ما أكرمك يا رمضان.. جوعك إيمان.. وعطشك غفران.. وسلالك ملئ بما يثقل الميزان.. تعودنا بأبواب مشرعة.. وخزائن بالخير مترعة.. ونرتادك بكواهل مثقلة بالخطايا.. وأجساد عليها من وعثاء الأوزار بقايا.. ما أعظمك يا رمضان.. حين عظمك الرحمن.. وشرفك على كل الشهور بنزول القرآن.. وجعل جود ليلة منك يفوق عقود الزمان.. فمرحا يا شهر البركات.. وتضاعف الحسنات.. لتسكب في خواء النفوس أنفاسك ندية تنتشيها مشارق الروح ومغاربها نفحات من الإيمان.. تجعل المخلوق رهن علاقته بخالقه.. حالة من الصدق الكوني.. تتوهج فيها الفضيلة.. والقيم النبيلة.. فيصبح البخيل منا كريماً.. والعاصي متعبداً.. والظالم طيباً.. والشديد سمحاً.. والقاطع واصلاً.. أتيتنا يا رمضان.. ونحن عطشى.. وأجسادنا تلهث من جور الرزايا.. وثقل الخطايا.. وغفلة القلوب.. أتيتنا يا رمضان.. ومنا الألسنة مثقلة بالغيبة والنميمة.. وأفواه مصرعة للسباب والشتيمة.. وبطون باتت للخبيث مخابئ.. وجيوب اتخمها الترابي.. كما عهدتنا يا رمضان.. نحن بشر لم نتغير.. أفل منا من أفل.. وبقي منا من شقي.. شجر يتشبث بالأرض من أجل البقاء.. ويتلون امتثالاً لتقاليد الفصول.. ربيعه خضرة.. وصيفه صفرة.. وشتاؤه خجول يداهن رياح الخريف بورق حال عليها الحول.. ويبقى شجر.. يخرج الشوك.. ويفلق الزهر.. يحتاج الشمس ويبهجه المطر.. ونحن بشر.. نبتهج بقدومك يا رمضان.. ونتمنى تطول ساعات وليالي اللقاء.. لعلنا نعترف ما يغسل أدراننا.. ويوفي مكيالنا.. ويطهرنا من دنس أهوائنا.. أتيتنا يا شهر الصيام.. ونحن كما نحن.. أمة تتزاحم فيها المآسي والآلام.. دعاة سلام.. والصديق الدّ الخصام.. وفي كل عام.. نحتفي بهزائمنا.. ضجيج حناجر وأزيز أقلام..
|