تكمن أهمية الإعلام في أنه يقع في بؤرة اهتمامات الناس (الجمهور) ومن ثم فهو معرض أكثر من أي مؤسسة اجتماعية، تقدم خدماتها لكل الناس إلى نقد، يكون عادةً حاداً وساخناً وملتهباً، يتساقط على رؤوس القائمين بالاتصال مثل تساقط المطر في الغابة، ويصحب نبتة عشب لا تموت حتى وإنْ أمسكْتَ بها. هذا هو الإعلام، لا يتجاوز معظم الناس عن هفواته، حتى لو بدت لا ترى بالعين المجردة، ولا يطفؤون رماد ناره كما تطفئ الغيرة الحب، بل تظل موقدة، مشتعلة، تثير الشفقة على مَنْ يعملون في مؤسساته، وتبعث الغضب عند المتلقين لأدائه، ويظل الإعلام يكرر ويكرر ويكرر: (رضا الناس غاية لا تدرك) وهذا صحيح، ولكن الأصح منه أن رضا معظم الناس شيء يمكن إدراكه، ولو بعد حين. كان لافتاً أن الرائي السعودي (القناة الأولى) بَثَّ الانتقادات الحادة التي وجهها له بعض أعضاء مجلس الشورى، وكأنه يقول للناس: (بيدي لا بيد عمرو) أي أن النقد الحاد الموجه لي حري بأن أسمعه ويسمعه معي الناس كل الناس وجدير بأن لا أتفف أو أتضجر منه، فليس كمثل النقد البناء طريق للإصلاح، والتقويم، فقد ولت نظرية التأفف والتضجر، التي لا ترى أبعد من الأنوف، ممن يسوؤهم سماع رأي نزيه، واقتراح قد يكون مقبولاً، وفكرة تستدعي التحميص، وانتقاد إنْ لم ينفع فلا يضر في قليل أو كثير. يُحْسَبُ لوزارة الثقافة والإعلام هذا التوجه المحمود، فهي بهذا التوجه تضع أقدام أجهزتها الإعلامية على الطريق الصحيح، والمهم أن يصيخ الرائي (التلفاز) السمع لكل ما قيل عنه، وما قيل عنه لا يسره ولا يتمناه ، ولكنَّ للغيرة عيوناً كبيرة وللرائي حب يمكن أنْ يدوم في كل اللحظات.
|