المكرم رئيس تحرير صحيفة الجزيرة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد لفت انتباهي كغيري - من قراء الجزيرة - ما سطره يراعُ الأخت الفاضلة: فاطمة العتيبي - وفقنا الله وإياها - في العدد (12030) يوم الاثنين 1 شعبان 1426هـ حيث أوردت خبراً مفاده (أن خمسمائة امرأة بينهن أكاديميات ومثقفات، وربات بيوت وقعن عريضة يطلبن فيها عدة مطالب على رأسها عودة المرأة إلى المنزل).. وقد أبدت الكاتبة تعجبها بسخرية (كما تقول) إذ قالت ما نصه: (فالأكاديميات والمثقفات من أجبرهن على العمل والخروج من المنزل) إلى أن قالت: ليتركن مواقعهن وأعمالهن لمواطنات.. يملكن طاقة وحيوية يساندن عجلة النماء بدلاً من نساء عاملات يحضرن للعمل يرددن أسطوانة مشروخة مليئة بالإحباط والنحيب والبكائيات والادعاء بيقظة الضمير تجاه الزوج والأطفال مع تعطل الضمير ونومه في بحر العسل تجاه العمل والراتب..). أقول وبادئ ذي بدء.. إذا كانت الجزيرة حازت على إعجاب الكثير من القراء لما يطالعونه من كتابات لكتابها المميزين أمثال الأستاذ حمد القاضي، ود. العشماوي، د. محمد أبو بكر، د. البشر، الأستاذ السماري د. آل إبراهيم، وغيرهم. فإن مما يميزها كذلك منبر عزيزتي الجزيرة.. الذي يتيح للقراء التواصل مع كتابهم.. في تعقيبات أو ردود من مبدأ التكامل فيما يخدم الموضوع، ويحقق الحوار. وإذا كنت أشكر الأخت فاطمة على هذا الخبر الذي يسرُ كل باحث عن الحق، فوجود نساء سعوديات يشعرن بمسؤولية المواطنة والنصيحة في الله، ولله.. والتواصي بالحق يسر كل مسلم ومسلمة. بل ويسر كل مواطن - كذلك - يؤمن بحرية الرأي والرأي الآخر. إلا أنني أتعجب من الكاتبة مصادرتها آراء وقناعات النساء الأخريات.. واقول لها: يا أختي فاطمة أنت تكتبين في هذه الصحيفة - المباركة - منذ سنوات.. وللصحيفة قراء - رجالاً ونساء - اشتركوا فيها للاستفادة والاطلاع.. ومع انهم لا يتفقون مع (كل) ما تكتبين أسبوعياً.. إلا أن واحداً منهم ولا منهن لم يصادر حريتك ولم يطالب بمنعك. وإذا كنت تطالبين - مراراً - بحرية الرأي والرأي الآخر.. فلماذا تأتين اليوم وتسخرين من هؤلاء النسوة الصالحات.. وحتى أجيب عن تساؤلاتك. وأبين لك ما تتعجبين منه، فالذي دفع هؤلاء النساء - فيما يظهر لي - لهذه المطالب فلأنهن يشعرن بمسؤولية المواطنة، وأن المؤمن كما أخبر الحبيب - صلى الله عليه وسلم - :( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) رواه البخاري. بل لأنهن يحرصن على سلامة المجتمع فقد أخبر الصادق :( والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر وليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه فتدعونه فلا يستجيب لكم) صحيح الترمذي. وهن بذلك يستجبن لأمر الله سبحانه بقوله {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(104)سورة آل عمران. بل لأنهن يعشن بواجب المواطنة فإنه يعملن بقول الحبيب - صلى الله عليه وسلم - :( مثل القائم على حدود الله والواقع فيها، كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا، ولم نؤذ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن اخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا) رواه البخاري. فهؤلاء النساء أردن نجاة المجتمع وصلاحه. بل إنهن يرغبن في الفلاح والنجاة من الخسارة التي أقسم الرب سبحانه بوقوعها إلا من استثناهم سبحانه في قوله: {وَالْعَصْرِ}(1){إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ}(2){ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}(3) يقول الإمام الشافعي - رحمه الله - ( لو ما أنزل الله على الناس إلا هذه السورة لكفتهم) ويقول ابن باز - رحمه الله - (يقسم الرب أن كل الناس والجن في خسارة إلا من اتصف بأربع صفات: الأولى: الإيمان وهو العمل. الثانية: عملوا الصالحات. الثالثة: تواصوا بالحق، وهو: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. الرابعة: تواصوا بالصبر على ذلك). أ.هـ.
عبد العزيز بن علي العسكر خطيب جامع العذار بالخرج |