Saturday 22nd October,200512077العددالسبت 19 ,رمضان 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "فـن"

بداية بطيئة ما لبثت أن فاجأت المشاهدين بأحداثهابداية بطيئة ما لبثت أن فاجأت المشاهدين بأحداثها
المرسى والبحار.. فروقات طبقية وصراعات سياسية

* مشاهدة - هناء حاج:
بين المسلسلات التي تجتاح الفضائيات العربية مسلسل (المرسى والبحار) من بطولة يحيى الفخراني ومحسنة توفيق. يرصد المسلسل فترة تاريخية من التاريخ الجديد ويصور الصراعات بين الفروقات الطبقية والاجتماعية والبيئية في المجتمع الواحد والمجتمعات المختلفة أيضاً.
ولم ينسَ المسلسل كما الكثير من الأعمال المصرية التركيز على الصراعات السياسية والتعبئة الوطنية في تاريخ مصر وتحديداً في مرحلة تأميم قناة السويس، ليذكر الشعب العربي بأهمية الانتصارات والتعلّم من الانكسارات، فقد رصد المسلسل الكفاح المصري في استرداد قناة السويس من الشركة الفرنسية، وحتى أسلوب المعالجة جاء بطريقة تبرز القيم الإنسانية.
وصاغ الكاتب محمد جلال عبد القوي التاريخ الاجتماعي ودمجه بالأوضاع السياسية بكل واقعيته ومأساته بأسلوب لم يبتعد فيه عن الحياة الاجتماعية بكل مراحلها من الماضي والحاضر في بعض التفاصيل، كقصص الحب بين الطبقات الاجتماعية المختلفة، أو بين العلاقات بين الرئيس والمرؤوس أو حتى بين الأجنبي والعربي، من خلال الحكاية الرومانسية التي تجمع ابن البحار كريم وابنة القبطان الفرنسي مجدولين، ومن خلالهما تتفتح قضية وطن.
تمكن الممثل يحيى الفخراني في (المرسى والبحار) من أداء أكثر الشخصيات تركيباً وتعقيداً بسهولة، حتى لو كانت قاسية لا تظهر العاطفة لقرب الناس، أما أداء الممثلة محسنة توفيق فكان فيه فيض من العاطفة لا تختلف عن الكثير من الأمهات العربيات اللواتي يجاهدن في تربية أبنائهن على حساب أنفسهن حتى لو كان الأولاد عاقين، مثل ما واجهته في تربية ابنها كريم الذي يتخلى عنها وعن أحلامها وأحلام والده؛ من أجل عاطفته التي تعمي بصره وبصيرته، فهو الذي تخلى عن أهله ووطنه ليتشرد في بحار الغربة ولا يحصل على مراده العاطفي من الحبيبة الفرنسية، ومع هذا يبقى لديه هاجس الحب الأجنبي بعيداً عن وطنه الأم.
بدأت وتيرة (المرسى والبحار) بطيئة بعض الشيء من خلال الحوارات التي لم تحمل الكثير من المفاجآت في البداية ولكن مع تتابع الحلقات بدأت سلسلة المفاجآت، منها ما كان متوقعاً، خصوصاً في سير العلاقة الرومانسية وموقف الأبوين من تلك العلاقة. أما من ناحية الأحداث التالية فقد كانت غير متوقعة بأسلوب تعاطي البحار العربي مع أسرته وبيئته وانفصاله عنها بسبب عمله.
ويظهر العمل الدرامي (المرسى والبحار) تناقضاً بين الشخصيات فالابن لا يشكل أي صورة عن أبيه بتعلقه بأرضه وحبه المنطقي والتفكير الواعي، أو بين عاطفة أم كريم الجياشة البعيدة عن التعصّب وبين الأم الفرنسية القوية التي أظهرها المسلسل متعصبة، أو كان من ناحية التعاطي القومي للمحيطين، إذ صور النتاقضات المجتمعية جميعها بطريقة قريبة جداً من الواقع.
ولكن في المرحلة اللاحقة من المسلسل جاءت الأحداث المتسارعة كأن هناك فراغاً في مرحلة ما لم تصوّر أسلوب عيش وانتقال الابن كريم العربي من منطقة إلى أخرى، أو أسلوب بحثه عن حبيبته، وضياعه ليحط رحاله على إحدى السفن كساق فيها أو مسؤول عن الخدم، وكان من الواضح أن حضور يحيى الفخراني في دور الابن - بغض النظر عن جدارته التمثيلية - فيه ضعف كبير مختلف عن دوره كأب من ناحية العمر والمرحلة العمرية التي يجب أن يكونها، فيحيى الفخراني كشخصية فنية يستطيع تأدية أي دور مهما كانت صعوبته أو تركيبته، لكن في دور قريب جداً من دور الأب كان فيه نفور اعتبره المشاهد نقصاً في الممثلين المشابهين لشكل الممثل الأب؛ ومن هذا المنطلق قد يضعف المسلسل من الناحية البصرية على الأقل؛ لأن المرحلة العمرية التي لم يأتِ على ذكرها المسلسل بقيت شبه مجهولة ولم يعرف المشاهد إن كان الابن قد تخطى الخامسة والأربعين من عمره كما يظهره المسلسل أي أنه صار بعمر يمكن أن يحدد فيه خياراته ويعرف مسؤولياته، إلا إذا كان لا يزال الطيش مسيطراً عليه، إلى أن تأتي الفتاة الإسبانية المغربية الأصل لتصفعه صفعة عاطفية تعيد إليه وعيه وعاطفته.وحتى تلك الرواية فيها ضعف أيضاً، وكأن حب والديه وحرصهما عليه لم يكفياه ليستعيد نفسه ويفكر في العودة إلى الوطن، أو أن حاجة الأهل لوحيدهما في عجزهما وقبل وفاتهما يحتاج إلى من يذكره به ويوعظه ليتذكر أن حباً كبيراً في انتظاره.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved