سعادة الأستاذ خالد بن حمد المالك رئيس تحرير جريدة الجزيرة الغراء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. إشارة للخبر الصحفي المنشور في جريدتكم الجزيرة في الصفحة الأولى من يوم الأربعاء 17-8-1426هـ الموافق 21-9- 2005م العدد 12046 عن الهبوط الاضطراري لطائرة الإيرباص في مطار الملك خالد الدولي في الرياض. أفيدكم أننا كنا على هذه الرحلة رقم (1925) (إيرباص) المتجهة إلى جيزان والمقرر لها المغادرة الساعة 4.15 بعد عصر يوم الثلاثاء 16-8-1426هـ وأعتبر هذه الرحلة رحلة المفاجآت، فأول مفاجأة، تلقينا رسالة عبر الجوال في وقت مبكر من الصباح أن الرحلة قد تأخرت إلى الساعة الخامسة بعد العصر بدلاً من الموعد المحدد، حيث لم نتعود أن تخبرنا الخطوط السعودية بوقت سابق عن أي تأخير في الإقلاع، وعندما وصلنا إلى المطار وصعدنا إلى الطائرة وتحركت حوالي الساعة الخامسة والنصف وأقلعت - بفضل الله وتوفيقه- وعندما استوت في الجو والارتفاع المقرر وأطفئت إشارة ربط الأحزمة، وبدأ المضيفون بالمرور لتقديم الوجبات الخفيفة لهذه الرحلة- وقد كنا فقط خمسة أشخاص في الدرجة الأولى، أربعة من مسؤولي التحلية والخامس رجل أعمال- وفجأة سمعنا صوت انفجار أو ارتطام أو دوي في أجنحة الطائرة، وحسبنا أن طائراً أو شيئاً صلباً متحركاً اصطدم بالجناح أو بالمحرك أو بجسم الطائرة، ولكننا في علو شاهق ومنطقة تجمد ولا يتصور وجود أحياء طائرة أو أشياء متحركة. ولم يمض إلا برهة ونسمع الارتطام الثاني، وبدأت الطائرة تهتز وتتموج في السماء العالية وتتمايل، وسألنا واستفسرنا من المضيفين عن الحدث إلا أنهم طلبوا منا الصمت والهدوء ليتعرفوا هم على ما حدث، وبعد فترة صمت ظهر صوت قائد الطائرة وأعلن عن وجود خلل فني وطلب منا الهدوء وربط الأحزمة وأصبحت النفوس تضطرب والخوف يدب في قلوبنا وأصبحنا أقرب إلى الشهادة منها إلى شيء آخر، خصوصاً ونحن على ارتفاع عالٍ جداً وابتعدنا عن الرياض لمسافة عشرين دقيقة، إنها لحظات يعلم الله عز وجل كيف قضيناها وكيف مرّت، وكان الله بعباده لطيفاً، ورعتنا عين الله وحفظنا سبحانه من كل مكروه، وبعد برهة ظهر لنا صوت قائد الطائرة مرة أخرى، وأفاد أنه حصل خلل فني في الطائرة وهو تحت السيطرة ومضطر للعودة إلى الرياض ويستغرق الزمن عشرين دقيقة، وللحقيقة والأمانة فقد كان قائداً فذاً وأدار الأزمة بمهنية وحكمة وهدوء ولم يشعرنا بشيء من الخوف أو الهلع أو الاضطراب، وإن كنا كذلك، ولكننا استعنا بالله عز وجل واستغفرنا لذنوبنا ودعونا بأن يحفظ الله الطائرة وركابها ويعيدنا سالمين، وقد منَّ الله علينا بفضله، فقد عادت بعد أقل من خمس عشرة دقيقة، أنزلها الطيار الحكيم الجهبذ بسرعة ولكن باستقرار وتوازن، فلم نشعر كثيراً بالهبوط المفاجئ والسريع إلى الأجواء الدنيا القريبة من الأرض، ولاحت لنا أنوار الرياض، وهبطنا -بحمد الله وبفضله- إلى أرض مطار الملك خالد الدولي في وقت قياسي، وأوقفت الطائرة بعيداً عن المدرجات ولاحظنا وجود سيارات الإطفاء والإسعاف والأمن والسلامة بجوار الطائرة، وكذلك باصات حمل الركاب إلى الصالات وفريق الصيانة الذي بدأ وبسرعة فتح أغطية الجناح الأيسر للطائرة وبدأ في فحصها. وقد عاد الركاب بعد نزولهم بالسلامة والصحة والعافية والطمأنينة إلى صالة الركاب انتظاراً إلى التعليمات الأخرى. وقد أحسنت الخطوط السعودية صنعاً عندما هيأت طائرة أخرى وهي من طراز 777 بوينج، وهذه هي المفاجأة الثانية، أخذت فقط ركاب الطائرة المعطلة إلى جيزان، ولم يتخلف إلا عدد قليل جداً، حسب ما قيل لنا من الركاب، أحدهم رجل الأعمال الذي كان معنا في الدرجة الأولى، ووصلنا جيزان -بحمد الله وسلامته- وواصلنا مهمتنا التي غادرنا من أجلها إلى هناك وقد ازددنا إيماناً واطمئناناً وثقة بأن ما كتب لنا لن يتعدانا وأن الخطوط السعودية لن تتهاون في أمور السلامة وصيانة الطائرات وحماية الركاب. إن المفاجأة الثالثة هي أن قائد الطائرة لم يجازف ويعاند بالمواصلة كما أنه لم يرتبك أو يصيبه الخوف والاضطراب ولم يشعر الركاب بالخطر المحدق بهم وبطائرتهم، كما أنه هبط بها وبسرعة ولكنها سرعة متزنة وقيادة حكيمة. أحببت إحاطتكم بشيء مما حدث ونحمد الله عز وجل على أن كتب لنا عمراً جديداً. وندعو الله بالتوفيق والسلامة لجميع العاملين في الخطوط السعودية على اختلاف مسؤولياتهم لما قاموا ويقومون به من اهتمام وجهد وعناية. مع أطيب تحياتي.
أخوكم المواطن فهيد فهد الشريف محافظ المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة |