Saturday 22nd October,200512077العددالسبت 19 ,رمضان 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "فـن"

رقص الأقحوانةرقص الأقحوانة
وأيُّ غربة تتحدث عنها يا أنزور؟
محمد يحيى القحطاني

لا أكاد أصدق هذا الذي أشاهده وتشاهدونه جميعاً في مسلسل (الحور العين) والذي أعتبره الآن أحد العوامل الرئيسية في (كُره) الآخرين لنا وبُعدهم عَنّا وكأننا شعب جاءَ بتركيبةٍ مختلفة تماماً عن باقي شعوب الأرض.
جميعنا يعلم ما للغربة من تأثير نفسي سلبي على الفرد إن هو غادر الأهل والأصحاب إلى مكان آخر يجد فيه (لقمة عيشه) حتى لمن يتنقلون بين مدن المملكة فما بالكم بمن يغادر وطنه إلى وطن آخر يختلف في بعض تقاليده وأنظمته عما كان عليه في وطنه.
ولكن أن يصوّر لنا نجدة أنزور أن الغربة شيء من عذاب الله في أرضه وأنها تورد أصحابها مواقع السوء فهذا في منتهى التسفيه لعقول الآخرين وظلم صارخ لنا ولهويتنا التي لابد للقادم من خارج حدودنا أن يحترمها كما نفعلُ نحن إن جئنا إليهم زائرين. ولعلكم أيضاً لاحظتم مدى الخوف الذي (رسّخه) المخرج في عيون (جميع) أبطال المسلسل حين يتحدثون عن ظروف أمرتهم بالغربة القاتلة التي أرغمتهم على العيش وسط أسوار عالية من المجمعات السكنية وأن من أجل هذه الغربة اللعينة يجب عليهم الصبر. لاحظتم أيضاً أن جميع من انتسب إلى هذا المجتمع من المغتربين قالوا كلمة (غربة) وكأنها مقصودة ولم تأتِ في سياق النص والسيناريو وأقول جميعهم لأن جميع أبطال المسلسل قالوها وأتحدى من يُثبت عكس ما أقول ولعلّ البعض يعلمون تلك الرسائل التي يحاول نجدة أنزور إسقاطها على المشاهدين في جميع أعماله حتى أضحت إحدى سماته التي تميزه حين كان يروج لإسقاطاته في أعماله الفانتازية. نجدة أنزور (جانبه) الصواب في هذا المسلسل الذي هو بلا شك جعله في موقف لا يُحسدُ عليه خاصة أمام مواقف السخط التي يسجلها المجتمع هنا كل يومٍ. وقبيل شهر رمضان جمعتني بالمخرج أنزور مكالمة هاتفية كان وسيطها الزميل العزيز عبد الكريم العفنان مراسل الصحيفة في دمشق والذي أجرى حواراً مطولاً معه وكان بادياً على نجدة الخوف من ردة الفعل لدى مختلف الأوساط هنا ولم يساورني الشك أن خوفه كان نتيجة لما فعل بل كنت اعتقده خوفاً من بعض التيارات التي هاجمته بسبب مسمى المسلسل ولكني الآن فطنت لماذا خاف وأبدى قلقه. وأعود لموضوع الغربة التي أرتكز عليها اليوم في مقالي لأنها صورتنا بشكلٍ مخجلٍ بل وغارق في السوء وتقمصوا جميعاً دور مشاهد من خارج المملكة وتابعوا حلقة من هذا المسلسل لتجدوا ما يجعل المملكة بلداً لا يمكن لمغتربٍ العودة إليه مرة أخرى وأنها كما صوّر المسلسل ومخرجه مجرد حضارة إسمنتية لا تملك العقول القيادية وأنها تنتظر الوافدين القادمين من جميع الدول المجاورة كي يديروا عجلة البناء فيها وما نحن إلا إرهابيون أو باحثي متعة للزواج بل ولم يكن لنا موقع على خارطة مسلسله إلا في مواقع ضيقة جداً من وقت حلقات مسلسله بل وجاءت مشوهة وعلى استحياء.
أعلم جيداً ما أقول وما أود الوصول إليه بأن نجدة أنزور كرّر وبجدارة هذه المرة (فشله) معنا كسعوديين وارتكز علينا في عمله هذا كي يمارس (كعادته) سياسة الأرض المحروقة وهو الذي تفوق كثيراً فيها ولعلّ الشواهد كثيرة وتعرفونها ولا أرمي عليه اللوم أبداً بل على من سمح له بالإساءة.
ليست الغربة يا نجدة هي ناراً نكوي بها قلوبُ القادمينَ إلينا من مختلف البلدان وليتكَ ومعكَ كاتب القصة دخلتم في مجتمعنا لتعرفوا (جيداً) كيف ينغمسُ فينا إخواننا المغتربون وهم بالملايين وكيف نتمازج معهم بكل حب وتقدير.
ليتك يا نجدة شاهدت وكتاب قصتك هذه لمسلسلك هذا شركاتنا ومؤسساتنا وجامعاتنا ومدارسنا لتعلم ويعلم غيرك ممن يظن مخطئاً أننا شعب اتكالي وتنظر إلى قياداتنا فيها تمهر ببصماتها عناوين النجاح وبعقولها مسيرة التنمية. نجدة أنزور ما هو إلا شاهد آخر وليس أخيراً على عقدة الأجنبي الناجح الأفضل منّا في كل شيءٍ لبعض الناس بل وأنه لا تستقيم مسيرتنا وحراكنا إلا بهم ولم يعلموا أننا بخير ما داموا بعيدين عن ظهرانينا. نجدة أنزور فشل وبعمد معنا للمرة الثانية ولا أستبعد أبداً أن يُمارس فشله هذا في مكان آخر متى ما أتيحت له الفرصة وهو الذي انتهى منذ مدة ليست بالقصيرة ولم يعد له مكان في خارطة الفن الجميل. وقبل الختام أود أن أهمس للإخوة الممثلين السعوديين الذين شاركوا في (الحور العين) لأقول لهم ليتكم قرأتم النص كاملاً ولم تكتفوا بما يخصكم فقط كي يكون قراركم صائباً حين تعتذرون.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved