Tuesday 30th August,200512024العددالثلاثاء 25 ,رجب 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "الرأي"

في خاطري شيءفي خاطري شيء
دعوة بها الكثير من الغباء
مالك ناصر درار

(اطردوا الكفّار).. هذه هي الجملة التي يقف أمامها في العادة مجرمو (فرق الموت) التي تخطف الأبرياء ثم تقوم بتعصيب أعينهم، ويخرج أحدهم ورقة ليتلو بضع كلمات وجمل قبل أن يباشر وحش قاتل من بينهم بقطع رأس إنسان حي بريء لا حول له ولا قوة ويذبحه كما تذبح النعجة!
ونترك الفعل الذي لا يختلف اثنان من البشر على أنه فعل همجي لا يرتكبه سوى مرضى مهووسين بمشاهدة منظر ذبيح ترتجف أطرافه بعد جز رأسه عن جسده، ونتحدث عن هذه الجملة التي يحرص القتلة على تعليقها خلف ظهورهم.. جملة (اطردوا الكفار).
فأولاً هي ليست (جزيرة العرب) كما يزعمون بل هي المملكة العربية السعودية وبقية دول مجلس التعاون الخليجي واليمن، وهي دول ذات سيادة ودستور وقانون وحدود وحكومات، وليست أرضاً متروكة لقطّاع الطرق والسفاحين وصعاليك عصابات الإجرام كي تعيث فيها فساداً، ومع الأسف الشديد أن بعض الفضائيات العربية اندفعت بجهل خلف هؤلاء الشراذم وأخذت تردد جملة (جزيرة العرب) وكأنه كيان سياسي واحد معترف به دولياً!
وحين يقول هؤلاء السفهاء إنها جزيرة العرب، فإن ذلك يعني أنهم يشملون بمزاعمهم السعودية واليمن وبقية دول مجلس التعاون الخليجي، على اعتبار أن جميع هذه الدول تقع ضمن حدود شبه المنطقة، وهو المصطلح الجغرافي الصحيح والمعترف به دولياً وهذا يعني باختصار أن جهلاء (القاعدة) يقصدون بجملة (جزيرة العرب) كل الدول الخليجية بالإضافة إلى اليمن! وإذا تركنا التفسير اللغوي، وتناولنا المعنى اللفظي لهذه الجملة، فإن هناك خطأ لا يرتكبه حتى أجهل الجهلاء وأقل البشر فهماً، فإذا كان المقصود هو عدم السماح لغير المسلمين بالتواجد في محيط مكة، فإن كلامهم مردود عليهم لأنه لا يوجد غير المسلمين في محيط مكة المكرمة، أما إذا ما فكر هؤلاء بأن اخراج من يطلقون عليهم (الكفار) من المنطقة لأغراض خبيثة ودنيئة في نفوسهم، هو أمر بهذه السذاجة التي يفكرون بها، فإن هذا يعني أن إرهابيي (فرق الموت) في السعودية لا ينظرون إلى الأمر من منظور ديني كما يزعمون بل من منظور دنيوي بحت. فخروج الأجانب من المنطقة يعني تفريغ هذه الدول من كثير من الخبرات والكفاءات والأيدي العاملة الفنية والعاملين في مجالات الخدمات الضرورية، أي بالعربي الفصيح اخراج المعلمين والمدربين وأساتذة الجامعات والمعاهد والمهندسين والأطباء وخبراء الكمبيوتر وخبراء النفط والخبراء الذين يديرون محطات الطاقة الكهربائية ومحطات تحلية المياه والمصانع، أي باختصار يطالبون بايقاف عجلة الحياة في كل أرجاء المنطقة.
دعونا نسأل السؤال التالي: ألا تعني دعوة هؤلاء الهمج (طرد الكفار) أنهم يريدون اعادتنا إلى عصر الإنسان الأول؟ ألا تعني دعوتهم الساذجة أنهم بلغوا الافلاس الفكري وقمة الهمجية والقبح في السلوك؟ ألا تعني أنهم فشلوا في تحقيق أيٍّ من مآربهم في ترويع الدول الآمنة وإذلالها، وأنهم اليوم يسلكون منحى آخر هو ضرب المرافق المدنية والاقتصادية؟
ولو خرج الكفار كما يزعمون من بقية دول ومناطق المنطقة فإن الضرر سينزل بالأبرياء من أبناء هذه الدول، إنها دعوة فيها الكثير من الغباء، ولا تحمل في طياتها ذرة من الذكاء.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved