* الجزيرة - نادي السيارات: لا تنحصر أبحاث تقنيات «خلايا الوقود» Fuel cells بصانع واحد أو بقارة واحدة، فكبار صانعي السيارات يبحثون عن سبل الانتقال بنظرية معروفة منذ عرضها المحامي «الويلزي وليام غروف» في العام 1839م، إلى تطبيقها بكلفة واقعية والتغلب على العقبات التي تعترض انتشارها على أرض الواقع في مجال صناعة السيارات وذلك لتقديم خدمة ترضي المستهلك وتلبي احتياجاته، وليس فقط في اكتفائها بتوليد التيار الكهربائي من تفاعل الهيدروجين مع الأكسيجين في خلايا الوقود. ومن العقبات التي تواجه شركات إنتاج السيارات، الكلفة ومحدودية مخزون الهيدروجين الممكن ضغطه حتى الآن في سيارة سياحية، مع صعوبات التشغيل تحت درجات حرارة معينة، أو محدودية التلبية والسرعة، ومما يراه المهتمون بهذه التقنية أن تسويق السيارات العاملة بخلايا الوقود قد لا يبدأ على نطاق واسع قبل خمسة إلى عشرة أعوام على أقل تقدير. بدأت شركة جنرال موتورز بإدخال تقنية خلايا الوقود في مجال السيارات قبل ثلاثة أعوام، حيث قامت بعرض نموذج «أوتونومي» Autonomy في ديترويت أوائل العام 2002م واتبعته بصيغته الثانية «هاي واير» Hy-Wire في معرض باريس الدولي خريف السنة ذاتها، لتصل الصيغة الثالثة في حلتها الجديدة والأكثر إقناعاً بكثير، مع نموذج «سيكويل» Sequel والذي عرض أيضاً في معرض ديترويت الدولي للسيارات لهذا العام 2005م.
خلافاً لنماذج خلايا الوقود التي ركزت أبحاثها حتى الآن على تحسين فاعلية تلك التقنية وأدائها وتبسيط ما أمكن تبسيطه لخفض كلفتها، جاء نموذج «أوتونومي» بخطوة إضافية في البحث، لا عن مفهوم جديد لوقود المحرك وحده، بل لبنية السيارة بكاملها، معتمداً قاعدة بسيطة ميكانيكياً وإلكترونياً، ولا تتضمن أكثر من لوح بسيط مع نقاط تثبيت لنظام تعليق ميكانيكي- إلكتروني لكل من العجلات الأربع المجهزة كل منها بمحرك كهربائي دافع. لا يوجد محرك تقليدي ولا علبة تروس ولا محاور أو أنابيب ولا أنظمة ميكانيكية أو هيدروليكية للتوجيه أو الكبح، ولا حتى عادم بالمعنى التقليدي... بل خلايا وقود fuel cells تولد الكهرباء من تفاعل الهيدروجين مع الأوكسجين، وأنظمة إلكترونية تعمل بتلك الطاقة. والأهم من خلايا الوقود ذاتها هو تعبير مفهوم القاعدة التقنية الدراجة، عن رؤية جديدة ومختلفة جذرياً عمّا عرفناه حتى اليوم عن صناعة السيارات واستخداماتها وكلفة اقتنائها في العالمين الصناعي والنامي على حد سواء. فالقاعدة الدرّاجة التي طوّرتها شركة SKF السويدية، تضمنت نقاط توصيل إلكتروني من نقطة مركزية متصلة بأجهزة القيادة الإلكترونية لتشغيل المحركات الكهربائية في العجلات ونظام التوجيه الإلكتروني والكبح الإلكتروني من دون أية توصيلات ميكانيكية أو هيدروليكية. «سيكويل» ظهور نموذج «سيكويل» بمضمونه القريب مما يمكن أن يتقبله مستهلك اليوم من نواحي الأداء والحجم والمساحة خلافاً للكلفة التي تبقى مرتفعة جداً، أضفى على نموذجي «أوتونومي» و«هاي-واير» اللذين سبقاه، صورة بدائية جداً، لشدة الفارق بين ما عرض قبل ثلاثة أعوام فقط، كتقنية واعدة ومثيرة من ناحيتي خلايا الوقود والقاعدة الدراجة «أوتونومي» والتوصيلات الإلكترونية للتحكم بوسائل نقل القيادة والكبح «هاي- واير»، وبين نموذج «سيكويل» الجديد. وهو ما تعمّدت جنرال موتورز إبرازه، حتى بالعودة إلى مقود تقليدي الشكل ولو كان إلكتروني التوصيل كلياً «خلافاً لنموذج أوتونومي الذي ألغي مقوده وحل محله مقبض تتبع السيارة حركة توجيهه يميناً أو يساراً، دفعاً أو ارجاعاً»، وهناك دواستان تقليديتان أيضاً ولو كان الكبح إلكترونياً أيضاً. ويأتي نموذج «سيكويل» في حجم كروسوفر، مثل كاديلاك «إس آر إكس» لكن مركب على أرضية أو قاعدة دراجة وتتضمن ثلاثة خزانات هيدروجين تحت المقصورة الرحبة، مع محرك كهربائي أمامي لدفع العجلتين الأماميتين، ومحرك كهربائي آخر لكل من العجلتين الخلفيتين، وبطارية ليثيوم ليون Lithium Ion مركبة في المؤخرة ومهمتها تخزين الكهرباء المولدة من خلايا الوقود، ومن الطاقة الناتجة عن الكبح أيضاً أو عند تخفيف السرعة. المقصورة والأداء وليس المظهر وحده واقعياً، بل يقنع الأداء أيضاً بقدرة «سيكويل» على السير بمخزون الهيدروجين حتى نحو 480 كلم قبل إعادة ملئه.. وهي خدمة تزيد بنو 60 إلى 80 في المائة عن السيارات الأخرى الاختيارية العاملة حالياً بتقنية خلايا الوقود، مع تلبية بلوغ المائة كلم - ساعة في حدود عشر ثوان، وصولاً إلى سرعة قصوى تصل 145 كلم - ساعة. وتعكس هذه الأرقام قفزة نوعية أخرى عند النظر إلى رحابة مقصورة النموذج المتسعة لخمسة ركاب، والمسطحة الأرضية، مع مقاعد قابلة لتعديل الوضعية، ويمكن توجيه مقعد الركاب الأمامي لمواجهة ركاب المقعد الخلفي القابل للتقديم والتأخير، أو الطي كلياً أو جزئياً لتوسيع مساحة لتحميل الصندوق الخلفي في هيكل لا يقل طوله عن خمسة أمتار، بعرض 1.966 متر وارتفاع 1.7 متر، وقاعدة عجلات مقياسها 3.04 متر، ليصل الوزن الصافي إلى 2170 كغ، ما يعكس أهمية وزن نظام الحركة الحالي بأنظمته المختلفة، على الرغم من استخدام الألومنيوم للبنية الهيكلية والألواح، لتخفيف الوزن تحديداً. وللحصول على الرحابة الداخلية اللافتة، وضعت أنظمة التشغيل ونقل الحركة، والتوجيه والكبح والبطارية في القاعدة الدراجة السفلية، وفي سماكة تبلغ 28 سم، مما يركز الوزن في أدنى مستوى ممكن ويمنح بالتالي درجة ثبات وقلة تمايل تصعب مجاراتها. وتختزن القاعدة السفلية مختلف وسائل التحكم الإلكتروني بالتوجيه والكبح من دون كابلات ميكانيكية أو سوائل وزيوت، وخصوصاً بأقل مقدار ممكن من التوصيلات الميكانيكية، إذ تكتفي وسائل التحكم الإلكتروني بتلقي معلومات إلكترونية لتشغيل وحدة تفعيل الكبح في كل من العجلات، لتخفيف سرعة دوران كل من العجلات، أو وقفها، بالقوة اللازمة، من دون الحاجة إلى أية سوائل هيدروليكية أو أنابيب أو وصلات بين دواسة الوقود ومكابح العجلات، فلا تحتاج لأكثر من السلك الكهربائي الناقل للمعلومات من الدواسة إلى نظام التحكم، لتنضم تعليمات دواسة الكبح إلى المعلومات الأخرى الواصلة عن سرعة السيارة ودرجة انعطافها مثلاً، وسرعة دوران كل من العجلات، لتحديد نسبة كبح كل منها، مع تبديل قوة العزم الواصل إلى العجلة المعنية. المحركات وتوليد التيار الكهربائي تسهل هذه المهمة خصوصاً مع نيل كل من العجلتين الخلفيتين محركها الكهربائي الخاص بها، وقوته 25 كيلوات أي50 كيلوات للمؤخرة، ما يوازي 67 حصاناً، بينما تنال العجلتان الأماميتان محركاً مشتركاً قوته 60 كيلوات ما يوازي 80.4 حصاناً، وبالتالي تكون قوة السيارة 147.5 حصان. وإن بدا رقم القوة متواضعاً قياساً بحجم الكروسوفر وبوزنه، يبقى التذكير بفارق وجوه الأداء بين محرك بنزيني وآخر كهربائي، إذ يتوافر عزم المحرك الكهربائي في المستوى ذاته باستمرار، خلافاً للمحركات الحرارية التي يتبدل عزمها حسب مجال الدوران. ولدى التحدث عن عزم الدوران يبرز الفارق بشدة عند رؤية أرقام «سيكويل»، فعزم دوران محرك كل من العجلتين الخلفيتين 500 نيوتن-متر يعادل عزم محرك بنزيني بثماني اسطوانات وسعة خمسة ليترات، بما يضمن انطلاقة نشطة وتساهم في فاعلية التلبية، ويضاف إليها عزم المحرك الأمامي البالغ 2358 نيوتون-متر، بما يعطي «سيكويل» ما مجموعه 3358 نيوتن-متر جاهزة تحت الطلب، وموزعة باستمرار على العجلات الأربع. من الناحية الكهربائية البحتة، يتضمن نموذج «سيكويل» شبكة عاملة بـ42 فولت في مجالات نقل الحركة ووسائل التحكم الإلكتروني بالتوجيه والكبح والسلوك، و12 فولت للأنظمة السمعية والإنارة الداخلية التي لا تتطلب قدرات موازية لما تتطلبه أنظمة التحكم ونقل الحركة. ولدعم انطلاق السيارة في بعض الحالات، أو لتحسين تلبيتها في بعض عمليات التجاوز تتضمن «سيكيول» بطارية ليثيوم إيون Lithium ion قوتها 65 كيلوات، ووزنها 65 كلغ. وهي موضوعة في المؤخرة للمساهمة في توزيع الوزن مناصفة على المحورين الأمامي والخلفي. وتخزّن البطارية قسماً من الطاقة الناتجة عن تخفيف سرعة السيارة، حيث تستغل دوران العجلات لتحويل الحركة إلى تيار، عدا عن شحن الطاقة في أثناء السير طبعاً، كما هي الحال في بطاريات السيارات. وحدة خلايا الوقود تبلغ قوتها 73 كيلوات، وهي تتلقى الهيدروجين من خزانات ثلاثة مصنوعة من ألياف الكربون المركبة ويبلغ ضغط الهيدروجين فيها 700 بار، إذ يوازي ضعفي ضغط الهيدروجين في نموذج هاي-واير السابق. ويشار إلى أن الهيدروجين ذاته لا يتضمن الطاقة، بل يحملها لتوليدها من تفاعله مع الأوكسجين في وحدة خلايا الوقود. وبحكم إفراز خلايا الوقود ماءً نقياً وحرارة عوضاً عن الانبعاثات الملوثة، تطلب نموذج «سيكيول» أيضاً مواسير عدة للتهوية والتبريد.. ففتحة التبريد الوسطى في المقدمة، مع الفتحات الأخرى الواقعة تحت المصباحين الأماميين، تنقل الهواء إلى ثلاثة مبردات تتولى مهمة سحب الحرارة باستمرار من وحدة خلايا الوقود ومن وسائل التحكم الإلكترونية المختلفة خصوصاً التوجيه والكبح والمحرك الكهربائي الأمامي. أما الفتحة الأخرى المركبة في أعلى غطاء الصندوق الأمامي فهي تتولى وظائف التبريد - التدفئة وتكييف المقصورة. وتضاف إلى مواسير التبريد فتحتان خلفيتان، تحت المصباحين أيضاً، لتبريد المحركين الكهربائيين الخلفيين وبطارية الليثيوم إيون. الإنارة والتجهيزات الأخرى ومن العلامات الأخرى اللافتة في نموذج «سيكيول» نذكر المصابيح العاملة أولاً بتقنية الصمامات الثنائية الباعثة للضوء LED خصوصاً في المقدمة التي تتضمن مصابيحها شرائح زجاجية «راجع الصورة» مصفوفة أمام اللمبات لتكثيف النور، مثلما يلفت السقف أيضاً بفتحته المشكلة من أجزاء عدة متراكبة وتفتح رجوعاً، الواحدة تلو الأخرى. وتستغني لوحة قيادة «سيكيول» عن عدد من العناصر التي توضع تقليدياً في وسط لوحات السيارات، لتقترح نقل معظم وسائل التحكم التي تهم السائق والركاب، إلى أزرار في باب كل منهم، بما في ذلك أزرار التحكم بالنظام السمعي ودرجة الحرارة، ولا سيما أن الأنظمة السمعية المقبلة ستستغني حتى عن أقراص ال«سي دي» أو ال«دي في دي» للاكتفاء بجهاز صغير يمكن نقله في الجعبة، والتي تنتقل ملفاته لاسلكياً بواسطة نظام بلوتوث Bluetooth أو واي فاي Wi-Fi بمجرد دخول حاملها إلى السيارة، أو حتى بواسطة الإنترنت، من البيت أو المكتب إلى السيارة، من دون الحاجة إلى حمل أي وسيط، ويجهّز النموذج أيضاً بوسائل الاتصالات الاخرى مثل الملاحة الإلكترونية والاتصال بمراكز المساعدة بواسطة نظام أونستار المعروف في عدد من موديلات جنرال موتورز، للإرشاد عند الضرورة أو للإبلاغ عن وقوع حادث وإرسال الإسعافات اللازمة حتى لو لم يتمكن السائق أو الركاب من الاتصال، حيث ينشأ الاتصال أوتوماتيكياً بين السيارة والمركز، فور انتفاخ أي من الوسائد الهوائية، ويتحدد موقع السيارة بواسطة جهاز البث المركب فيها والذي يبلغ عن موقع السيارة باستمرار، إما للمساعدة في الطوارئ، أو لتقصي موقعها بدقة في حال سرقتها.
|