تعقيباً على ما ينشر من مواضيع في الجزيرة تتعلق بصحة المواطن والمقيم في بلادنا أقول من هذا المنطلق نستطيع أن نتحدث وبكل أمانة عن بعض النقاط في الجانب الصحي ومن هذه النقاط مثلاً نظام المواعيد في مستشفياتنا الحكومية ففكرة نظام المواعيد في مستشفياتنا فكرة لا أحد يستطيع أن ينكر بأنها فكرة حضارية ورائعة ولكنها وبكل صراحة لم تطبق بالشكل المطلوب وكما يجب فهي أي هذه الفكرة وهذا النظام أحياناً كثيرة تقف حجر عثرة أمام ذلك المريض المسكين والمغلوب على أمره وتمنعه من تحقيق هدفه المنشود وهو البحث والوصول إلى العلاج المناسب في المكان المناسب بأسرع الطرق وأسهلها إليه. فلك أن تتخيل بأنك إنسان مريض وتعاني وذهبت وأنت يحدوك أمل أن تتلقى رعاية طبية مثلى بعد أن تحولت من أحد المراكز الصحية لهذا الغرض فتفاجأ بدل أن تدخل على الطبيب مباشرة لتشخيص حالتك، بأنك ترسل إلى مكتب المواعيد لكي تعطى موعداً للدخول على الطبيب بعد أسبوع أو شهر وربما سنة كاملة في بعض المستشفيات عندها يسقط في يديك ولا تستطيع أن تفعل شيئاً إلا الامتثال أو تجبر على الذهاب لأحد المستشفيات الخاصة التي بالتأكيد ستبحث أولاً عن كيفية معالجة جيبك قبل معالجة روحك وجسمك ولكنك للأسف مجبر على ذلك ولا مفر، إذاً فأنت تهرب من الرمضاء إلى النار وقد تستفيد وقد لا تستفيد. موظف المواعيد إنسان مغلوب على أمره ينفذ اللوائح وأنظمة وقوانين أعطيت له وطلب منه تنفيذها، ولكن للحقيقة هل موظف المواعيد الذي لا يحمل من التخصص الطبي أي شيء يذكر أقول هل لهذا الموظف الحق في تقدير حالة المريض والتكفل بإعطائه موعداً للدخول على الطبيب بعد فترة قد تطول وقد تقصر حسب سجلات المواعيد الموجودة لديه، والمشكلة أن المريض والمراجع يظنان أن ذلك الموظف هو الذي يتحكم به وبدخوله على الطبيب من عدمه وبالمدة التي يعطيها له. لا أعتقد أن هذا الأمر من اختصاص موظف المواعيد ولكنه للأسف أُقحم في هذا الموضوع إقحاماً بالرغم من أنه لا ناقة له ولا جمل في ذلك ولن يناله إلا الإحراج من المريض عندما يقول له راجعنا بعد سنة، إذن من المسؤول عن تحديد الموعد المناسب لرؤية المريض حسب حالته، بالتأكيد هو الطبيب نفسه أقصد بكلامي هذا هو أن يدخل المريض على الطبيب لأول وهلة عند قدومه للمستشفى وبعد فتح الملف الطبي له عندها يقابله الطبيب المختص وهو الذي يستطيع أن يقول له متى يعود للمراجعة القادمة بعد الفحص الأول طبعاً بعدها يذهب المريض إلى مكتب المواعيد ويسجل موعده بكل ارتياح لو عملت هذه النقطة لن نواجه بعدها أي مشكلة مع المريض ولن ندخل في أي صعوبات مع المريض لماذا؟ لأن المريض لا يثق بأي شخص مهما كان سوى الطبيب المعالج حتى لو كان موعده بعد أشهر عدة منذ دخوله على الطبيب في بداية الأمر صدقوني سيرضى المهم هو أن يراه الطبيب في البدء ويطمئنه على وضعه الصحي وهنا تتحقق فائدتان وهما إرضاء المريض نفسياً وراحته ومن ثم إرضاؤه علاجياً عندها ستنبسط الأمور ويهون كل شيء ولكن أن يصدم المريض ولأول وهلة وقبل أن يرى الطبيب أو حتى العيادة بأن يعطى موعداً بعيداً جداً فهذا لن يرضيه أبداً وبالتالي سيوقع بعض الموظفين في حرج كبير ويدخلهم في أمور أخرى هم بالتأكيد في غنى عنها. سيقول البعض لو طبق هذا الشيء فسيكون هناك ضغط وازدحام لا مثيل له وهذا كلام ليس صحيحاً البتة، فالمراكز الصحية خدمت المستشفيات كثيراً وجعلت على عاتقها الشيء الكثير وهذا هو الهدف من إنشائها وقد أخذت النصيب الأكبر من المراجعين وهي لا تحول إلا الحالات التي لا تستطيع علاجها لديها وهي حالات ليست بالكثيرة التي تتصورها، ناهيك عن أن الكثير من المرضى الذين لديهم مواعيد سابقة لدى المستشفى لا يأتون وقد تصل نسبتهم إلى 30% أو 40% فبعضهم انتقل إلى مدينة أخرى والبعض ذهب يلتمس الشفاء في مكان آخر لطول الموعد، وآخرون كان لديهم ظروف في ذلك العام أجبرتهم على عدم المجيء والبعض نسي موعده وآخرون شفاهم المولى أو انتقلوا إلى رحمة الله تعالى دون الحاجة إلى الموعد. كل هؤلاء الناس لا يحضرون في مواعيدهم إذن أين الازدحام وأين الضغط الحاصل في العيادات كما يقال ولكنها أعذار ومبررات واهية قبل أن نعرف نظام المواعيد كانت الأمور تسير على خير ما يرام ولم نسمع مريضاً يشتكي أما الآن فقد أصبحت الشكوى من كل شيء ومن الجميع من فئة واحدة فقط هي الفئة التي خدمها نظام المواعيد وفرحت به كثيراً وهذه الفئة الأطباء والطبيبات ومن يعمل معهم داخل العيادات من ممرضين وممرضات وفنيين، فالطبيب لا يرى إلا عدداً محدداً من المرضى المسجلين لديه في بيان المواعيد، فالطبيب يمكن أن يرى 30 إلى 35 حالة في الفترتين ويمكن أيضاً أن يرى 3-5 حالات فقط في الفترتين وذلك كما أسلفت حسب حضور المرضى، وعندما تتحدث مع الطبيب بذلك الخصوص يبرر ذلك بأن لديه بياناً بالمواعيد وليس ذنبه في أنهم لم يأتوا وهذا شيء حقه كما يدعي. إن المريض عادة لا يستمر لدى الطبيب أكثر من خمس عشرة دقيقة إلا بعض الحالات الاستثنائية وهذه قليلة ومرضى التخصصات المختلفة قليل وبإمكان الطبيب أن يرى الجميع ومن ثم يستطيع أن يحدد لهم المواعيد هو كيفما تقتضي حالة كل مريض هذا هو ما يجب أن يعمل به في اعتقادي فأنا لا أطالب وغيري بإلغاء المواعيد إطلاقاً، لكننا نطالب بأن يرانا في البداية وبعدها أعطونا مواعيد كيفما شئتم كل حسب حالته المرضية. * أحياناً يأتي المريض محولاً من المركز الصحي وبيده تحويل كتب فيه حالة مستعجلة من قبل طبيب المركز فيذهب إلى الإسعاف فيقوم طبيب الإسعاف بالمستشفى بإخباره بأنه ليس حالة مستعجلة وعليه الذهاب إلى مكتب المواعيد لأخذ موعد للعيادات والدخول على الطبيب المختص فيفاجأ المريض عند مكتب المواعيد بأن عليه أن يعود بعد ثلاثة أو أربعة أيام وربما أسبوع للدخول على الطبيب فيخبرهم بأنه لا يستطيع الانتظار حتى ذلك الحين لأن حالته لا تتحمل ذلك فيخبر بأن العيادة المحول إليها مزدحمة بالمرضى ولا يمكنه الدخول ومقابلة الطبيب إلا في الموعد المعطى إليه عندما يخرج المراجع لا يلوي على شيء فإما أن يذهب ويبحث عن واسطة لعل وعسى وإما أن يذهب إلى مستشفى خاص أو ينتظر موعده على مرارة. ولكن سؤالي من المسؤول عن ذلك، هل هو طبيب المركز الصحي، أو طبيب الإسعاف، أو مكتب المواعيد؟ علماً بأن هناك أشخاصاً كثيرين لا يستطيعون دفع فاتورة المستشفى الخاص وكذلك شراء الدواء. * أحزن على المرأة الحامل عندما تذهب إلى المستشفى لتتابع مراحل حملها هناك وبدلاً من أن تجد طبيبة حوامل تفاجأ بطبيب رجل كيف سيكون حالها وحال زوجها هل ترضى بالواقع أم لا تدخل تحت مبدأ الضرورات تبيح المحظورات وتدس رأسها في الرمل وتتغاضى وتكشف أم أنها ترفض الكشف وهذا حق من حقوقها طالما سيكشف عليها رجل، ما العمل؟ أين تذهب؟ هل تلد في المنزل وتتحمل ما وراء ذلك من أخطار عليها وعلى الجنين؟ أم تذهب لأحد المستشفيات الخاصة وهي قد تكون غير قادرة تماماً على دفع تكاليف العلاج والمتابعة والولادة وكلنا يعرف كم قيمة أرخص فاتورة للولادة الطبيعية ناهيك عن الولادة المتعسرة والتي تتطلب أحياناً تدخلاً جراحياً. * أشفق على المرأة التي تعاني من أي مرض من أمراض النساء وتذهب إلى المستشفى وهي يحدوها الأمل في تخفيف آلامها ومرضها فلا تجد أخصائية نساء وولادة بل أخصائياً. إذن يجب عليها أن تحذو حذو المرأة الأولى وكل هذه الأشياء يعتذر عنها بطبيعة الحال بدواعي عدم توفر طبيبات حوامل أو نساء وولادة وهذا مبرر غير مقبول إذا عرفت بأن المستوصفات والمستشفيات الخاصة تكتظ بمثل هذه التخصصات من النساء الماهرات. وهنا يبرز سؤال، كيف توفرت مثل هذه التخصصات وبكثرة في المستشفيات الخاصة ولم تتوفر في المستشفيات الحكومية، وكيف توفرت هذه التخصصات في بعض المستشفيات الحكومية ولم تتوفر في الأخرى؟ وربما لو أردت الذهاب إلى المستشفى الذي توجد به هذه التخصصات لن يقبل علاجي بحجة أنها تابعة لمنطقة خدمات ذلك المستشفى. * حال بعض أقسام الإسعاف في بعض المستشفيات سأختصره في أقل الكلمات: شخص يئن من الألم داخل غرفة الكشف في الإسعاف، وشخص ينزف دما خارجها وطبيب واحد. يا ترى من الأولى بالكشف ولماذا؟ هذه هي حال بعض أقسام الإسعاف في بعض المستشفيات. * تنتظر دورك لفترة طويلة بعدها يأتي دورك للدخول على الطبيب وعند دخولك تفاجأ بأن ملفك الطبي غير موجود في العيادة ومفقود والطبيب يرفض أن يراك إلا بوجود الملف الطبي الخاص بك. كيف سيكون الحال؟ ومن هو المسؤول عن ذلك؟ وكيف ستعالج تلك المشكلة؟ * مريض تنتهي جميع إجراءات دخوله للمستشفى (تنويم) لإجراء عملية ما وتوقع جميع أوراقه وقراراته وهو في أمس الحاجة لذلك، فيذهب إلى مكتب الدخول فيفاجأ بأنه ليس هناك سرير إلا بعد ثلاثة أو أربعة أشهر تصوروا؟! والأدهى والأمر من ذلك أن هناك بعض المستشفيات عندما ينتهي المريض من جميع إجراءات الكشف والتحاليل وغير ذلك ولا يبقى سوى دخوله غرفة العمليات يخبرونه أنه ليس لديهم سرير شاغر عليه الذهاب إلى أي مستشفى آخر لربما وجد هناك ضالته المنشودة. إذن هو بدأ من جديد وكأنه لم يفعل شيئاً طوال تلك المدة لأن المستشفى الجديد لن يعترف بكل تلك الكشوفات والتحاليل والإشعاعات السابقة وسيبدأ من نقطة الصفر مرة أخرى. تُرى هل تجد هذه الملاحظات صدراً رحباً لدى معالي الوزير؟ نرجو ذلك. والله من وراء القصد.
مالك ناصر درار - المدينة المنورة |