الأجندة الاقتصادية أمام الملك عبدالله
د.عبدالعزيز إسماعيل داغستاني

يأتي تسلم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود لمقاليد الحكم في المملكة العربية السعودية في ظل مرحلة تنموية متميزة يمر بها الاقتصاد السعودي، تعيش خلالها البلاد استحقاقات عدة تعطيها نوعاً من الزخم بما أسهمت به إيرادات البترول المتزايدة إثر ارتفاع أسعار البترول ووصولها إلى أرقام قياسية غير مسبوقة، وهو ما انعكس بالضرورة على تقديرات حجم الايرادات العامة للدولة ورفعها، وفق تقارير متخصصة، إلى أكثر من 500 مليار ريال سعودي للعام المالي القادم 1426 - 1427هـ.
ويتزامن هذا التحسن الملحوظ في الايرادات العامة للدولة مع تغيرات هيكلية في الاقتصاد السعودي تجسدت في تطوير نمط منهج التخطيط الاقتصادي المتمثل في خطة التنمية الثامنة (1425 - 1426هـ) - (1429 -1430هـ) من جهة، وانضمام المملكة العربية السعودية لمنظمة التجارة العالمية والمتوقع أن يعلن في شهر ديسمبر 2005م القادم، من جهة أخرى.
هذه الاستحقاقات تشكل في مجملها بنود الأجندة الاقتصادية التي ستطرح أمام الملك عبدالله، وهو الذي عرف بمهندس الاقتصاد السعودي على خلفية اهتماماته بالشأن الاقتصادي التي تُوجت بإنشاء المجلس الاقتصادي الأعلى، الذي يعدُّ نقلة نوعية في آلية العمل الاقتصادي أسهمت في تفعيل العلاقة التكاملية بين قطاعي الاقتصاد السعودي، العام والخاص.
ولعلَّ الأجندة الاقتصادية المطروحة على طاولة الملك عبدالعزيز تتمحور حول ثلاث قضايا رئيسة هي: الدين العام، الفقر، البطالة والتوظيف. ويمكن القول إن انعكاس ارتفاع أسعار البترول على الايرادات العامة للدولة تخلق نوعاً من الطمأنينة حول قدرة الحكومة على مواجهة تحديات هذه المحاور وتعطيها درجة عالية من المرونة في وضع حزمة برامج واستراتيجيات ورؤى عملية لتفعيل موارد الاقتصاد وتمكينه من تجاوز الاختناقات التي يمر بها في هذه المحاور. وهذا يعني بالضرورة استثمار الزيادة في الايرادات العامة للدولة الاستثمار الأمثل الذي يترجم الاستفادة الحقيقية من هذه الزيادة لشرائح المجتمع كافة ولقطاعات الاقتصاد المتعددة، بحيث تكون المحصلة تفاعلا جماعيا يسهم في رفع وتيرة الإنتاج وزيادة فرص التوظيف، وكل ذلك يصب في هدف توسيع دائرة التنمية ويمكّنها من أن تكون تنمية شاملة مستدامة.