التربية بالتغير الاجتماعي علاقة متبادلة ولا يمكن إغفالها، حيث إن في تعارض القيم صعوبة على أفراد المجتمع في استيعابها، وكلما ازداد هذا التباعد حدة ظهرت مشكلات خطيرة قد تصبح مصدر تهديد لكيان المجتمع واستقراره؛ نتيجة للعديد من الممارسات الاجتماعية السلبية باعتبارها غريبة عن ثقافة المجتمع.
ويلقي (إريك فروم) بالمسؤولية على المجتمع في تكوين شخصيات أبنائه، مؤكداً أن الشخصية الاجتماعية هي التي تسهم في ترجمة الطاقة العقلية إلى طاقة نفسية تتفق ودورها في المجتمع، الذي بدوره يحول الطاقة العقلية لأفراده إلى طاقة اجتماعية مفيدة.. فالشخصية الاجتماعية هي الكامنة وراء التطور الاجتماعي والاقتصادي، وتعد أكثر استقرارا من التغيرات الاقتصادية والسياسية في المجتمع. كما اعتبر (فروم) الشخصية الإنسانية وليدة القوى الثقافية، وذهب إلى أنَّ الاختلافات الثقافية لها أهميتها بسبب تأثيرها في المناخ العام السائد في مجال تنشئة الفرد، وأن فكرة مَنْ يعيشون في ثقافة ما يكون بناء شخصياتهم متشابها استناداً إلى النمط الثقافي السائد.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved