* القاهرة- مكتب الجزيرة- عتمان أنور- علي فراج: أكد خبراء ومحللون سياسيون أنهم يستبعدون توجيه ضربة عسكرية إلى إيران بسبب ملفها النووي في الوقت الراهن على الأقل، مشيرين إلى أن موقف إيران القانوني سليم فهي لم تخالف اتفاقية منع انتشار السلاح النووي وكل ما فعلته طهران أنها تسعى إلى إنتاج طاقة نووية لأغراض سلمية طبقاً لشروط الاتفاقية الدولية، ونفى الخبراء أن تكون إيران قد حصلت على تقنية صناعة أسلحة نووية في الفترة الماضية، واعتبروا أن ترديد ذلك يعد نوعاً من التصعيد الإعلامي ضد طهران بما يخالف الحقيقة لأن منشآتها النووية مراقبة من قبل وكالة الطاقة الدولية على مدار 24 ساعة. وحذر المحللون السياسيون الغرب من الانزلاق وراء التصعيد الإسرائيلي ضد طهران، وأكدوا أن إسرائيل ستكون أول الخاسرين إذا ضربت إيران. مكاسب إيرانية في البداية يؤكد الدكتور فوزي حماد رئيس هيئة الطاقة الذرية الأسبق أن الرئيس الإيراني أحمدي نجاد يواجه موقفاً صعباً مع الاتحاد الأوروبي، حيث يتهدد بلاده عقوبات قد تفرضها الأمم المتحدة إذا لم تتراجع عن موقفها بإعادة العمل في برنامجها النووي، فقد تقدم الاتحاد الأوروبي ممثلاً في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا بالتفاوض مع إيران للتوصل إلى تعليق نهائي لنشاطاتها النووية مقابل مد إيران بالوقود النووي الخفيف الذي يستخدم للأغراض السلمية وإقامة علاقات سياسية واقتصادية كاملة مع الغرب. كما تلقت إيران أيضاً عرضاً أوروبياً باعتمادها طريق العبور الرئيس للنفط والغاز من آسيا الوسطى في إطار برنامج حوافز لإقناعها بتجميد الملف النووي، وقد قلبت الولايات المتحدة الأمريكية أن تطور إيران برنامجها النووي للأغراض المدنية خلال دعمها للاختراع الأوروبي كحل وسط غير أنها تبدي مخاوفها من احتمال أن تتوصل إيران إلى إنتاج سلاح نووي. وتحرص دائماً على توجيه تهديداتها لإيران بأنها ستعمل بكل السبل لمنعها من امتلاك هذا السلاح وتؤيدها في موقفها إسرائيل التي لا يخفي مسئولوها نياتهم بضرب المنشآت النووية الإيرانية. ويضيف حماد أن موقف إيران الرافض لهذه الاقتراحات، حيث وصفها نجاد بأنها لا قيمة لها، وأنها غير مقبولة ولا تتضمن إشارة للمطلب الرئيس لطهران، والمتعلق أن يكون لها دائرة وقود نووي خاص بها فضلاً عن أنه لم يتم بشكل كافٍ تحديد كل الضمانات، ورغم تفاقم الأزمة فأرى أن مجرد قبول الولايات المتحدة أن تطور إيران برامجها النووية المدنية من خلال الاقتراع الأوروبي كحل وسط قد يكون مكسباً لإيران أن يكون لها برنامج نووي للأغراض المدنية غير أن إيران تريد المزيد من المكاسب. الدكتور محمد السعيد إدريس رئيس تحرير مختارات إيرانية التي تصدر عن مركز الأهرام الإستراتيجي قال إن كل الاحتمالات واردة ولكن الخيار العسكري سيظل القرار الأخير من قبل واشنطن لأن في هذا القرار مخاطر شديدة ليس على الأمريكان وحدهم بل على استقرار منطقة الشرق الأوسط كلها فإيران لديها القدرة على الرد، معرباً عن اعتقاده أن الشعب الأمريكي لن يرضى أن يكون 130 ألف جندي أمريكي في العراق عرضة للخطر إذا ما أقدمت بلادهم على الخيار العسكري ضد طهران، كما أن إسرائيل التي تلعب دوراً خفياً في إشعال الأزمة ليست بعيدة عن اليد الإيرانية الطويلة، فصواريخ شهاب من الممكن جداً أن تصل إلى إسرائيل. وأكد إدريس أن إيران لن تكون لقمة سائغة أمام أمريكا، واعتبر ما قاله الرئيس الأمريكي جورج بوش عن الخيار العسكري يأتي من قبيل ما يسمى التهديد بالردع وليس التهديد الفعلي لأن بوش نفسه يعلم مدى المأزق والمستنقع الذي تعانيه جيوشه في العراق، والذي ألّب عليه المعارضة الأمريكية. وعن سبب التحدي الإيراني الواضح لأمريكا قال إدريس إن إيران لم تصعد ضد الغرب ولكنها لن تتراجع عن خيار وطني تسعى من خلاله إلى امتلاك الطاقة النووية بشكل سلمي لتحقيق نهضة وطنية بدون مخالفة للقانون الدولي هذا حقها. وعن الحديث من أن إيران قد تفاجئ العالم بامتلاك قنبلة نووية أكد إدريس أن هذا تصعيد إعلامي لا أساس له من الصحة فالمنشآت الإيرانية كلها تحت رقابة دولية على مدار 24 ساعة ولم يصدر عن أي من المراقبين الأجانب أن ألمح أن إيران تعتزم الحصول على هذه القنبلة. وأشاد إدريس بالموقف الإيراني الذي لم يضع نفسه في مقارنة بإسرائيل التي تمتلك السلاح النووي ليثبت للعالم كله أنهم لا يسعون إلى امتلاك وإنما يسعون إلى امتلاك الطاقة النووية السلمية لأن امتلاكها سيحقق لطهران تقدماً علمياً وتكنولوجياً كبيراً، وسيحقق لها آفاقاً اقتصادية رحبة ويحولها بالفعل إلى دولة متقدمة. ونفى إدريس أن يكون التصعيد الغربي جاء على خلفية تولي الرئيس أحمدي نجاد رئاسة الجمهورية الإسلامية، وقال إن امتلاك الطاقة النووية السلمية مطلب إيراني وطني وشعبي لا يستطيع أي مسؤول إيراني مهما كانت منزلته التراجع عنه، مشيراً إلى أن الرئيس السابق محمد خاتمي وهو المعروف أنه من الإصلاحيين كان قد استصدر قراراً من مجلس الشورى الإيراني بإنتاج هذه الطاقة. وأكد إدريس أن أوروبا تسعى إلى عرقلة المشروع الإيراني لأنها تريد حرمان طهران من التقدم لضمان السيطرة على قرارها عبر تصدير الطاقة إليها مقابل الحصول على النفط. حق طبيعي الدكتور مصطفى اللباد رئيس تحرير شرق نامة المتخصصة في الشؤون الإيرانية قال إن الخيار العسكري مفتوح ولكن المعطيات الدولية غير مواتية حتى تقدم أمريكا على مثل هذا القرار، أما من ناحية مجلس الأمن فهو لن يستطيع إدانة طهران لأنها لم تخترق الاتفاقية الدولية لحظر الانتشار النووي التي وقعت عليها، مشيراً إلى أن إيران مارست حقها الطبيعي الذي يتيحه القانون الدولي في أحقية الدول الأعضاء في استخدام هذه الطاقة في الأغراض السلمية. ونفى اللباد ما يترد عن امتلاك طهران لقنبلة نووية، وقال: إن هذه شائعات من شأنها إثارة الرأي العالمي ضد إيران، مؤكداً أن المنشآت الإيرانية خاضعة للرقابة الدولية وهى لن تجازف بذلك لأنها تعلم أنه يعرضها للإدانة الدولية وهو ما لن تقدم عليه طهران، وخلص اللباد إلى أن الوقت ما زال مبكراً للحديث عن أزمة طهران لأن المفاوضات سوف تستمر طويلاً ولن تستطيع أمريكا الإقدام على كل عمل عسكري في الوقت الراهن على الأقل. أما الدكتور محمد السعيد عبدالمؤمن أستاذ الدراسات الإيرانية بجامعة عين شمس فيتفق مع ذلك ويؤكد أن موقف إيران القانوني لا غبار عليه إذ إنها لم تنتهك القوانين الدولية، كما أن من حقها أن تسعى إلى استغلال الطاقة النووية في الأعمال السلمية لتنمية مواردها واقتصادها. وأشار عبدالمؤمن إلى أن إسرائيل هي المحرك الفعلي وراء الهجمة الأخيرة على طهران فهي دائماً ما تدفع إلى عرقلة النهضة الإيرانية لأنها تمثل لها هاجساً مفزعاً. واستعبد عبدالمؤمن أيضاً إقدام أمريكا على الخيار العسكري ضد طهران، وقال إن الظروف الدولية غير مواتية لذلك وما زالت أمريكا متورطة في العراق وأفغانستان وأي خطوة لها على طريق استخدام القوة ضد طهران سوف يحيل حياة الأمريكيين إلى فزع في كل مكان خصوصاً في العراق وأفغانستان. السفير عبدالله الأشعل مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون القانونية سابقاً وأستاذ القانون الدولي استبعد قيام الولايات المتحدة الأمريكية بضربة عسكرية ضد طهران وإن كان يرى أن الخيار العسكري ليس مستحيلاً، وأشار إلى أن إيران صعدت من لهجتها في الرد على التهديدات الغربية لأنها تعلم جيداً أن تعمل في إطار اتفاقية منع الانتشار النووي التي وقعت عليها من قبل وأن ما قامت به من تخصيب لليورانيوم لا يعد انتهاكاً لهذه الاتفاقية كما أنها قدمت ما عليها من ضمانات للأسرة الدولية، التي تقضي بعدم تمويل البرنامج النووي السلمي إلى سلاح نووي كما أنها قبلت بالتفتيش على منشآتها النووية من قبل الوكالة الدولية للطاقة. وعن سبب تراجع طهران عن مرونتها المعهودة في التفاوض حول هذه القضية قال الأشعل: إن سبب ذلك أن طهران شعرت بالإهانة من التهديدات الغربية بفرض عقوبات اقتصادية وسياسية عليها إذا لم تستجب لمقترحاتهم كما أن إيران تعلم أن هذه الهجمة الشرسة ضد ملفها النووي سببها أن الغرب يريد كسر الإرداة الإيرانية وجعلها خاضعة للتوجهات الأمريكية وهو ما لن يحدث. وعن خطورة إحالة ملف إيران إلى مجلس الأمن قال الدبلوماسي المصري إن طهران لا تقيم وزناً لذلك لأنها متأكدة تماماً أن هناك دولاً لن تصوت ضدها في مجلس الأمن خصوصاً الصين وروسيا، ليس حباً في إيران ولكن لمصالحها الخاصة، كما أن أوروبا نفسها لن ترضى بالخيار العسكري ضد إيران. وأكد الأشعل أن أمريكا ستكون الخاسرة حتماً إذا ما أقدمت على عمل أحمق تجاه إيران لأنها دولة ليست بهذه السهولة ولعل قول هاشمي رفسنجاني رئيس لجنة تشخيص النظام الإيراني بأن إيران ليست العراق أو ليبيا يدل على مدى ثقتهم في قوتهم على التصدي لأي محاولات عسكرية أمريكية، مشيراً إلى أن إيران تستطيع صد وعرقلة المشروع الإمبراطوري الأمريكي بل وإحالته إلى حلم مستحيل التحقيق لما للإيرانيين من طبيعة تأبى الرضوخ لأحد.
|