Saturday 22nd October,200512077العددالسبت 19 ,رمضان 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "مقـالات"

الثورة الصناعية وقضايا البيئةالثورة الصناعية وقضايا البيئة
أ.د. عبدالرزاق بن حمود الزهراني*

كان يوم الجمعة الحادي عشر من رمضان المبارك هو يوم البيئة العالمي. وهو يوم يجب أن يحظى بمزيد من الاهتمام من وسائل الإعلام، ومن مؤسسات التعليم، ومن مؤسسات المجتمع المختلفة. ذلك أن اليبئة هي المحيط الذي يعيش فيه المجتمع، ويعتمد عليه في توفير احتياجاته المختلفة. فمدينة مثل الرياض يقطنها حوالي خمسة ملايين نسمة، يجب أن يكون للبيئة فيها القدح المعلى من الاهتمام العام. فالنظافة بمفهومها العام يجب أن تسود، وتشمل نظافة الشارع ونظافة المنزل والمدرسة والمسجد وجميع المؤسسات الأخرى، وتشمل نظافة السلوك، ونظافة اللسان، ونظافة الأداء. إن ما تنفثه عوادم السيارات، وما ترسله صهاريج الصرف الصحي، وما ينبعث من طفح المجاري، ومن النفايات من روائح تعتبر منغصات للعيش، وعوامل خطر مستمر على الصحة. ولقد كثر استخدام الآلة في حياتنا المعاصرة بطريقة لم يسبق لها مثيل في التاريخ، فالتغيرات الأساسية في حياة الإنسان ظلت محددة ومعروفة لقرون طويلة، وظلت الحضارات تعتمد بشكل أساسي على جهد الإنسان والحيوان في النقل والبناء والزراعة وغير ذلك من جوانب الحياة. ولكن باختراع الآلة وتقدم الصناعات استطاع الإنسان خلال القرنين الماضيين أن يقفز قفزات سريعة وفاعلة في تغيير نمط حياته، وفي التحكم في بيئته، وفي الظروف المحيطة به. فأعداد السكان بدأت تتزايد بصورة لم يسبق لها مثيل في التاريخ، وذلك أتى بقدرة الله سبحانه وتعالى ثم تهيأ للبشر من وسائل طبية وعلاجية وتعليمية ومعيشية. وما تهيأ لهم من أدوات وآلات اختصرت لهم الجهد والوقت، وقربت المسافات. وتزايد تبعاً لذلك استهلاك المواد الخام، والموارد الطبيعية، وزادت الهجرات بين الأقاليم، وإلى المدن، وقفزت تلك المؤشرات إلى أعلى مستويات لها في القرن العشرين. ويشكل اختراع الآلة نقلة كبرى في حياة البشر أثرت على جميع أنظمة الحياة من اقتصادية، وأسرية، وسياسية، وعسكرية، وبيئية. وزادت مساحات وميادين التفاعل بين المجتمعات والشعوب في ميدان الاقتصاد والتعليم والآداب وغير ذلك من جوانب الحياة المختلفة. ولقد كانت الآلة ولا تزال سلاحاً ذا حدين، فهي من جهة أفادت الناس، وهيأت لهم سبلاً للراحة والعيش الكريم لم تكن معروفة من قبل، فقربت المسافات بين أجزاء الأرض، وتقدمت وسائل المواصلات والاتصالات بطريقة جعلت الفرق شبه معدوم بين هنا وهناك، حيث تنقل هنا إلى هناك، وهناك إلى هنا، وتحول العالم من قرية إلى شاشة فضية، يرى الإنسان من خلالها ما يدور في الكون، ويرى الأحداث حية على الهواء. ووفرت الآلة الجهد والوقت وجعلت الاستفادة من الموارد الطبيعية أكثر فعالية وسرعة ويسر، وساعدت على استصلاح الأراضي الزراعية، وتوسيع مساحاتها، وريها. وفوائد الآلة في حياة الإنسان كثيرة ومتفرعة ذكرنا بعضاً منها على سبيل المثال لا الحصر، ولكن لم تخل تلك الفوائد من ثمن باهظ وتكاليف مضاعفة على الإنسان نفسه وعلى البيئة الطبيعية التي يعيش فيها، فكانت سبباً لتلوث الماء والتربة والهواء، وكانت سبباً في انتشار الكثير من الأمراض المستعصية، ووصلت أضرارها إلى حد الكوارث الجسيمة في بعض المواقع من العالم مثل كارثة انفجار مفاعل تشرنوبل، وتحطم ناقلة النفط على سواحل ألاسكا، وانفجار مصنع الكيماويات التابع لشركة (يونين كاربايد) في الهند.
وخلاصة القول إن الآلة كانت من أهم الوسائل التي ابتكرها الإنسان في التحكم في البيئة ولكنها تختلف عما سبقها من خطوات في أن لها كثيراً من السلبيات على البيئة والكائنات الحية، بما في ذلك الإنسان نفسه.

* رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية لعلم الاجتماع والخدمة الاجتماعية
فاكس: 012283689

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved