Monday 3rd October,200512058العددالأثنين 29 ,شعبان 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "محليــات"

دفق قلمدفق قلم
مسكينة دولة اليهود .. مَنْ ينصفها؟
عبدالرحمن صالح العشماوي

ذلك الكائن الهادئ (المسكين) بدا في خطابه في اجتماع الأُمم المتحدة الأخير في أمريكا مسكيناً ضعيفاً بريئاً، يستحقّ الشفقة من العالم بعد أن استحقّها بجدارة من الرئيس الأمريكي ورجال حكومته، ومن رئيس الوزراء البريطاني وحكومته.
كان يتحدَّث بهدوء, وينقل إلى دول العالم مأساته باستجداء، ويتحدَّث عن حرصه على تلبية مطالب ما يسمَّى بالشرعية الدولية مؤكِّداً ذلك بما أطلق عليه (الانسحاب من غزة)، وكان يقول للعالم: أنقذوني وأنقذوا رجالي ودولتي من سطوة الغزاة المحتلِّين الغاصبين لفلسطين، قاصداً بذلك أهل فلسطين الذين احتلُّوا أرضه وأرض قومه منذ آلاف السنين.
شيء اسمه (شارون) قال في بداية خطابه بكلِّ خُبْثٍ ومكر: وصلت إليكم من القدس، عاصمة الشعب اليهودي منذ ثلاثة آلاف سنة، والعاصمة غير المقسَّمة والخالدة لإسرائيل.
قال كلَّ شيء بوضوح، قدَّم نفسه ودولته بثقةٍ وقوَّة في الخطاب، حكم وأوحى ونشر الدِّعاية في خطابه الذي يحمل من الأكاذيب أضعاف ما يحمل من الصِّدق، ولكنّه خطاب مدروس، أعدَّه متخصِّصون يجيدون لغة التخاطب السياسي التي تؤتي ثمارها في مثل هذه اللقاءات.
لقد رسم منذ بداية خطابه صورة ذهنيَّة في عقول الآخرين لمدينة تاريخية مهمّة هي - كما رسم هو - عاصمة الشعب اليهودي.
منذ متى يا سفَّاح صبرا وشاتيلا.
قال: منذ ثلاثة آلاف سنة، إنّها كذبة تاريخية من العيار الثقيل جداً جداً، ولكنّه لا يرى مانعاً من مثل هذه الكذبة ما دام حريصاً على اغتنام فرصة اجتماع دولي عالمي لرسم صورة ذهنيّة. ستنطلي على كثير من الناس، وما دام الإعلام الصهيوني جاهزاً بعد ذلك لنشر هذه الكذبة، وإشعال فتيلها، وفرضها على الناس عبر عشرات القنوات الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئيّة.
إنّ تاريخ منطقة فلسطين يؤكِّد أنّ العرب هم أصحابها الأصليُّون حينما يكون الحساب بآلاف السنين، ولكن أكاذيب هذا الرجل تقول غير ذلك، ولا بأس في ميزانه وميزان إعلامه أن تموت الحقيقة التاريخية وتحيا الأكذوبة اليهودية.
يؤكِّد التاريخ أنَّ القدس لا علاقة لها بإسرائيل، ويؤكِّد عالِم الآثار اليهودي (إسرائيل فنكلستين) أنّ قصة حائط المبكى خرافة يهودية لا أساس لها من الواقع، وأنَّ اسم هذا المكان حائط البراق، وتؤكِّد وقائع الحال أنّ خروج اليهود من غزة الجريحة ليس انسحاباً ولا تلبية لما يُسمَّى بالشرعية الدولية، وإنّما هو إعادة انتشار، وعمل عسكري يهودي بحت يتيح للجيش الصهيوني أن يضرب الفلسطينيين في غزة متى شاء - وقد فعل ذلك -.
أقول: كلّ ذلك يُؤكِّد بوضوح، ولكنّه منسوخ في مذهب شارون وصهاينة الاحتلال في أرض الإسراء والمعراج.
لقد أوحى هذا الرجل إلى العالم بأنّ دولته الغاصبة مسكينة، تحتاج إلى الإنقاذ والشفقة والإنصاف فما أقواه في باطله، وما أضعفنا في حقِّنا.
إشارة:


مَنْ رأى البحر هائجاً وتمادى
دوَّنتْه الأمواج في الهالكينا

www.awfaz.com

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved