* الرياض - بندر الرشودي : أشار معالي وزير التربية والتعليم الأستاذ الدكتور عبدالله بن صالح العبيد، إلى أنّ تنوع الملكات البشرية حقيقة وواقع ملموس، يتجسَّد في تفاوت المواهب التي يمنُّ الله بها على من يشاء من عباده، مؤكداً بأنّ صقل هذه المواهب وتنميتها، يبرز الإبداع ويعم الخير في سبيل تأدية المتفوّق البشري لمهامه المطلوبة في خلافة الأرض .. أما في حال إهمال هذه المواهب فأوضح معاليه أنّ ذلك يُعَدُّ تقصيراً، ليس في حق الأبناء الموهوبين فقط، بل في حق المجتمع والأُمّة البشرية ... جاء ذلك خلال تقديم معالي وزير التربية والتعليم لورقة عمل تتناول تجربة المملكة في رعاية الموهوبين والمتفوقين، وذلك في إحدى الجلسات الرئيسة للمؤتمر العلمي العربي الرابع لرعاية الموهوبين والمتفوقين، الذي عُقد في عمان بحضور نخبة من المسؤولين والتربويين والمثقفين. وقد تناول معاليه أربعة محاور رئيسة في استعراضه للتجربة، حيث سلَّط الضوء في البداية على رؤية وأهداف رعاية الموهوبين في المملكة العربية السعودية، مشيراً إلى أنّ رؤية برامج رعاية الموهوبين بالمملكة تتلخّص في العمل على أن تكون برامج نوعية احترافية متميّزة على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي، تقدّم للموهوبين من ذوي القدرات العقلية العالية، رعاية خاصة ومركّزة لتحقيق أعلى قدر من النمو العقلي والعلمي والانفعالي والاجتماعي، بما يحقق الاستثمار الأفضل لقدراتهم لصالح أنفسهم ومجتمعهم. وقال معاليه: إنّ المملكة ممثلة في وزارة التربية والتعليم ومؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله لرعاية الموهوبين، تعمل على تهيئة بيئات تربوية وتعليمية آمنة ومتكاملة ومتطوّرة علمياً وتقنياً لرعاية الموهوبين. ثم تعمّق معاليه في الحديث عن تاريخ رعاية الموهوبين بالمملكة، موضحاً أنّ ذلك يعود لعام 1389هـ 1969م، من خلال إصدار وثيقة سياسة التعليم في المملكة والتي نصّت صراحة على أن رعاية الطلبة الموهوبين واجب وطني تربوي، مستدّلاً بالمادة 192 التي جاء فيها: (ترعى الدولة النابغين رعاية خاصة لتنمية المواهب وتوجيهها وإتاحة الفرصة أمامهم في مجال نبوغهم). والمادة 193 تقول: (تضع الجهات المختصة وسائل اكتشافهم وبرامج الدراسة الخاصة بهم والمزايا التقديرية المشجعة لهم). والمادة 194 التي جاء فيها: (تهيأ للنابغين وسائل البحث العلمي للاستفادة من قدراتهم وتعهُّدهم بالتوجيه الإسلامي). وقال معاليه: على ضوء الوثيقة سعت وزارة التربية في أواخر السبعينات الميلادية إلى اتخاذ تدابير عديدة من شأنها تلبية متطلّبات وحاجات الطلبة الموهوبين والمتفوقين، والتي من أهمها تطوير أنظمة وبرامج في التوجيه والإرشاد الطلابي، ومن ثم النشاط، والتي تنص على أنّ من ضمن أهدافها العمل على اكتشاف مواهب وقدرات الطلاب ورعايتها. وعلى المستوى الاجتماعي تم إنشاء جوائز أمراء المناطق لتكريم المتفوقين. وعلى مستوى التنسيق بين الهيئات العامة في مجال الموهوبين تضافرت في ما بين العام 1410-1416هـ الجهود الرسمية والأكاديمية، وبدعم من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وبالتعاون مع وزارة المعارف والرئاسة العامة لتعليم البنات، تم البدء ببرنامج بحثي متكامل، تمخض عن هذا المشروع البحث الوطني المهم (برنامج الكشف عن الموهوبين ورعايتهم) الذي كان من أهم ثمراته إعداد وتقنين مقاييس في الذكاء والإبداع .. بعد ذلك تم إنشاء مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله لرعاية الموهوبين عام 1420هـ - 1999م، حيث صدرت الموافقة السامية على إنشاء هذه المؤسسة الأهلية التي تهدف إلى اكتشاف الموهوبين من الذكور والإناث ورعايتهم، وقد تشرفت المؤسسة برئاسة ولي العهد السعودي. ثم انتقل معالي الدكتور العبيد إلى المحور الثالث الذي تحدث فيه عن برامج رعاية الموهوبين التي تقدمها الإدارة العامة لرعاية الموهوبين بوزارة التربية ومؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله لرعاية الموهوبين، والتي تجسِّد الاهتمام الكبير الهادف إلى دعم مسيرة الموهوبين والمتفوقين. كما تطرق معاليه إلى النظرة المستقبلية لرعاية الموهوبين بالمملكة، موضحاً بقوله: إننا ما زلنا في بدايات الطريق ولكننا نتطلع إلى آفاقه، حيث نحاول استشعار ما نملكه من مقدرات بشرية ومادية، بأفضل صورة ممكنة وبالمنهج العلمي الصحيح، مؤكداً بقوله: إننا مع وطننا العربي الكبير في مركب واحد، لدينا من الآمال والتطلعات والأهداف والعوامل والهموم المشتركة ما يكفي ليكون حافزاً لتضافر الجهود والعمل معاً وفق منهج مؤسسي علمي رصين. وقال: إنّنا في المملكة لدينا مجموعة من التطلعات والرؤى نأمل في تحقيقها خلال العشر سنوات القادمة بإذنه تعالى تتمثل فيما يلي: 1 - توطين برامج رعاية الموهوبين بأشكالها المختلفة لجميع الفئات العمرية داخل مدارس التعليم العام والتعليم الفني والمهني والتعليم العالي. 2 - تطوير البرامج الإثرائية لتصبح نماذج عالمية متوافقة مع احتياجاتنا الحقيقية وملبية لمتطلبات التنمية لدينا ومتوافقة مع المعايير والكفايات العالمية. 3 - تبنِّي خطة كشف واسعة النطاق لمختلف الفئات العمرية بما في ذلك مرحلة ما قبل المدرسة. 4 - العمل على إنشاء مدارس وأكاديميات للعلوم والرياضيات لرعاية الموهوبين. 5 - العمل على الإعداد الجيد والمتواصل لمعلمي رعاية الموهوبين وتدريبهم على المبادئ الأساسية والتطبيقات والدراسات المتقدمة في مجال رعاية الموهوبين. 6 - نشر التوعية بأساليب التعرف على الموهوبين ورعايتهم في أوساط جميع مؤسسات المجتمع. وفي الختام تمنى معاليه أن يحقق هذا المؤتمر الأهداف المنشودة من إقامته. بعد ذلك فُتح المجال للمداخلات والتساؤلات التي حظيت بتفاعل كبير من قِبل الحضور .. يشار إلى أنّ أعمال المؤتمر اختتمت امس بعدَّة جلسات في مقدمتها، عرض تجربة التفوُّق في مجمع الأمير سلطان للمتفوقين بمدينة بريدة، التي قدمها المدير العام للتربية والتعليم بمنطقة القصيم الأستاذ صالح بن عبدالله التويجري، حيث تناول فيها فكرة المجمع منذ البداية إلى أن تبلور وأصبح ظاهرة تربوية تحتضن الطلاب المتفوقين.
|