Friday 26th August,200512020العددالجمعة 21 ,رجب 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "عزيزتـي الجزيرة"

رد محمد آل الشيخ على الهويمل مثال لأزمة الحوار مع المخالفرد محمد آل الشيخ على الهويمل مثال لأزمة الحوار مع المخالف

المبدأ الذي يجمعنا جميعاً قراءً وكتَّاباً احترام المخالف في الرأي، والحياد عند مناقشة رأيه وفحص طروحاته الثقافية والعلمية، كما أننا كلنا نتفق على نقاش الأفكار والرؤى وتأييدها أو نقدها دون النيل من أصحابها.
وعند قراءتي لمقال الأخ محمد بن عبداللطيف آل الشيخ في (الجزيرة) يوم الثلاثاء 11-7- 1426هـ التي بعنوان (الهويمل.. آخر الديناصورات المعاصرة) وجدت فيها قليلاً من النقد الهادئ وكثيراً من القفز واللطم والصراخ الذي يجرح القارئ المحايد ويؤذي مشاعره أكثر من أن يكسب تأييده وإقناعه.
وسأتناول مقال الأخ لا من حيث ترجيح كفته أو كفة الدكتور حسن الهويمل بل من حيث الأزمة التي لم نتخلص منها بعد في موضوعية النقاش واحترام المخالف، ومناقشة أفكاره بعيداً عن ذاته.. والبعد عن أساليب الإسقاط، وأساليب تلقين القارئ الحكم على رأي المخالف بل وعلى المخالف نفسه، وربما تاريخه العلمي وغير العلمي.
بث الكاتب - وفقه الله - في مقاله عدداً من المبادئ الجميلة، يذكر بها القارئ بين الفينة والأخرى، وكأنه بذلك يوحي للقارئ انه يلتزمها وينطلق منها. ومن تلك الجمل قوله: (وحساسيتنا من النقد، بغض النظر عن موضوعية هذا النقد من عدمها، هي إحدى تشوُّهاتنا الفكرية)
و(رغم غضبه العارم عليّ -سامحه الله-، فأنا لا أشك أن الدكتور الهويمل يحمل نوايا طيبة)، و(وهنا نقطة يجب أن يُدركها بجلاء دكتورنا أمدّ الله في عمره). وحين يحسن الكاتب أي كاتب مقاله بمثل هذه العبارات فليس معنى هذا أنه أهدى لخصمه الحجة ومفاتيح النصر.. كلا، بل أولى دلالات ذلك الثقة بقوة الحجة والرأي، كما أنها تعني الإيمان بإنسانية القارئ واحترام عقليته. وفي النهاية تدل على المستوى المأمول الذي ننشده في أدب الحوار وقبول رأي المخالف، خاصة بين مثقفينا ومن يؤمل فيهم بث روح (الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية).
الغريب أنك تجد في المقال العبارات السابقة الجميلة وتجد فيها مثل (إن مثل هذه القضايا مدار الجوارح تحتاج إلى هدوء وتطارح للفكرة والشواهد والحجج، بالشكل الذي يُثري النقاش، ويضيف إليه، ولا يخرجه من أبعاده الرصينة) وغيرها من عبارات الرشد، والرقي في مجال الحوار. وكنت أتمنى أن تسود تلك العبارة الجميلة في مقال الأخ، لكن الهجاء لا يلبث إلا أن يخرج رأسه بين الفينة والأخرى، ومخلفات عبس وذبيان تأبى إلا أن تغالب صبر الكاتب فتشوه بقبحها كل العبارات الجميلة الراقية.
أول ما يصادفك من الهجاء العنوان الصارخ (الهويمل آخر الديناصورات المعاصرة).. ويختم المقال بقوله: (وأرجو أن يتذكّر شيخنا وفقه الله أن سبب انقراض (الديناصورات) يعود إلى أن حجم (رؤوسها) أصغر وبكثير من حجم أجسامها.. وأضيف: وربما حجم أحلامها أيضاً!).
ولا يكاد يترك للقارئ مجالاً كي يفكر في الحجج بل يصرخ مرة أخرى بقوله: (فهو لا يخاطب العقول بقدر ما يحاكي ثقافة (مختلفة) تقوم على العاطفة وتهمش العقل، وليس في قاموسها المعرفي أي معنى للموضوعية). ولك أخي القارئ أن تتأمل في آخر عبارة، انه يقول: وليس في قاموسها المعرفي أي معنى للموضوعية، أعجب والله أن يكون هذا خطاب مثقفينا، اتركوا لنا مجالاً كي نقرأ ثم نحكم، كفى تلقيناً، كفى إقصاءً.

عبدالعزيز محمد الجميلي

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved