Friday 19th August,200512013العددالجمعة 14 ,رجب 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "متابعة "

الفقيد وعظم المصابالفقيد وعظم المصاب
داود بن أحمد الجميل

لم يكن يوم الاثنين 26- 6-1426هـ يوماً عادياً لنا كأبناء لهذا الوطن العربي (قيادة وشعباً) بل ولكافة أفراد الأمة العربية والإسلامية، ذلك اليوم الذي شهد فجعتنا ومصابنا الجلل بوفاة فقيدنا العزيز الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله رحمة واسعة - .
لقد نزل ذلك الخبر الحزين علينا كالصاعقة فطمت آذاننا ودمعت عيوننا ولهجت ألسنتنا بالدعاء و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ }، اللهم اجبرنا في مصيبتنا وأخلفنا خيراً منها، اللهم ثبتنا باليقين وهون علينا المصاب الذي آلم الجميع دون استثناء.
لقد غيَّب الموت والد الجميع وأخ البعيد والقريب ونصير المظلوم وعون المحتاجين بكاه الرجال والنساء والكبير والصغير.
فعندما يحل الموت الذي هو أجل كل حي و الذي يزور دون استئذان يحل معه الحزن ويتكرر في يومه الصفو وتدمع العيون وتبكي القلوب فكيف يكون الحال عندما يكون الفقيد رجل بمقام إمام المسلمين خادم الحرمين الشريفين؟ لقد كان الألم عظيماً والمصاب جلاً اهتزت له الأبدان واقشعرت منه القلوب ولف الحزن الجميع داخل هذه البلاد وخارجها.
إنها نهاية كل حي فأخذته المنون من بيننا.. إلى جنات الخلد بإذن الله وإن كان قد وُوري الثرى فإنها لم ولن تمت مآثره وأياديه البيضاء التي ظلت لأعوام طويلة تعطي القاصي والداني والقريب والغريب على حد سواء امتدت يداه بالخير والدعم في الداخل وشهدت له بلادنا وكل بلاد الدنيا بأجمل وأروع المواقف الإنسانية النبيلة التي تعدت الوصف وعجزت معها ولعظمها كلمات الشكر والثناء ولا عجب في انتهاجه مسلك الإنسانية النبيلة فهو ابن الإسلام وابن عبدالعزيز فمن الكرم وللكرم وعلى الكرم نشأ وترعرع - رحمه الله - .
فأي رجل عظيم ذلك الفهد الذي فقدناه ولم نفقد مآثره وعطاياه وأي رجل عظيم ذلك القائد الذي وقف له الجميع تقديراً واحتراماً وأي رجل عظيم ذلك القائد الذي صنع دولة عظيمة تبوأت الريادة والقيادة في الكثير من جوانب الحياة وأصبحت ذات ثقل سياسي لا يستهان به.
وأي رجل عظيم ذلك الفهد الذي صنع شعباً متماسكاً متعاضداً مع حكومة بلاده لم تستطع تلك المحاولات البائسة أن تفت ذلك التعاضد أو تُخلخله بل زادته قوة وتماسكاً وتكاتفاً وسيظل بإذن الله كذلك رغم محاولات الحاقدين البائسين.
وأي رجل عظيم ذلك الفهد الذي صنع لبلاده نهضة حضارية شهد بها القريب والبعيد في شتى المجالات حتى تفوقت على كثير من بلاد العالم التي سبقتها في هذه المجالات.
وأي رجل عظيم ذلك الفهد القائد السياسي المحنك الذي قاد بلاده بكل حنكة وسياسية جعلتها ذات مكانة مرموقة بين دول العالم بل مركز الثقل السياسي الذي يحظى بالاحترام والتقدير ومهما حاولنا أن نسترسل في تعداد مآثر فقيدنا الغالي فلن نوفيه حقه، وعزاؤنا أن إنجازاته ومآثره ستظل على مدى الزمن شاهداً له - رحمه الله - إمام العالم بما قدمه لوطنه وأمته من إنجازات عظيمة وعطايا سخية يعجز القلم عن حصرها. إن مصابنا أليم بفقيدنا وحزننا عميق لكنها سنة الله في خلقه التي آمنا بها واستسلمنا إليها طائعين مؤمنين بقضاء الله وقدره ولكننا بكينا لفراقه وحزنا لفقده فهو والدنا وقائدنا ورائدنا وباني نهضة بلادنا.
لقد نعاه الجميع من مواطنين ومقيمين ومن داخل بلادنا ومن خارجها وذرفت لفراقه الدموع وتناقل الجميع العزاء والمواساة فيه وألح الجميع بقلوب مخلصة وصادقة بالدعاء لله سبحانه وتعالى أن يتغمد فقيدنا برحمته.
لقد نعاه الخطباء في خطبهم وعدوا مآثره وعطاياه فبكوا وأبكوا الحضور معهم.
ونعاه الكتاب فسطروا المقالات معترفين بقصورهم أن يمنحوه ما يستحق من الثناء اعترافاً له بالجميل على ما قدم.
ونعاه الشعراء فسطروا القصائد بأبلغ العبارات ثناءً أو تقديراً لهذا القائد العظيم وتقديراً لجهوده العظيمة.
ولقد نعاه إخوان لنا من المقيمين بيننا أو من خارج حدود بلادنا مؤكدين مكانته العظيمة من قلوبهم ومعترفين بما بذله وقدق من خدمات جليلة لهم ولبلادهم.
حاول الجميع تعداد مناقبه ومآثره لكنهم ما استطاعوا لأسباب كثيرة أهمها أن ما قدمه من فقيد الجميع يفوق الحصر سواء لبلاده أو لإخوانه المسلمين في أرجاء المعمورة أو لغيرهم من أبناء دول العالم.
إن المشهد في جنازته وتلك الآلاف المؤلفة من المواطنين وغيرهم الذين حرصوا على حضور الصلاة على روح الفقيد حتى ضاقت بهم المساحات والطرقات دليل قاطع على مكانته في قلوب الجميع.
لقد فقدنا قائد مسيرتنا بعد عمر مليء بالإنجازات والتضحيات لأبناء وطنه وأبناء أمته بعد عمر حافل بالجهود والكفاح من أجل رفعة بلاده حتى وضعها من المكانة المرموقة بين دول العالم وإن كان غاب عنا بجسده فلن يغب عنا ذكره وعمله ومآثره وإنجازاته.
سنتذكزه كلما رأينا مشروعاً عملاقاً شيده وإنجازاً حضارياً أقامه؛ سنتذكره كلما عبرنا تلك الطرق العملاقة التي شيدت في عهده بين مدن ومحافظات بلادنا فقربت البعيد واختصرت المسافات وأراحت المسافرين من عناء ومشقة الطرق القديمة.
سنتذكره كلما دلفنا إلى مشروع صحي أو تعليمي او صناعي أو تجاري أو زراعي في بلادنا من تلك المشاريع العملاقة التي تمت في عهده، سنتذكره كلما رأينا ذلك التطور الهائل الذي شهدته مدن ومحافظات بلادنا فأصبحت دوحة حضارية تضاهي كبريات المدن.
سنتذكره كلما رأينا أو زرنا بيت الله الحرام ومسجد رسوله المصطفى عليه الصلاة والسلام اللذين شهدا في عهده الميمون أضخم توسعة على مر التاريخ فسهلت على كل زائر تأدية شعائره الدينية بسهولة ويسر.
وسنتذكره كلما فتحنا كتاب الله الكريم في طباعته الحديثة التي تمت في عهده الميمون من خلال مجمع طباعة المصحف في المدينة المنورة الذي أنشأه وبناهُ.
من خلال ذلك ومن خلال ما لا يستطيع القلم حصره سنتذكره وسيظل ذكره أمامنا على مر العصور.
وإن كنا اعترفنا بعدم إعطائه حقه علينا لأنه بذل من جهده وماله الشيء الكثير فإننا سنظل ندعو له.
اللهم فاجعل له في كل دقيقة من عمره حسنة وفي كل شهر من عمره وكل سنة من عمره حسنه اللهم واجعل له في كل لبنة من مشروع أقامه حسنة وفي كل قطرة ماء هيأها حسنة. وفي كل كلمة في كتابك الكريم حسنة وفي كل خطوة إلى بيتك العتيق حسنة وفي كل خطوة لمسجد رسول الله الكريم صلى الله عليه وسلم حسنة، واجعل له في كل قطرة دواء توفرت حسنة وفي كل شجرة نبتت بدعمه وتشجيعه حسنة.
اللهم وكما وسع على المحتاجين والأرامل والأيتام والمعاقين فوسع له في قبره وافسح له فيه واجعله اللهم مد بصره ونور له فيه واجعله روضة من رياض الجنة.
اللهم وجازه عنا وعن الإسلام والمسلمين خير ما تجزي به عبادك الصالحين واجعله اللهم ممن ينادون يوم القيامة {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ } (46 سورة الحاقة)، اللهم آمين.
ورغم عظم مصابنا وأليم حزننا على فقيدنا - رحمه الله - إلا أن عزاءنا أن ذكراه لن تفارقنا على مدى الزمن فمآثره وإنجازاته ستظل ماثلة أمامنا.
وعزاؤنا أيضاً تلك الملحمة الوطنية التي شهدها العالم أجمع التي تمثلت بالتفافنا حول قيادتنا وأسرتنا الحاكمة في تقديم العزاء في فقيد الجميع وإعلان البيعة والسمع والطاعة والولاء والإخلاص لمليكنا المفدى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله ورعاه - ملكاً للبلاد وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء هذه الملحمة الكبرى التي شارك فيها الجميع دليل تأكيد على استمرار تلك الخصوصية لبلادنا التي منَّ الله بها علينا من فضله وكرمه حيث إن تلاحمنا وتعاضدنا مع حكومتنا ظل وسيظل بمشيئة الله مثالاً يُحتذَى وكلما تكالبت الظروف زادتنا تلاحماً ومهما حاول الحاقدون إحداث الفرقة بيننا زادنا ذلك قوةً وتمسكاً بقيادتنا وتأييداً وتعاضداً معها لما فيه خير ديننا ووطننا وأمتنا.
اللهم وفق قائدنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين وحكومتهما الرشيدة وسدد على طريق الخير خطاهما واحفظ لبلادنا العزيزة أمنها ورخاءها واغفر اللهم لفقيدنا الغالي فهد بن عبدالعزيز وأنزله منازل الصالحين الأبرار إنك سميع مجيب.

(*) إدارة التربية والتعليم بنات في محافظة الزلفي

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved