Saturday 22nd October,200512077العددالسبت 19 ,رمضان 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "مقـالات"

المنشودالمنشود
إنفلونزا الطيور ودجاجنا!!
رقية سليمان الهويريني

تسعى الدول - بما فيها بلادنا العزيزة - لاتخاذ إجراءات تمنع وصول فيروس إنفلونزا الطيور إلى حدودها فضلاً عن حملات الاستنفار بما فيها التطعيم ضد هذا المرض القاتل، ووقف الاستيراد من الطيور والدواجن في الدول التي سجلت فيها إصابات بهذا الوباء.. ومما يزيد من حدة الأمر وخطورته هجرة الطيور إلى الغابات والسدود والمسطحات المائية عبر القارات مما يجعل احتمالية انتقال المرض واردة.
ولعل كثيراً منا شاهد أعداداً هائلة من الدجاج تحرق في عدة دول - وهي حية - في محاولة لوقف انتشار هذا المرض الخطير، مع العلم أن جميع الأديان تنهى عن إيذاء الحيوانات وبالأخص ديننا الإسلامي الذي دعا إلى عدم تعذيب الحيوان، وفي توجيهٍ للرسول صلى الله عليه وسلم قال: (فليحد شفرته وليرح ذبيحته).
إننا إزاء أمر خطير، أخطر من المرض ذاته، فقد تجاوزنا الحد في استهلاك الطيور ومنها الدجاج، فحين تدخل أحد الأسواق الكبيرة أو الصغيرة تجد أمامك جميع أصناف الدجاج المحلي والمستورد القادم من فرنسا والبرازيل بل والهند ودول شرق آسيا! فهذه جوانح، وتلك أفخاذ وهذه صدور بل لعلك تتخيل (دجاجة بأربع أرجل)! وأغلب الوجبات إن لم تكن الأطباق لا بد وأن يكون أحد مكوناتها (لحم الدجاج)، وهذا الإسراف في أكل الدجاج اجتراء على الطبيعة التي خلقها الله، إذ قال: {وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ}. أفلا ترون أن هذا المرض وانتشاره وعدم السيطرة عليه عقوبة من الله عز وجل بتجاوز الحد؟
إن الطريقة التي تنتج فيها كميات هائلة من الدجاج استعداداً لتصديرها أو ضخها في الأسواق لتجعل المرء يخجل بل ويخاف، فالصوص الصغير يوضع في أكنان ضيقة لا يكاد يتحرك فيه، ويسلط عليه الضوء 24 ساعة متواصلة ويوضع أمامه الأكل كأسلوب للتغذية الإجبارية ويحقن بالهرمونات والمضادات الحيوية مما ينتج عنها سرعة بالنمو وزيادة الوزن! أي أنه خلال واحد وعشرين يوماً - تزيد أو تنقص - يكون الدجاج جاهزاً للذبح والتقطيع والحفظ والتعليب والتغليف والتجميد والتخزين وبعدها التسويق ومن ثم الاستهلاك.
إن الدورة القصيرة التي تعيشها الدجاجة في مكان ضيق غير مهيأ للعيش لا يجعل الإنفلونزا فقط تنتشر، بل وتنتشر معها أمراض أخرى، إذ ذكر أحد العمال في شركة إنتاج دجاج لاحم أن بعض الدجاج ينقضُّ على بعضه، ويكاد يأكله مما يجعل القائمين على أمور الدجاج يلجؤون إلى قص منقار الدجاجة منعاً لها من الاعتداء على زميلاتها!!
حقاً.. إلى أين نحن ذاهبون؟! وهل لا بد من وجبة الدجاج اليومية سواء كانت ناجت أو سجق أو شاورما أو برجر، ناهيك عن المفروم، والأوصال والكباب والمندي والمظبي وغالبها - بلا شك - يحمل الكثير من الدهون والسموم.
حقاً لم لا نعود للطبيعة ونأكل مما تنتجه الأرض من خضار وفواكه وحبوب.. واللحوم وإن كانت تعد مصدراً قيماً للبروتين إلا أننا لو جعلنا لها موسماً كموسم عيد الأضحى لكان أفضل، إذ نختار ما يُنتج لدينا دون الحاجة للاستيراد وإلقاء النفس في التهلكة.
إنني هنا أهيب بالأطباء والعارفين أن يبينوا للناس خطورة الإسراف في أكل اللحوم وبالأخص لحوم الدجاج وما تحمله من هرمونات ضارة أحالت أجساد شبابنا الذكور لإناث، وحولت بناتنا إلى فتيات بلحى وشوارب، حيث الشعر الزائد ينتشر في الوجه في سابقة لم نعهدها في الأجيال الماضية.
كما أدعو أصحاب مشروعات الدواجن أن يراعوا الله في تجارتهم ويهتموا بصحة أفراد الأمة، فلا يتجاوزوا الحدود المسموح بها باستخدام المضادات والهرمونات وليجعلوا الدجاج يسرح في الهواء الطلق ويستمتع بالإضاءة الطبيعية ويستريح في الليل بل ويغفو باكراً كالمعهود فيه، وما يضرب فيه المثل في النوم الباكر، مع ضرورة إيجاد مختبر للتشخيص البيطري داخل كل مشروع.
أليس مرض إنفلونزا الطيور صرخة في وجه حضارة عبثت في السنن الإلهية؟! ومعلوم أن التغيير في السنن يقود إلى عواقب وخيمة، منها ظهور أمراضٍ لم تكن معروفة مع صعوبة اكتشاف لقاح لها.. فهل نعتبر؟ أم نظل سادرين؟!

ص. ب 260564 الرياض 11342

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved