|
انت في
|
الجود والكرم من مكارم الأخلاق التي من تحلى بها أحبه الله وأحبه الناس، وهي دليل المروءة والرجولة والإنسانية الصادقة، كرم النفس بالمال والجاه وبالعلم والوقت وبالنفس والنفيس.
وللجود في رمضان خاصة فوائد منها: شرف الزمان، ومضاعفة أجر العامل فيه. ومنها: إعانة الصائمين والقائمين والذاكرين على طاعتهم. عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا). قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.(5). ومنها: أن الجمع بين الصيام والصدقة من موجبات الجنة، كما في الترمذي من حديث عَلِي رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا تُرَى ظُهُورُهَا مِنْ بُطُونِهَا وَبُطُونُهَا مِنْ ظُهُورِهَا). فَقَامَ أَعْرَابِي فَقَالَ: لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (لِمَنْ أَطَابَ الْكَلاَمَ وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ وَأَدَامَ الصِّيَامَ وَصَلَّى لِلَّهِ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ). ومنها: أن الجمع بين الصيام والصدقة أبلغ في تكفير الخطايا واتقاء جهنم، والمباعدة عنها وخصوصاً إذا ضم إلى ذلك قيام الليل. فالصيام جنة، وفي حديث معاذ رضي الله عنه: (أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ الصَّوْمُ جُنَّةٌ وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ وَصَلاَةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ)، يعني أن يطفئ الخطيئة أيضاً، وقد صرح بذلك في رواية الإمام أحمد. وفي الحديث الصحيح عَنْ عَدِي بْنَ حَاتِمٍ رضي الله عنه قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ). ومنها: الصدقة تجبر ما في الصوم من خلل فالصيام لا بد أن يقع فيه خلل أو نقص، وتكفير الصيام للذنوب مشروط بالتحفظ مما ينبغي التحفظ منه..كان ابن عمر رضي الله عنهما يصوم ولا يفطر إلا مع المساكين، فإذا منعه أهله عنهم لم يتعش تلك الليلة، وكان إذا جاءه سائل وهو على طعامه أخذ نصيبه من الطعام، وقام فأعطاه للسائل فيرجع وقد أكل أهله ما بقي في الجفنة، فيصبح صائماً ولم يأكل شيئاً، وكان يتصدق بالسكر ويقول: سمعت الله يقول: (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ)(آل عمران:92)، والله يعلم أني أحب السكر. واشتهى بعض الصالحين من السلف طعاماً وكان صائماً؛ فوضع بين يديه عند فطوره، فسمع سائلاً يقول: من يقرض الغني الوفي؟ فقال: عبده المعدم من الحسنات فقام وأخذ الصحفة فخرج بها إليه وبات طاوياً. وجاء سائل إلى الإمام أحمد، فدفع إليه رغيفين كان يعدهما لفطره ثم طوى وأصبح صائماً. وكان الحسن يُطعم إخوانه وهو صائم تطوعاً، ويجلس يروحهم وهم يأكلون.وكان ابن المبارك يطعم إخوانه في السفر الألوان من الحلواء وغيرها وهو صائم. قال الشافعي: أحب للرجل الزيادة بالجود في شهر رمضان، اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ولحاجة الناس فيه إلى مصالحهم، ولتشاغل كثير منهم بالصوم والصلاة عن مكاسبهم، وكذا قال القاضي أبو يعلى وغيره من أصحابنا أيضاً(6). وفي الأثر: (أفضل الأعمال أن تدخل على أخيك المؤمن السرور، أو تقضي عنه ديناً أو تطعمه خبراً)(7). وجاء مرفوعاً وموقوفاً والموقوف أصح: (أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه ديناً أو تطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهراً... الحديث) (8). وفي حديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: (السَّاعي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوِ الْقَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ)(9). وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَال: قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: (بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ، إِذْ رَأَتْهُ بَغِيُّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيل، فَنَزَعَتْ مُوقَهَا فَسَقَتْهُ، فَغُفِرَ لَهَا بِهِ). صحيح البخاري. أو (غُفِرَ لاِمْرَأَةٍ مُومِسَةٍ مَرَّتْ بِكَلْبٍ عَلَى رَأْسِ رَكِيٍّّ يَلْهَثُ، قَالَ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ، فَنَزَعَتْ خُفَّهَا، فَأَوْثَقَتْهُ بِخِمَارِهَا، فَنَزَعَتْ لَهُ مِنَ الْمَاءِ، فَغُفِرَ لَهَا بِذَلِكَ). صحيح البخاري. هذا في كلب، فما ظنك الصائم الطائع لربه، وما ظنك بعظيم المغفرة حتى لمومسة. وعَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ بَيْتِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ كَانَ لَهَا أَجْرُهَا بِمَا أَنْفَقَتْ وَلِزَوْجِهَا أَجْرُهُ بِمَا كَسَبَ، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ، لاَ يَنْقُصُ بَعْضُهُمْ أَجْرَ بَعْضٍ شَيْئًا)(10). وقال الشعبي: من لم ير نفسه إلى ثواب الصدقة أحوج من الفقير إلى صدقته فقد أبطل صدقته وضرب بها وجهه.
عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنهما- قال: لما مات النبي -صلى الله عليه وسلم- جاء أبا بكر مالٌ من قبل العلاء بن الحضرمي، فقال أبو بكر: (من كان له على النبي صلى الله عليه وسلم دين أو كانت له قبله عدة فليأتنا)(11). اللهم تقبل منا صومنا وقيامنا إنك أنت السميع العليم، اللهم اغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم اهدنا إلى سواء السبيل، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم احشرنا مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، اللهم متعنا بالنظر إلى وجهك الكريم، في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين، اللهم وفقنا لصيام رمضان وقيامه، اللهم ارزقنا فيه الخير. (1) رواه الطبراني في الكبير وأبو نعيم في الحلية، والحاكم في المستدرك، والبيهقي في شعب الإيمان عن سهل بن سعد وصححه الألباني في صحيح الجامع 1744. (2) لطائف المعارف ص 173 - 174. (3) رواه البزار بإسناد حسن، والطبراني في الكبير، قاله المنذري وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب رقم 912. (4) لطائف المعارف 175. (5) رواه أحمد في مسنده والترمذي، وابن ماجه، وابن حبان، وصححه الألباني في (صحيح الجامع) رقم (6415). (6) لطائف المعارف، ص 178 - 179 (7) رواه ابن أبي الدنيا في (قضاء الحوائج) والبيهقي في (شعب الإيمان) عن أبي هريرة، وابن عيد عن ابن عمر، وحسنه الألباني في (صحيح الجامع) رقم 1096. (8) رواه ابن أبي الدنيا في (قضاء الحوائج) والطبراني في (الكبير) عن ابن عمر، وحسنه الألباني في (صحيح الجامع)، رقم 176. (9) راوه أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة. (10) رواه البخاري ومسلم واللفظ له وأبو داود وابن ماجه والترمذي والنسائي وابن حبان. (11) أحمد (2-413-414) |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |