* جمع وإعداد: غزيل بنت حمد الحربي من المؤكد أن قراءة القرآن في رمضان من أحب الأعمال إلى الله سبحانه وتعالى، والتعود على قراءة القرآن يحتاج إلى تدريب عمليّ في شعبان استعداداً لرمضان. وكان الصحابة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يواظبون على قراءة القرآن والاستعداد للاجتهاد في قراءته في رمضان، يقول أنس بن مالك صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كان المسلمون إذا دخل شعبان انكبوا على المصاحف فقرأوها وأخرجوا زكاة أموالهم تقويةً للضعيف والمسكين على صيام رمضان. وقال أحد السلف: (شعبان شهر القراء)، وشهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن؛ فالذي تعوّد على المحافظة على ورده القرآني قبل رمضان سيحافظ عليه في رمضان؛ فقراءة القرآن في شعبان هي جلاء للقلب من صدأ الشهور الماضية؛ حتى يستنير ويصبح محلاً طيباً لتأثير القرآن بالهدى والتقوى والنور في رمضان، وانشرحت لاستقبال ما تفيض به الآيات من أبعاد نفسية وفكرية واجتماعية: {وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (11)سورة التغابن. ويقول العلامة ابن كثير: (إنه تعالى كما يحيي الأرض بعد موتها، كذلك يحيي القلوب بالإيمان، ويلينها بعد قسوتها من الذنوب والمعاصي). ومن يصاحب القرآن صحبة واعية متأملة متدبرة لا يمكن أن يكون جهولاً ولا ظلوماً ولا متكبراً ولا مخادعاً ولا مبتذلاً ولا كذاباً ولا متملقا ولا بليداً في حسّه وفي علاقاته مع الآخرين. ولا ننسى أن رمضان فرصة الإنسان المؤمن ليخلو إلى نفسه، وليقوم بمراجعة سنوية شاملة لكل أعماله ونشاطاته وأفكاره، ومراجعة النفس من علامات التوفيق والصلاح، وهذه المراجعة حالة خاصة، كل إنسان يمارسها بطريقة وأسلوب خاص، وطبقاً لمرجعية خاصة، لكن تلاوة القرآن وتدبر القرآن تفرض أسلوبها القرآني الذي يتمثل في حكمه وقصصه الجميل. وفي الحديث: (القلوب أوعية، وبعضها أوعى من بعض، فإذا سألتم الله أيها الناس فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة، فإنه لا يستجيب لعبد دعاه عن ظهر قلب غافل). يمر علينا رمضان تلو رمضان وربما ختمنا القرآن كثيراً، وربما كان هم أحدنا متى يصل إلى نهاية السورة ومتى يصل نهاية القرآن؟ ولا شك أن في ذلك أجراً عظيماً؛ فقد كان السلف يكثرون من ختم القرآن في رمضان. ولكن لماذا لا نضع خطة خلال هذا الشهر أن نقرأ القرآن بتدبر ونقف مع آياته بالرجوع إلى كتب التفسير وتقييد الخواطر والفوائد منها؟ كان ابن تيمية - رحمه الله - يقول: (ربما طالعت على الآية الواحدة نحو مائة تفسير! ثم أسأل الله الفهم وأقول يا معلم آدم علمني)؛ فاحرص على أن تحافظ على قراءة القرآن يومياً في رمضان وفي غير رمضان فهذا الكتاب الكريم هو معجزة نبينا الكريم الباقية حتى قيام الساعة.
|